الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 23:01

لماذا أقصى نتنياهو يعالون؟/ بقلم: د.هاني العقاد

كل العرب
نُشر: 20/05/16 20:27,  حُتلن: 07:11

د.هاني العقاد في مقاله:

نتنياهو يجهز لشيء كبير يتعلق بمواجهة حماس في غزة ومواجهة الضغط الدولي تجاه تشكيل تعاون دولي واسع لإنهاء الصراع

ليبرمان اصبح جزء من خطة وضعها نتنياهو لإسقاط المبادرة الفرنسية واسقاط أي محاولات اقليمية لتوفير الدعم السياسي لهذه المبادرة

ما اقصاء يعالون عن وزارة الجيش الا لأنه يحاول أن ينأ بالجيش عن خدمة التطرف اليميني وينفذ اجنداته ويحاول أن يوقف تغلغل هذا التطرف داخل الجيش

نتنياهو اراد أن يتخلص من يعالون بطريقته ويبعده عن وزارة الجيش ليس لفشل يعالون في التعامل مع حماس وابو مازن بل لأنه يخشى أن تكون قرارات الجيش يوما من الايام قرارات لا تخدم اليمين المتطرف

يعتقد البعض أن التغير الدراماتيكي في الحكومة الاسرائيلية جاء نتيجة محاولة نتنياهو توسيع حكومته لتشمل وزراء جدد الذي احدث عاصفة سياسية كبيرة في اسرائيل، قد تنعكس اثار تلك العاصفة دوليا اذا ما تم تغير ببرنامج الحكومة وتفويض ليبرمان بكامل الصلاحيات، ليعمل كوزير الامن دون الرجوع الى الكابينت المصغر، وما اقصاء يعالون عن وزارة الجيش الا لأنه يحاول أن ينأ بالجيش عن خدمة التطرف اليميني وينفذ اجنداته ويحاول أن يوقف تغلغل هذا التطرف داخل الجيش بالإضافة الى أن ما حدث يمثل ائتلافا ايدلوجيا اسرائيليا يكتم اصوات البرغماتين في الحكومة، وهذا له اهدافه التي يسعي اليها نتنياهو على المستويين الداخلي والخارجي، وهو ما لا يجعل مثارا للشك أن نتنياهو يجهز لشيء كبير يتعلق بمواجهة حماس في غزة ومواجهة الضغط الدولي تجاه تشكيل تعاون دولي واسع لإنهاء الصراع بقرارات دولية تقر بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 على أن تكون القدس عاصمة للدولتين وهذا ما لا يريده نتنياهو ولا يقبله لأن مخططه الاستيطاني لم يكتمل بعد ومازال في منتصف الطريق.

لا اعتقد أن نتنياهو كان يحاول محاورة هرتسوغ لتشكيل حكومة وحدة اسرائيلية ولا اعتقد أن نتنياهو كان يسعى لتوسيع حكومته واسناد بعض الوزرات لأطراف المعارضة لكن نتنياهو اراد أن يتخلص من يعالون بطريقته ويبعده عن وزارة الجيش ليس لفشل يعالون في التعامل مع حماس وابو مازن بل لأنه يخشى أن تكون قرارات الجيش يوما من الايام قرارات لا تخدم اليمين المتطرف ليبقى مهيمنا على كل شؤون الدولة، ويخشي أن لا يعتد الجيش كثيرا بنصائح ورغبات المستوى السياسي، وفي نفس الوقت لم تستطع قيادة الجيش أن تضع الخطط التي تقضي على الانتفاضة المستمرة منذ اكثر من سبعة شهور بالضفة الغربية ولا تستطع وقف خطر تهديدات المقاومة في غزة التي تسابق الزمن للتجهيز للمعركة القادمة.

نتنياهو يزعم أن يعالون اصبح برغماتيا في هذا الوقت اكثر من اللازم لذلك اعتقد انه اذا ما تولى وزارة الخارجية سيكون لصالح دولة الكيان، وهذا ما اعرب عنه بانه سيطرح على يعالون حقيبة الخارجية بعد الانتهاء من حواراته مع هرتسوع وليبرمان، مهما حاول نتنياهو اصلاح الموقف الداخلي لكن الموقف في اسرائيل كسر لصالح ائتلاف ايدلوجي يعرف نتنياهو فائدته لكل اقطاب الحركة اليمينية المتطرفة في اسرائيل، ويعرف كيف يوظفه لتحقيق تلك الاهداف بغض النظر عن امكانية أن يعقد هذا الائتلاف موقف اسرائيل امام العالم وخاصة أن انظار العالم الآن تتجه نحو المبادرة الفرنسية واعتقد أن اسراع رئيس الوزراء الفرنسي للإعلان عن الثالث من يونيو القادم موعد الاجتماع التشاوري لمجموعة الضغط والمساندة الدولية لحل الصراع.

يعالون استبق نتنياهو بمحاولة تلطيف ما قام به من اقصاء للأخير بإعلانه في مؤتمر صحفي رسمي بانه لا ينوي مغادرة الحياة السياسية والعامة في الدولة وسيبقى رجل دولة يناضل وينافس على قيادة الدولة، وقال انه وجد نفسه مؤخرا يخوض خلافات جديدة حول قضايا اخلاقية ومهنية مع نتنياهو وعدد من اعضاء الكنيست، وهذا يصعب محاولة نتنياهو تبرير للجمهور الاسرائيلي ما حدث وشرح الاسباب الرئيسية وراء اقصاء يعالون واستجلاب ليبرمان لوزارة الدفاع والأمن، هرتسوغ ايضا اغلق الطريق امام نتنياهو بإعلانه عدم رعبته دخول الحكومة فقد قال حرفيا "اما انا او ليبرمان بالحكومة" وهذا يغلق الطريق الآخر أمام نتنياهو لمحاولة تطعيم حكومته بلون من المعارضة، ولم يبقَ امام نتنياهو سوى التوجه الى تسيبي ليفني لمحاولة اغرائها بدخول الحكومة واعتقد أن ليفني كانت قد حسمت امرها مسبقا في هذا الموضوع إبّان تشكيل الحكومة الاسرائيلية السابقة.

إن ما قام به نتنياهو يقصد به ترويع الفلسطينيين في غزة والضفة وخاصة أن ليبرمان اعلن بعد تلقيه عرض نتنياهو واعلانه بقبول هذا العرض انه سيعمل جاهدا لإسقاط حكم حماس في غزة والقضاء على ابو مازن في رام الله، وقد لا نستغرب هذا التصريح لان نتنياهو يدرك أن تلك الخطة المهمة التي لا يستطيع أن ينفذها الا اخرق اسرائيلي يتولى وزارة الجيش ولا تنطبق المواصفات الا على ليبرمان اذا ما اعطيت له الصلاحيات في ذلك، كما أن نتنياهو يقصد احداث صدمة للعالم وخاصة للذين يعتقدون أن احدا يمكنه أن يفرض على اسرائيل حلولًا لا تريدها، وهذا ما يجعلنا نؤكد أن ليبرمان اصبح جزء من خطة وضعها نتنياهو لإسقاط المبادرة الفرنسية واسقاط أي محاولات اقليمية لتوفير الدعم السياسي لهذه المبادرة.

أقصى نتنياهو يعالون وجاء بليبرمان وما اصبح امامنا كفلسطينيين هو الاستعداد للأسوأ لان نتنياهو بدا كمن وضع بيد اخرق بندقية وملأها بالرصاص، فهل من أحد يعتقد أن هذا الاخرق سيعمل بغير ما يغريه في البندقية بإطلاق الرصاص على كل المارة الذين لا يبتسموا له، ام أن هذا الأخرق سيصبح اكثر عقلانية اذا ما حمل البندقية ويلقيها جانيا ويفتح دار ضيافة للفلسطينيين للحديث عن المستقبل وصنع السلام، كل هذا لا بد وأن يكون دافعا لخطة فلسطينية مواجهة للخطة الاسرائيلية المتطرفة والتي تعتبر خطة حرب وتصفية للقضية، تبني هذه الخطة على اساس الوحدة الوطنية وتوحيد التمثيل السياسي الفلسطيني منطلقا لاستراتيجية نضالية شاملة يعمل من خلالها الكل الفلسطيني، وبات علينا عدم الانتظار لنرى ماذا سيفعل هذا الاخرق وبات مهما أن نتوقف عن ركوب موجهة التهديد بالقدرة على منازلة وهزيمة اسرائيل منفردين فالاستعداد للمواجهة والمنازلة بالوحدة ورص الصفوف هي من أهم عوامل الانتصار على الخصم سياسيًا وعسكريًا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة