الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 18:01

روسيا البوتينية/ بقلم: فادي قدري أبو بكر

كل العرب
نُشر: 06/03/16 11:01,  حُتلن: 13:09

فادي أبو بكر في مقاله:  

يطمح بوتين إلى تحقيق أمجاد شخصية وأن يسجل اسمه في كتب التاريخ كلينين وستالين وغيرهم وهو يعمل على إعادة بناء روسيا قوية لها مكانتها المعتبرة بين الأمم

الاستراتيجية الروسية يمكن لمسها من خلال تحركاتها الثابتة سياسياً وفن التعامل مع كافة الأطراف واللقاء الروسي السعودي خير مثال على ذلك

طول العمليات العسكرية ليس في مصلحة روسيا فقد يتكرر معها ما حدث مع أمريكا في العراق والاندفاع بكل قوة في سوريا يجب أن يكون مدروساً لأن الاندفاع الكامل قد ينهك روسيا ويغرقها

إذا ما بقت روسيا البوتينية حازمة وقوية وفي نفس الوقت متوازنة فإن الشمس ستشرق من موسكو مؤذنة بانطلاق نظام عالمي جديد على أنقاض النظام الأحادي القطب

تختلف روسيا البوتينية عن أي روسيا سبقتها، ولعل روسيا ستتبوأ مكانة عالية ما بين الأمم وهي بوتينية. تتميز روسيا البوتينية بأنها قوية ومتوازنة .. ليست مغامرة وليست مهادنة أيضاً، حيث أن الثبات سمتها الأساسية، فهي ثابتة في تحركاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، وتلعب بحذر وذكاء في الساحة الدولية.

على المستوى الداخلي، فإن روسيا انتعشت إقتصاديًا، وأعيد رسم المشهد الغوغائي الذي كان الغالب فيها، فروسيا البوتينية اليوم عادت إليها الحزبية والنقابية، وحوربت فيها كل أشكال الفساد والرشوة والبيروقراطية، كما أن بوتين استطاع أن يجعل الاقتصاد الروسي واحداً من أكبر عشر اقتصاديات في العالم.

يطمح بوتين إلى تحقيق أمجاد شخصية، وأن يسجل اسمه في كتب التاريخ كلينين وستالين وغيرهم. وهو يعمل على إعادة بناء روسيا قوية لها مكانتها المعتبرة بين الأمم، إلا أن ما يميز بوتين هو أن سياساته الداخلية تظهر مدى بعد نظره وقراءته للتاريخ والاستفادة من تجارب أسلافه وتجنب الوقوع في نفس أخطائهم.

أما عن طبيعة السياسة الخارجية لروسيا البوتينية، فيمكن التعرف على ملامحها من خلال تتبع المواقف الروسية وطريقة إدارتها للأزمة السورية.

فيما يخص روسيا ومحاربة الإرهاب، فإنها تضرب عصفورين بحجر، فمن جانب هي تنافس أمريكا في هذا المضمار وتقوم باستعراض قوتها العسكرية، منذرة بوجود نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب. ومن جانب آخر يأتي تدخلها في سوريا في إطار محاربة داعش والحركات الاسلاموية، وذلك لتأمين نفسها من أي مخاطر مستقبلية، وتخوفاً من إعادة سيناريو الشيشان الذي أرهقها طويلاً.

الاستراتيجية الروسية يمكن لمسها من خلال تحركاتها الثابتة سياسياً وفن التعامل مع كافة الأطراف، واللقاء الروسي السعودي خير مثال على ذلك، ولكن هذا لا يعني أن روسيا البوتينية مهادنة فتمسكها ببشار الأسد ليس محبةً فيه، وإنما تحدي للغرب وإظهار قوتها أمامهم. و الحزم البوتيني فيما يخص مسألة جزر القرم وأوكرانيا الموالية للغرب هي رسالة مبطنة للغرب مفادها أن روسيا ستعود وبقوة.

روسيا اليوم تقف ما بين التحول والإنفجار، فالساحة السورية إما ستحولها إلى إحدى القوى العظمى في النظام العالمي الجديد، أو تنفجر كما انفجر الإتحاد السوفياتي وتنهار.

طول العمليات العسكرية ليس في مصلحة روسيا فقد يتكرر معها ما حدث مع أمريكا في العراق، والاندفاع بكل قوة في سوريا يجب أن يكون مدروساً لأن الاندفاع الكامل قد ينهك روسيا ويغرقها.

وفقاً لتتبع الخطى الروسية، أتوقع أن روسيا البوتينية ستحاول إنهاء العمليات العسكرية في سوريا قريباً وذلك للحفاظ على التوازن المطلوب سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فالملف السوري بالنسبة لروسيا البوتينية هو مدخلها إلى النظام العالمي الجديد.

إذا ما بقت روسيا البوتينية حازمة وقوية، وفي نفس الوقت متوازنة فإن الشمس ستشرق من موسكو مؤذنة بانطلاق نظام عالمي جديد على أنقاض النظام الأحادي القطب.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة