الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 22:01

لا اتفاق على لجنة الوفاق/ بقلم: د. سامي ميعاري

كل العرب
نُشر: 06/09/15 10:26,  حُتلن: 13:39

د. سامي ميعاري في مقاله:

 لجنة الوفاق ليست صاحبة فكرة القائمة المشتركة فوحدة الأحزاب العربية كانت مطلباً جماهيرياً شعبياً كخيار يلائم المرحلة ويواجه صلف التكتل اليميني المتطرف في الخمس عشرة سنة الماضية، ولكن لجنة الوفاق بلورت القائمة وتمكنت من ذلك

 هذه اللجنة تفتقر إلى النظرة الشمولية والرؤية المتوازنة لأوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأنها عملت على توحيد الأحزاب العربية وليس على توحيد الجماهير والمجتمع العربي وغفلت عن رأي قطاع واسع من مكوناته ومركباته

لجنة الوفاق لا تمتلك شرعية ولا تفويضاً ولا تمثل إلا الذين عملوا فيها والشرعية للجماهير التي تعاني الأمرّيْن في سبيل البقاء والهوية والعيش الكريم

في ضوء انتخابات الكنيست الأخيرة 2015 ظهرت على سطح الأحداث والمشهد السياسي العربي لجنة عُرِفتْ باسم ( لجنة الوفاق) سعت وعملت على التوفيق بين الأحزاب العربية التي خاضت غمار الانتخابات في إطار القائمة المشتركة.
نحن لا نعلم عن هذه اللجنة الكثير: من صاحب فكرتها؟ من أنشأها؟ وما رؤيتها وما هي خطوطها العريضة؟ وما نظامها الداخي؟ وعلى أية رؤية تعمل؟

ومع أنّ عدداً من أعضائها هم من خيرة أصدقائي، ونخبة من عرفت، وأُكِنُّ لهم جُلَّ احترامي، غير أن ذلك لا يقدم إجابات لتساؤلاتنا عن تفاصيل هذه اللجنة. يُحسَب لها أنها تمكنت من حشد القائمة المشتركة، وهذا إنجاز من الناحية المبدئية لا شكّ فيه.

لكن لجنة الوفاق ليست صاحبة فكرة القائمة المشتركة فوحدة الأحزاب العربية كانت مطلباً جماهيرياً شعبياً كخيار يلائم المرحلة ويواجه صلف التكتل اليميني المتطرف في الخمس عشرة سنة الماضية، ولكن لجنة الوفاق بلورت القائمة وتمكنت من ذلك.

لكن هذه اللجنة تفتقر إلى النظرة الشمولية والرؤية المتوازنة لأوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأنها عملت على توحيد الأحزاب العربية وليس على توحيد الجماهير والمجتمع العربي وغفلت عن رأي قطاع واسع من مكوناته ومركباته.
أخفقت عندما تجاهلت 40% من الناخبين العرب الذين قاطعوا الانتخابات، ولم تعمل على جذبهم إلى مربع التأثير الفاعل في مسار الانتخابات وتعزيز الوجود العربي تحت قبة الكنيست، لأنّ لجنة الوفاق صبت جهودها في حقل الأحزاب العربية فقط، وكأن الأحزاب هي المجتمع بأكمله.
إن الوحدة العربية تحتاج لرؤية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متزنة ولائقة بحجم العلاقة بين الجماهير والأرض، ولا يجوز أن تظل الوحدة شعاراً منقوعاً في ماء الأحزاب وخطاباتهم الإعلامية فقط.
الوحدة العربية تحتم علينا نظرة سياسية توفق بين كوننا فلسطينيين في الداخل العربي مرتبطين بالكل الفلسطيني في بقية البلاد، وبين كوننا مواطنين في هذه الدولة، مع مراعاة القضايا المتعلقة بالهوية.
هذا من الناحية السياسية، أما من الناحية الاجتماعية فيجب النظر إلى قضايا هامة تتجه للتخلص والفكاك والانعتاق من الحمولية والقبيلة والمخترة العفنة الجوفاء، وأن أي اتفاق تسعى إليه لجنة كلجنة الوفاق يجب أن يمر من خلال مركبات المجتمع ومكوناته وليس من خلال أشخاص وفئات ومخاتير .

طبعاً هذا كله ليس بمعزل عن النظرة الاقتصادية التي تشكل قوام وجود مجتمعنا وصموده وحياته الكريمة.
في الآونة الأخيرة تناهى إلى مسامعنا نبأ تشكيل لجنة وفاق جديدة تسعى لتحديد رئيس لجنة المتابعة العليا .
وفي هذا الصدد لا بد من التذكير بقصور لجنة المتابعة العربية العليا عن الدور المنتظر على كل الصعد :
فبطبيعة الحال يجب أن تكون مختارة من الجماهير أولاً حتى تتمكن من العمل بشرعية ومساندة وتمثيل كافٍ.
ويجب اختيار أعضاء المتابعة العليا على أساس عدد المواطنين العرب في كل منطقة فتكون لها تمثيل متناسب مع المجتمع العربي في الداخل، فمثلاً: الناصرة أكبر مدينة عربية في الداخل يجب أن يكون عدد أعضاء لجنة المتابعة العربية العليا من الناصرة ممثلاً لحجمها... وهكذا
أما رئيس لجنة المتابعة فيجب أن يكون منتخباً ويحظى بشرعية التمثيل وتبني قضايا الجماهير والمسألة لم تعد مخترة ومجاملة وفنجان سادة ووليمة.... هذه قضايا مصيرية وجودية حقوق وواجبات ومستقبل وتحديات بحجم الكون لا يعقل أن تكون لجنة المتابعة ورئيسها مسألة وجاهة وتبادل علاقات ومصالح.
ولا يعقل أننا كلما أردنا انتخاب رئيس لجنة نشكل لجنة وفاق لتحقيق الهدف الأول وإعادة الأُمور إلى نصابها.
فأين الشعب وما دوره في هذه القرارات التي تعبث بوجوده ومستقبله وقضاياه؟
لجنة الوفاق لا تمتلك شرعية ولا تفويضاً ولا تمثل إلا الذين عملوا فيها والشرعية للجماهير التي تعاني الأمرّيْن في سبيل البقاء والهوية والعيش الكريم.
مع كل الاحترام لكل فرد من أفراد هذه اللجنة الذين لا نقبل المس بهم من حيث النوايا والسمات ولكن لا يعقل أن نسند للجنة الوفاق حل وتدبير جميع قضايانا وتشخيص وتحديد كل ما يتعلق بلجنة المتابعة العربية العليا ومصير المجتمع العربي.

الدكتور سامي ميعاري محاضر في جامعة تل ابيب

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة