الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 08:01

لجنة المتابعة ومسؤوليتنا نحن عن اوضاعنا/ بقلم: بروفيسور أسعد غانم

كل العرب
نُشر: 03/09/15 15:56,  حُتلن: 17:35

بروفيسور أسعد غانم في مقاله:

المسؤولية تقع بالتأكيد على القيادات السياسية التي لم تستطع حتى الان ضمان الحد الادنى مما تدعو اليه كتعبير عن المصالح الوطنية الكبرى وهذا صحيح في الشتات الفلسطيني وتحت الاحتلال في الضفة وغزة والقدس وداخل ال-48

نستطيع ان نكون افضل ونؤدي دورا اكبر واكثر التزاما تجاه الناس والاجيال القادمة في علاج قضايانا المدنية والوطنية والتعاطي الجدي مع مشاريعنا واحلامنا لكن نحن بحاجة الى قيادات تستطيع قيادة ذلك

لا يختلف عاقلان بأن المسؤولية الكبرى للوضع الكارثي الذي يعيشه الفلسطينيون في كل أماكن تواجدهم هو نتيجة للسياسات العدائية للقوى الكولونيالية الاوروبية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، ومن ورثهم في الهيمنة الدولية: الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي من جهة، وللعداء السافر من قبل الحركة الصهيونية تجاهنا، قبل النكبة وبعدها، واداتها السياسية والعسكرية – اسرائيل من الجهة الاخرى. كما انه لا يمكن أن نغفل دور العالم العربي، وعلى رأسه ما اصطلح الشيوعيون العرب على تسميته بالرجعية العربية، في ما آلت اليه اوضاعنا.

لكننا من الجهة الاخرى لا يمكن ان نكون جديين ان لم نستطع ان نشير ونفسر ونعالج اخفاقاتنا نحن الشعب الفلسطيني، فيما آلت اليه أوضاعنا. لا يمكن ان نفهم الاخفاقات التاريخية قبل النكبة/ بما في ذلك نتائج الثورة عام 1936-1939، والصراعات الداخلية التي تعدت الخلافات المشروعة، ولا عدم القدرة على مواجهة اوائل المستوطنين اليهود، ولا بريطانيا التي رعتهم، حتى النتائج الكارثية للنكبة عام 1948. والامر صحيح بالنسبة للإخفاقات (وللنجاحات) بعد النكبة، من الصمود والتجذر في الارض، واقامة الاحزاب والمؤسسات الوطنية ومقاومة الاحتلال والحفاظ على الهوية من جهة، وحتى الاخفاق الاكبر في تنظيم صفوفنا وطنيا والقيام بنضال حقيقي وناجح للتخلص من الاحتلال والعودة أو حتى تحقيق المساواة القومية والمدنية من الجهة الاخرى.

هذه الاوضاع الكارثية هي مسؤوليتنا جميعا، من عمال، وربات بيوت، وفلاحين ومثقفين، الخ، لكن جل المسؤولية تقع بالتأكيد على القيادات السياسية، التي لم تستطع حتى الان ضمان الحد الادنى مما تدعو اليه كتعبير عن المصالح الوطنية الكبرى، وهذا صحيح في الشتات الفلسطيني، وتحت الاحتلال في الضفة وغزة والقدس، وداخل ال-48. الاخفاق واضح وشامل، رغم النجاحات التاريخية والعينية التي لا يمكن تجاهلها. هنا في ال-48 استطاع الحزب الشيوعي والقوى الوطنية تجذير الصمود، وتعزيز الهوية الوطنية، وبناء المؤسسات الوطنية الجامعة خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا، التي اقيمت على خلفية محاولة اغتيال رؤساء البلديات الوطنيين من قبل خلية ارهابية يهودية عام 1981. وهنا لا يمكن ان نغفل الانجاز التاريخي الذي تم من خلال اعلان "التصور المستقبلي" تحت رئاسة المهندس شوقي خطيب عام 2006، وبالأساس بمبادرة ومشاركة قوى من خارج لجنة المتابعة، بحيث تم فرضه من الخارج، والا لكنا لا زلنا ننتظر نشر هذا التصور.

لكن، وفي سياق النقاش القائم الآن حول انتخابات رئيس لجنة المتابعة العليا، أين هي هذه الانجازات، وكيف تم تقزيمها وتحطيمها من قبل من يدعون قيادتنا؟ اين هي لجنة الدفاع عن الاراضي، وكيف يعمل الاتحاد القطري للطلاب العرب، ولجنة متابعة القضايا الاجتماعية، وما هو بالضبط دور لجنة متابعة قضايا التعليم، وبالأساس ما هو وضع لجنة المتابعة العليا وهيئاتها؟

يطول النقاش عن اخفاقات لجنة المتابعة خلال السنوات الاخيرة، وعن عدم أهليتها ببنيتها الحالية على حمل مشروع وطني محدود، وحتى متواضع، وكل اعضائها يدركون بأن لجنة المتابعة في احسن احوالها هيكل لا روح فيه، او ساحة لتبادل الاتهامات في اجتماعاتها، وحقيقة الامر بان احدا لم يعاني بشكل خاص من شغور منصب رئيس لجنة المتابعة منذ تسعة اشهر، ولن يعاني احدا مستقبلا، لان المشكلة عميقة ومركبة ولا تقتصر باي حال من الاحوال على من يقف على رأس اللجنة، فكل مرشح قد يكون ملائم او غير ملائم بنفس المستوى، وذلك لن يغير من الأمر شيئا، لان الموضوع يتعلق في السؤال الجوهري: ما هي لجنة المتابعة؟، وكيف تمثل الفلسطينيين في اسرائيل؟ وما هو مشروعها كمؤسسة وطنية فيما يتعدى من يقف على رأسها؟

على سبيل المثال: هل هناك نية وقدرة لدى احد المرشحين - ولغالبيتهم مسؤولية عن وضع لجنة المتابعة بصفتهم اعضاء سابقين وربما حاليين فيها- في السعي الى تحويل لجنة المتابعة الى هيئة وطنية جامعة، تجمع كل اطياف شعبنا وتعبر عن مواقفهم ومصالحهم وطنيا ديمقراطيا، وكيف سوف يتم ذلك؟ بالانتخابات العامة ام بإعادة الاعتبار الى مؤتمر الجماهير العربية (1981) من خلال دعوة ممثلي قطاعات شعبنا للقاء وانتخاب رئيس واعضاء لجنة المتابعة ام ان محاصصة الاحزاب البائسة والتي شارك في صناعتها جزء من مرشحي رئاستها حاليا، سوف تبقى سيدة الموقف؟

من الجهة الاخرى: ما هو المشروع التنظيمي للجنة المتابعة؟ بمعنى اصلاح مبنى مجلسها العام، ولجنتها التنفيذية، ورفدها بطاقات مهنية ملائمة، واقامة صندوق وطني، وبناء لجان فاعلة وجدية وليس وجاهات فارغة، واعادة الاعتبار للعلاقة مع اللجان التابعة لها. وبالتأكيد بناء مشروع سياسي وطني حقيقي يتعامل مع قضايا الناس بجدية ومنهجية، وليس من خلال القفز من قضية الى اخرى واطفاء حرائق فقط.

طبعا هنالك عشرات الجوانب الاخرى التي يجب معالجتها، وكان ممكن التفكير بها لإصلاحها قبل الخلاف على من يكون رئيس المتابعة، لو كان لدينا قيادات جدية. كان من الممكن بناء مشروع تنظيمي وسياسي للمتابعة يحترم الناس وتطلعاتها وانجازاتها الفردية التي تجاوزت وتتحدى هذا الاداء المترهل والخالي من المشروع السياسي الحقيقي لغالبية قياداتنا، التي اتعبتنا من كثر صراخها بغير مضمون سياسي جدي. فهل من مجيب؟ حقيقة، نستطيع ان نكون افضل، ونؤدي دورا اكبر واكثر التزاما تجاه الناس والاجيال القادمة، في علاج قضايانا المدنية والوطنية والتعاطي الجدي مع مشاريعنا واحلامنا، لكن نحن بحاجة الى قيادات تستطيع قيادة ذلك من حيث التفكير والتخطيط والتنفيذ، المجتمع الفلسطيني هنا جاهز لذلك ومستعد لإجراء التغييرات المطلوبة وابداء الدعم في كل المستويات، فهل تتجاوز قياداتنا اخفاقاتها وخيباتها وتراجع دورها قبل تذكيرنا بما يعرفه صغيرنا وكبيرنا حول مسؤولية الدولة وسياساتها والصهيونية والامبريالية والرجعية العربية؟

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة