الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 08:01

صنع الفرص من المشاكل /بقلم:ذوقان كيشان

كل العرب
نُشر: 07/01/16 18:43,  حُتلن: 07:36

ذوقان كيشان في مقاله:

الوصول للمستوى الثاني في التفكير بحاجة إلى ممارسة عملية من خلال أخذ مجموعة من المشاكل الحقيقية والتعامل معها بهذا الأسلوب

 يأتي صاحب المنزل في بداية السنة التاسعة ليطلب منه أن يخلي الشقة، هنا يبدأ التفكير بأن هذه مشكلة، وكارثة ومصيبة، وكيف لذلك الشخص أن يدبر أموره؟ 

تحمل المشاكل في طياتها الكثير من المفردات والمشاعر السلبية والتي تؤثر بشكل واضح على الجوانب النفسية والعملية المتعلقة بحياتنا، بمجرد توصيف وضع ما على أنه مشكلة، نرى أن الأفكار السلبية تبدأ تزحف نحونا لتحد من التفكير النوعي، ولتضعنا في صندوق مغلق، لا نرى منه أبعد من المسافة بين أقدامنا، ولأن المشاكل هي جزء من حياتنا اليومية، لذا يتوجب أن يكون هناك طريقة مختلفة للتعامل معها، ومع مرور الوقت ومع تكرار التجارب سيصبح التعامل مع تلك المشاكل مهارة تتسم بالاحتراف، المنهجية المقترحة في هذا المقال تعتمد على التدرج العمودي في تعريف ما يحدث معنا، والانتقال بين أربعة مستويات.

المستوى الأول (تعريف ما نمر به على أنه مشكلة): هذا هو الوضع الذي نمر به جميعاً عند حدوث مشكلة ما، وهو نتاج العديد من العوامل أهمها التربية، الثقافة، التعليم، غياب النموذج الحقيقي للتحفيز وغير ذلك من العوامل، وعند هذا المستوى، نرى أن المفردات تتسم بالسلبية، وقد يتعطل التفكير عند هذا المستوى، وفي المجمل تكون الحلول غير عقلانية، وتكون أشبه بردات فعل، لنضرب مثلاً يتعلق بشخص يعيش في مدينة ما لمدة ثماني سنوات بالإيجار، ويأتي صاحب المنزل في بداية السنة التاسعة ليطلب منه أن يخلي الشقة، هنا يبدأ التفكير بأن هذه مشكلة، وكارثة ومصيبة، وكيف لذلك الشخص أن يدبر أموره؟ فقد تعود على هذه الشقة، وبرمج حياته على ذلك، وصار له ولأسرته شبكة علاقات وصداقات، ورتب أموره في نظام معين، ولكن حلت الكارثة الآن، ويتوجب عليه ترك الشقة، هذا المستوى من التفكير بالمطلق سوف يؤدي إلى الإحباط والاكتئاب والسوداوية، لأن هذا الشخص مصر في وعيه وتفكيره أنه يمر بمشكلة وأن مصيبة المصائب قد حلت به وبأهله، وعن هذا المستوى لن يخرج بقرارات وتصرفات حكيمة، وسينعكس ذلك على صحته النفسية والجسدية، وسوف يؤثر على علاقاته وتصرفاته مع الآخرين.

المستوى الثاني (تعريف ما نمر به على أنه وضع معين): هذا هو المستوى الثاني من التفكير، وهو تجريد الأشياء من مؤثراتها الخارجية، والتعامل معها على أنها شيء مجرد وبنوع من الحيادية، وهنا سوف تكون المفردات ومنهجية التفكير فيها نوع من الحيادية وفيها نسق عقلاني أفضل من المستوى الأول، وإذا عدنا لمشكلة الشخص الذي سوف يجبر على ترك الشقة خلال فترة قصيرة، فإن التفكير عند هذا المستوى، سوف يفتح له مجاللً أوسع كي لا يقع تحت المؤثرات العاطفية وردات الفعل في التفكير وأخذ القرارات، وقد تفتح له نافذة للتواصل مع شخص يعرفه قد مؤ بتجربة سابقة ومشابهة كي يأخذ منه النصيحة، الوصول للمستوى الثاني في التفكير بحاجة إلى ممارسة عملية من خلال أخذ مجموعة من المشاكل الحقيقية والتعامل معها بهذا الأسلوب، وبعد فترة من الزمن سيكون من السهل لنا الانتقال إلى المستوى الثاني من لحظة حدوث المشكلة.

المستوى الثالث (تعريف ما نمر به على أنه تحدي): هذا هو المستوى الثالث من التفكير، وهو التعامل مع الأشياء على أنها تحديات، وهنا سوف يبدأ التفكير الايجابي بالسيادة على تفكيرنا العام، ويصبح منهجاً فكرياً لنا في كل مناحي الحياة، حيث أن كلمة تحدي تحمل في ثناياها قوة العزيمة والإرادة وعدم اليأس والدافعية من أجل فهم هذا التحدي، وتحليله، والعمل على دراسته من كل الجوانب بطريقة عقلانية بعيدة عن المؤثرات السلبية، وهنا قد نحتاج إلى توظيف مهاراتنا وخبراتنا من أجل التعامل مع التحديات. عند هذا المستوى نعترف أن التحديات هي جزء من الحياة، ونزداد قناعة ويقيناً أن وجود التحديات في حياتنا هي شيء صحي لأننا من خلالها نتعلم عن ذاتنا أكثر، ونكتشف سمات خاصة بنا لمن نكن نعلم عنها في السابق، وعودة إلى مثال المستأجر، سوف يوظف كل خبراته ومهاراته وشبكة علاقاته للتعامل مع هذا التحدي، وسوف يخرج من هذه التجربة بقوة وعزيمة أكبر، وسوف يستفيد من تلك التجربة للحياة المستقبلية بحيث يكون لديه قدرات مميزة في توقع التحديات والتخطيط لها بشكل مسبق وقبل أن تحدث، إن الانتقال لهذا المستوى يحتاج إلى تدريبات وتمرينات حقيقية، يمكن لكل شخص أن يقوم بها وبشكل فردي.

المستوى الرابع (تعريف ما نمر به على أنه فرصة): وهذا هو المستوى المطلوب، والذي يجب العمل عليه ليصبح نهجاً من حياتينا اليومية، بأن نتعمق في فهم المشاكل واشتقاق الفرص منها، فقط تكون المشكلة المتعلقة بتركنا للوظيفة وما يتبعها من انقطاع الدخل وتأثر الحالة المالية الخاصة بنا، فقد تكون بارقة الأمل نحو وظيفة أفضل أو منصب أفضل أو عمل حر أفضل. وهذا هو جوهر التفكير الايجابي فيما يحدث معنا في الحياة من مشاكل وتحديات، لأن النسق العام هو التفكير بالقشور وما تحمله من ظواهر سلبية ناجمة عن وجود المشاكل في حياتنا، ولكن نستطيع أن نستكشف الحكمة والفرصة الناجمة عن حدوث التحدي أو المشكلة، ففي مثال الشخص الذي سيجبر على ترك شقته، قد تكون أمامه فرصة للتفكير الجدي بشراء شقة، والتخطيط لذلك بطريقة ممنهجة، وتوفير ما يهدره من مال في دفع أجرة الشقة المستأجرة، وسيشكر الله على حدوث هذه المشكلة لأنها في النهاية قادته إلى أخذ قرار عقلاني وتعامل معها بطريقة منطقية.
إنه نمط تفكير لم نتعلمه في المدرسة ولا في حياتنا اليومية، حيث يساعدنا على استكشاف الفرص من ثنايا التحديات والمشاكل، ويخلق لدينا طريقة جديدة وغير سلبية للنظر إلى أي مشكلة ستواجهنا في الحياة، وعندها سندرك أن كل ما يحدث في حياتنا هو لحكمة ما، سنتعلم عنها ولو بعد حين.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة