الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 12:01

هدوء مزعج-الإبداع رصاصة لا تخطئ قلب الملل/بقلم: د.محمود الخطيب

كل العرب
نُشر: 11/05/16 19:33,  حُتلن: 07:56

د.محمود الخطيب في مقاله:

قد تكون الحياة الروتينية اكثر رتابة وأماناً وهدوء! اما بالنسبة لي فإنني لا أستطيع ان أميز بين المقبرة وبين الحياة الروتينية

علينا ان نتجدد باستمرار والا اصبحنا مصدر ملل لأنفسنا قبل ان نكون كذلك لغيرنا، ناهيك عن المشاكل الأخرى التي قد تترتب على الجمود

إن الموت هو إحدى الوسائل لأنهاء الحياة.. فكثير من الناس يعيشون حياة كلها ملل لا تغيير فيها اشبه بحياة من يسكنون القبور.. قد تكون الحياة الروتينية اكثر رتابة وأماناً وهدوء! اما بالنسبة لي فإنني لا أستطيع ان أميز بين المقبرة وبين الحياة الروتينية..

تخيل لو ان هنالك فصلا واحد لقتلنا الملل.. فلنا في الفصول عبرة.. فرغم حبي لفصل الربيع إلا أني أحب كل الفصول ولست أنحاز لأي منها.. وأرى من حكمة الله في تبدل الفصول هو كسر الروتين.. هذا الروتين الذي يسعى كثير منا إلى حشر أنفسهم فيه ظنا أنهم يحققون الراحة في ذلك..

علينا ان نتجدد باستمرار والا اصبحنا مصدر ملل لأنفسنا قبل ان نكون كذلك لغيرنا، ناهيك عن المشاكل الأخرى التي قد تترتب على الجمود.. لذلك يجب علينا ان نبدع باستمرار وان نفكر خارج الصندوق وان نمارس عادات تساعدنا على ان نبدع حين نحتاج الى ان نبدع..

فالتعيس هو الذي يولد مرة واحدة.. فعدد المرات التي يولد فيها الانسان في حياته تتعلق بانفتاحه وعدد التجارب التي يخوضها والمعارف التي يكتسبها.. وفي كل ولادة حياة جديدة.. الموت والولادة هي حالات متكررة في كل يوم تبلغان ذروتهما عندما نأتي للحياة وعندما نفارق الحياة.. فالفراق موت واللقاء ولادة.. والفقد موت والربح ولادة.. في كل يوم تموت فينا أشياء وتحيا فينا أشياء.. فان كان ما ولد اكثر مما مات كان نهارا سعيدا..

فكثير من الناس الذين تجري الحياة كما ارادوا لها يعانون من الملل، فنتمنى ان تجري الرياح كما تشتهي سفننا.. وعندما يحدث ذلك يقتلنا الملل.. فالسفينة لم تصنع لتبقى على الشاطئ بل لتخوض غمار البحار.. فان بقيت على الشاطئ قتل ركابها الملل، وان خاضت غمار البحر واجهت التحديات حتى تصل الى اماكن جميلة وجديدة.. فالطريقة الوحيدة كي تجري الرياح بما تشتهي سفننا هو ان نبقيها على الشاطئ..

اعتقد ان الذين يشتاقون الى الطفولة قد توقفوا عن تعلم أشياء جديدة.. وعن خوض تجارب مثيرة.. وعن التفكير بأمور غير مألوفة.. لقد قتلوا الطفل الذي بداخلهم.. لقد توقفوا عن الشعور بالأشياء لأول مرة .. ان الطفل الذي بداخلي ما زال يعيش حيا يرزق... فلا اشتاق له..

والمغامر والمبادر لن تشعر بالملل معه.. فدائما لديه الجديد والمختلف.. فهو كالطبيعة فيه صيف وشتاء وخريف وربيع وشروق وغروب وصحراء وجنان وسماء وغيوم وأرض وتلال وجبال وانهار وبحار.. فمن يعشق السكون والرتابة سيراه مزعجا! ومن يعشق الحياة سيرى الحياة تتجسد فيه..

من اعتاد الحركة والضجيج سيكون الهدوء والسكون بالنسبة له اكبر ازعاج.. الهدوء ليس اقل إزعاجا من الضوضاء.. فعندما تسير الامور على ما يرام سيزعجك صوتك الداخلي الذين يبحث عن الجديد والتغيير.. فالتنوع والتجديد والغموض والتحديات هي التي تجعل لحياتنا قيمة ومعنى واثارة.
الإبداع رصاصة لا تخطئ قلب الملل.. فعليكم بالإبداع

د.محمود الخطيب - مدرب ومحاضر أكاديمي ومدير معهد نهضتنا

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة