الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 09:02

مرض الحب/ بقلم: أسيل منصور

كل العرب
نُشر: 22/11/15 22:24,  حُتلن: 08:00

كان وضعها صعبا جدا ..أفاقت من نومها على كابوس لم تتذكر تفاصيله سبّب زيادة ملحوظة في معدل نبضات قلبها ..تصببت عرقا وهي لم تعرف الحرّ يوما وكانت تعتبر نفسها من ذوي الدم البارد.. لمست وجنتيها لتجد قطرات من سائل بدا كالماء ولكن حين تذوقته لمست فيه بعض الملوحة..كانت هذه المرة الأولى التي تصادف فيها مثل هذه الأعراض ..لا بدّ أنّي مريضة ..فكّرت بفزع ..يجب أن أعرض نفسي على طبيب وبسرعة قبل فوات الأوان ..نهضت بسرعة ..أنهت استعدادها للخروج خلال ثلاث دقائق وكانت أمام العيادة خلال ثلاث أخرى ..
استقبلها الطبيب بعد دخولها غرفة الانتظار بأربع وثلاثين ثانية ..حسبت مجموع الثواني لكل الرحلة وكانت راضية جدا عن النتيجة ..
-أهلن ..حيّاها الطبيب بابتسامة
-رجاءا دعنا من هذه الاجتماعيات الفارغة ..لا وقت لديّ لذلك ..
اتسعت ابتسامة الطبيب بحِلْم أو هكذا حاول أن يُبدي لها ..ينتظرني يوم طويل بصحبة المرضى اليوم ..قال لنفسه ..
-مِمّ تشكين آنستي ؟
-أحلام سيئة ،دقّات قلب سريعة ، إفرازات بكميات مبالغ بها من الغدة العرقية ، وانهمار سائل مالح الطعم من العينين لم أعهده من قبل .
-هل تقصدين الدموع ؟ قال بملل
- دموع ؟ ولمَ قد أفرز دموعا ؟ قالت باستغراب..
- ربّما كنتِ تبكين ..هل فكرت في ذلك؟
-من المستحيل أن أبكي ..أنت لا تعرفني ..حياتي مبرمجة بشكل كامل ولا يوجد فيها ما قد يُخِلُّ بتوازني ويجعلني أفقد أعصابي وأنهمك بمثل هذا التصرف الطفولي ..
-إذن كيف تفسرين الدموع ؟استطرد الطبيب..
-ربّما كان لديّ ما يسبب ضغط على أعصاب العين أو لربما فاضت الغدد الدمعية لمرض ألمّ بي ..
تنهّد الطبيب ونهض من مكانه وهو يكتم ضحكة
وحاول أن يبدو بكامل الجديّة حين عاين المريضة الغير اعتيادية ..
-متى بدأت الأعراض ؟
-منذ يومين وثلاث ساعات ..
-هل سبق الأعراض حدث غير اعتياديّ ؟
- مثل ماذا ؟
-مثلا أزمة عاطفيّة ..
-ماذا ؟ ماذا تعني ؟ بدأ الخوف يتسرب إلى عقلها
- قد تكونين وقعتِ في الحبّ !
- هل هذا مرض ؟
-نعم ..من أخطر أمراض العصر..
-ماذا يُسبّب هذا المرض ؟ هل من سبيل لعلاجه ؟هل هو معدٍ؟ سألت بهستيريا..
-أعراض المرض تختلف من شخص لآخر ، ولا، لا تقلقي هو غير معدٍ ...لكن للآن لم نجد له علاجا رغم كل المحاولات ..
-وكيف نتأكد أنّي أصبت به ؟ هل هناك من فحوصات ؟
-نعم ..هناك فحص واحد يمكنني إخضاعك له الآن إن وافقت طبعا ..
-حسنا ..لا مشكلة ..
-الفحص عبارة عن سؤال ..
-آه ..أتقصد استمارة أعبئها ؟
-لا ..ليس هناك من استمارات ..إنه فقط سؤال ..
-ما هو ؟
- هل تشتاقين لأحدهم ؟
-لا أفهم السؤال ..
-هل تفتقدين إلى شخص معين ؟هل تحنّين إلى إنسان آخر منفرد عنك ؟ هل تشعرين بالحاجة لأحدهم ؟
غرقت هي بضحكة عالية ..
-ما الأمر ؟ لم تضحكين ؟تكدّر وجهه
- أنا بصحة جيدة إذا وفقا لهذا السؤال ..لا أرى أنّي أعاني من مرض الحبّ ..
كاد الطبيب أن يفقد أعصابه لبرودة مشاعر هذه الشابة ولجهلها العاطفي فأراد أن يكيل لها الصاع صاعين ويهاجمها بضربة تهزّ كيانها وتعيدها إلى صنف البشرية..
اكتسى وجهه بقناع من القلق ..
-أنا آسف جدا ..
-لماذا ؟ لا تأسف ..عليّ أن أشكرك ..أشعر بأني بأفضل حال ..وهذا بفضل حرفيتك ..
-للأسف ..أنت مريضة جدا ..وتحتاجين إلى علاج فعّال ..
حدجته بنظرة لا مبالية ..
-بل أنا بخير ..لا أشكو من شيء..
-بل تشكين ..أصرّ الطبيب
-من ماذا ؟ قالت وهي تتجه نحو الباب ..
-من سوء تغذية قلبية حاد ..
-لا بأس ..هذا للأفضل ..على الأقل لست مريضة بالحب الذي لم يُكتشف له علاج ..فليكن نهارك
مشحونا بالحبّ ..

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة