الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 21:02

الانقسام الفلسطيني والمفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية / بقلم: فادي أبو بكر

كل العرب
نُشر: 07/09/15 15:01,  حُتلن: 08:11

 فادي أبو بكر في مقاله:

دخول حماس في المفاوضات اليوم والتي لا تتضمن سوى انشاء ميناء بحري وحدود ما يسمى "بدولة غزة" هي رسالة مفادها "لا للوحدة الوطنية والمصلحة الحزبية أولاً

أثر الانقسام بشكل واضح على المفاوضات ومسارها وذلك لا يمكن أن يختلف عليه أي مواطن أو سياسي فلسطيني فالانقسام الفلسطيني البغيض أدى شرذمة المجتمع الفلسطيني

حان وقت العمل الجاد فنحن في مرحلة دقيقة بحاجة منا إلى معالجة كل جوانب الضعف الموجودة في منظمة التحرير الفلسطينية والاستراتيجية الفلسطينية عموماً وذلك من أجل الاستمرار في مواجهة الاحتلال 

انطلقت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" عام 1965 كأول حركة تحرر وطنية للثورة المعاصرة المناهضة للعدو الصهيوني الاسرائيلي ، ومن مبادى الحركة الأساسية مبدأ "العمل العسكري يزرع والعمل السياسي يحصد". لا توجد هناك مشكلة في موضوع التفاوض منذ بداية الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي، ولكن يجب ان يكون هناك أرضية للتفاوض. لا ننكر بأن الأوضاع اختلفت بعد تغير الأجواء العربية، انهيار الاتحاد السوفياتي وآخراً الى توقيع اتفاقية اوسلو التي أدت بدورها الى انتقال منظمة التحرير الفلسطينية الى أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية. كل هذه العوامل أدت الى اضعاف قوة منظمة التحرير الفلسطينية وموقفها في عملية المفاوضات.

ناهيك عن الانقلاب الأسود الذي قامت به حركة "حماس" عام 2007 على السلطة الوطنية الفلسطينية لتنفرد بحكمها على قطاع غزة الأمر الذي أدى الى انقسام فلسطيني بغيض امتد حتى يومنا هذا . جاء ذلك بعد فوز حركة المقاومة الاسلامية "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية في بداية عام 2006 ، ولكن تشكيل حركة المقاومة الاسلامية "حماس" ما يسمى بالقوة التنفيذية أدى الى خلق توتر مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، واستمر الخلاف الفتحاوي – الحمساوي على الرغم من المبادرات والوساطات المحلية والعربية ، ففي أيار من العام 2006 أطلقت قيادات الأسرى الفلسطينيين مبادرة أو وثيقة في سبيل المصالحة عرفت ب"وثيقة الأسرى"، وعلى أثرها تم عقد مؤتمر وطني بتاريخ 25/5/2006 ومع ذلك لم تتوقف المناوشات والاشتباكات المسلحة بين فتح وحماس وبقي الانقسام قائماً. وفشلت وساطات قطرية لتهدئة الأوضاع .

دعا الرئيس محمود عباس في كانون الأول من عام 2006 الى عقد انتخابات فلسطينية تشريعية جديدة أملاً في حلا النزاع ، الا أن حماس رفضت الدعوة وانفجرت الأوضاع من جديد. بادر الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز بعدها بدعوة طرفي الخلاف الفلسطيني الى التحاور وتم توقيع ما عرف باتفاق مكة بشهر 2/2007، الا أنه بعد أسابيع قليلة لم تلتزم حماس بالاتفاق ، وقامت بانقلاب عسكري على السلطة الوطنية الفلسطينية وقامت السيطرة على الحكم بغزة وذلك تحديداً بتاريخ 14 حزيران 2007. وكانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير ، فأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس اقالة حكومة اسماعيل هنية وتكليف سلام فياض بتشكيل حكومة جديدة ، فبات هناك حكومة في الضفة وأخرى بغزة . استمر الوضع كذلك حتى عام 2009 تجددت الوساطة بمبادرة مصرية وتم اعداد ما عرف بالورقة المصرية وطرحت في ايلول من العام 2009 ، وبعد أن قامت فتح بتوقيعها ، ماطلت حماس بحجة أنها بحاجة الى مراجعتها الأمر الذي رفضته مصر بشدة ، ما أدى الى تجميد الأمور لفترة طويلة . تجدد الحوار بين الحركتين بعدها في دمشق في التاسع من تشرين الثاني من عام 2010 ولكن لم يحصل أي تقدم . ومع اندلاع الثورات العربية في مطلع العام 2011 ، وقيام مبادرات شبابية فلسطينية تحمل شعارات "الشعب يريد انهاء الانقسام" لم يحصل شيء حتى أيار 2011 حيث وقعت الفصائل الفلسطينية في القاهرة على وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وانهاء الانقسام وذلك بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية "حماس" ، اضافة الى عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، ونبيل العربي وزير خارجية مصر. ومع توقيع الفصائل الفلسطينية على وثيقة المصالحة وبالرغم من الاحتجاجات لانهاء الانقسام الى أن ذلك لم ينفذ على أرض الواقع .وبقت الأمور هكذا حتى تم الاعلان عن استئناف المفاوضات المباشرة مع اسرائيل بشهر تموز من العام 2013.لكن لا يوجد لدى المفاوض موقف قوي ، فحتى الوحدة الوطنية والتي تشكل أبسط عوامل القوة غير متوفرة.

الانقسام أثر بشكل كبير وهذا باعتراف مسؤول الوفد المفاوض الدكتور صائب عريقات ،فهو يرى أن غياب الوحده واستمرار الانقسام يعرقلان قيام الدولة . هذا ان دل فأنه يدل على أن الانقسام يعرقل عملية المفاوضات فما فائدة المفاوضات ان لم يكن هناك اتفاق حول دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف واضحة الحدود والمعالم. في الاتحاد قوة ونحن لا نملك تلك القوة وبالتالي فان المفاوض لا حول له ولا قوة الا بالوحدة والبرنامج الواحد المشترك والمتفق عليه وطنياً .

أثر الانقسام بشكل واضح على المفاوضات ومسارها ، وذلك لا يمكن أن يختلف عليه أي مواطن أو سياسي فلسطيني فالانقسام الفلسطيني البغيض أدى شرذمة المجتمع الفلسطيني ، وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وأظهر طرفين بأيدولوجيات مختلفة ، الأمر الذي أضعف منظمة التحرير الفلسطينية وموقفها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في داخل وخارج الوطن.


ترى اسرائيل في الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني هدية قدمت لها على طبق من فضة ، فهي الأقوى في العملية التفاوضية ليس فقط لقوتها على أرض الواقع بل لأنها تستخدم الانقسام الفلسطيني كأدة للتشكيك من موقف المفاوض الفلسطيني ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية ، فاسرائيل تستغل الانقسام الفلسطيني لافشال المفاوضات بالتشكيك في تمثيل عباس للفلسطينيين ومقدرته على التوقيع على اتفاق سلام في ظل سيطرة حماس على غزة. كما نستدل من بعض الأصوات النقدية في الصحافة الاسرائيلية الى أن الكيان الاسرائيلي بأحزابه اليسارية واليمينة المتطرفة ترى في الانقسام الفلسطيني فرصة لتعزيز موقفها دولياً ولتنال اعتراف عالمي بها وبالقدس كعاصمة لها عن طريق المفاوضات. حيث أنها ترى في المفاوضات فرصة للتقليل من شأن محمود عباس "أبومازن" والتشكيك في قوته كممثل للشعب الفلسطيني ، وهكذا تظن بأنها ستؤدي به الى تنازلات سياسية تكسبها اسرائيل لصالحها محلياً ودولياً.


كانت حركة "حماس" تتخذ عملية المفاوضات كذريعة لعدم اتمام المصالحة الوطنية، واليوم بعد أن أوقفت منظمة التحرير الفلسطينية المفاوضات مع الاحتلال الاسرائيلي ، جاءت حماس بتوني بلير ليتوسط لها مع الاحتلال الإسرائيلي من أجل التهدئة وعقد اتفاق مؤقت بين الطرفين ، ذاك المجرم الذي كان حريصا على تطبيق ملفات الصهاينة وقراراتها بغزو العراق اكثر بالف مرة من قذارة بوش الاب والابن.

إن دخول حماس في المفاوضات اليوم والتي لا تتضمن سوى انشاء ميناء بحري وحدود ما يسمى "بدولة غزة" ، هي رسالة مفادها "لا للوحدة الوطنية ، والمصلحة الحزبية أولاً" ، وهذا ما تؤكده أيضاً تصريحات الزهار القيادي في حماس التي يقول فيها أنه حان الوقت للسيطرة على الضفة الغربية . إن تصريحات كهذه لا تنبىء إلا بمزيد ومزيد من الانقسام و اتساع الجرح الفلسطيني.

مع اقتراب انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني والمؤتمر العام لحركة فتح ، لا بد أن يكون هناك برنامج واضح لا غبار فيه فيما يخص مسألة الانقسام الفلسطيني والمفاوضات مع المحتل الاسرائيلي، بعيداً عن الكلام المعسول الذي نراه مكتوباً في قرارت ومسودات ومحاضر كل مؤتمر وكل مجلس.

حان وقت العمل الجاد ، فنحن في مرحلة دقيقة بحاجة منا إلى معالجة كل جوانب الضعف الموجودة في منظمة التحرير الفلسطينية والاستراتيجية الفلسطينية عموماً وذلك من أجل الاستمرار في مواجهة الاحتلال دون النظر إلى الخلف . فلا يفيد أن نغير الماضي الآن بقدر ما أن نعمل من أجل تغيير المستقبل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة