الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 20:01

عملنا السّياسي يسقط مرّة أخرى/ بقلم: المحامي نضال عواودة

كل العرب
نُشر: 27/08/15 11:35,  حُتلن: 15:45

المحامي نضال عواودة في مقاله:

يقتصر دور ممثلينا على الصراخ في اذن الأصم بل هم اشبه بجماهير فرق كرة القدم الذين يشاهدون اللعب عبر الشاشة ويصرخون على حكم المباراة ليقولوا له انت مخطئ

إغتصب مجتمعنا وأفرز القائمة المشتركة، فلم نكن شريكين في تأسيسها والخوف من السقوط كان السبب الرئيسي في التحالف الزمني والمرحلي فلم يكن خيارًا وطنيًا قوميًا ولم يكن نزولا عند رغبتنا

أعادوا قانون المحاصصة في كل شيء حتى في اهم مؤسسة عربية موضوعة الآن على المحك لإعادة هيكلتها ألا وهي لجنة المتابعة العليا، وتعود فكرة لجنة الوفاق بالتقسيم ولكل حصته بالتساوي حسب كبر الحزب

كأقلية قومية في دولة اسرائيل نشكل حوالي خمس سكان الدولة، نشارك في اللعبة السياسية التي وضعتها السلطة الاسرائيلية، لعبة في نتيجتها المعروفة نخسر ويتم اقصاؤنا عن المشاركة في القرار وكل القرارات بما في ذلك القرارات المجحفة بحق مجتمعنا ونعتبر ضمن تمثيلنا وتصويتنا حتى السلبي كشريكين في القرار أيا كان ومشاركتنا في اللعبة تضفي الشرعية على كل قرار يتخذ.

لو تعمقنا بدور ممثلينا لوجدناه شكليا ويقتصر على المشاهدة لمجريات الأمور ودائرة تأثيرهم على أبسط الأمور صفر، فدورهم يقتصر على الصراخ في اذن الأصم بل هم اشبه بجماهير فرق كرة القدم الذين يشاهدون اللعب عبر الشاشة ويصرخون على حكم المباراة ليقولوا له انت مخطئ او مرتشي ذلك في احسن الأحوال.

احيانا تسنح الفرصة لبعض ممثلينا الوصول الى الصحافة العبرية وهناك من يسمع الصراخ في دوائر السلطة فيغضب كون ذلك الصراخ غير مريح للأذن ويعكر المزاج الأمر الذي يستدعي الأغلبية لمعاقبة ممثلينا عبرنا، فتسن القوانين العنصرية والمجحفة بنا، بل وتهتك اوقافنا وتسلب ارضنا وحقوقنا على حسابنا وبطريقة ديموقراطية فالأمر شورى وبالتصويت، اغلبية ضد الأقلية حتى لو كان صوت الأقلية اعلى وأصدق فالنتيجة خسارتنا فهذه هي اللعبة المعروفة نتيجتها ضمنا.

بناء عليه وبعد مشاركة طالت اكثر من خمسة عقود في هذه اللعبة لا بد من أن تطرح الأسئلة التالية:

اولا، هل هناك جدوى في الإستمرار في نفس اللعبة وضمن قوانينها؟
ثانيا، لماذا يا ترى لم يفكر ممثلونا في المقاطعة للانتخابات وعدم المشاركة اصلا؟
ثالثا، ما هي عواقب عدم المشاركة؟

رابعا، وأخيرا ما هي السبل والأدوات لمواصلة النضال للنيل من حقوقنا؟ هذا السؤال الأخير للأسف لم يطرح قط من قبل ممثلينا رغم اهميته وهو سؤال يجب ان يكون قائم منذ بداية مشاركتنا.

فهناك من يقول ليس هناك من سبل وأدوات اخرى للنيل من حقوقنا، كما تقول الأحزاب والتيارات السياسية القائمة عدا الحركة الاسلامية الشق الشمالي، فقول مثل هذا يعني الرضوخ والتنازل عن حقنا، لست من المتفائلين والمؤمنين بالقوانين والمعاهدات الدولية، ولكن هناك تجارب عبرتها اقليات اخرى في العالم وبعد جهد كبير استطاعت من تغيير الحال، فدولة اسرائيل شريكة بعدة معاهدات دولية تضمن حقوق الأقليات، نحن لم نتقدم حتى بشكوى واحدة لدى المؤسسات الدولية ولم يكن لنا حتى شرف محاولة احراج اسرائيل في المحافل الدولية، وذلك ممكن فمنظمات انسانية فعلتها عوضا عنا وممثلينا غاطسون في نوم عميق. فلنا حقوق إذا لم ننتزعها الآن، وهناك طرق بحسب القوانين والأعراف الدولية ستتقادم ونخسرها حتما.

مقاطعة الإنتخابات هي أسوأ احلام المؤسسة الحاكمة التي تتستر بمشاركتنا في قراراتها كما ذلك عوضا عن ان مشاركتنا تجمل صورة المؤسسة الإسرائيلية وتثبت في المظهر ديموقراطيتها فهي تتباها انها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وبدليل مشاركتنا، المقاطعة ستحرج اسرائيل دوليا وتكشف وجهها الحقيقي وتتيح الفرصة لنضال حقيقي في الداخل والخارج.

أهم من كل تلك الأسئلة يجب ان نتسائل ونسأل ممثلينا وأحزابنا؛

بعد مضي اكثر من ستة عقود هل انتم قادرون على تحقيق الأهداف وكيف؟ هل لديكم اهداف؟ فكلنا نعرف أن لا حول لهم ولا قوة ولا يملكون الأدوات وليسوا بقادرين على تغيير الحال.
لو تمعنا في عمل احزابنا وممثلينا سنصل الى النتيجة التالية؛

النضال والجهد الذي بذلته احزابنا وممثلونا منذ مشاركتنا للعبة السياسية اثمر أفكارًا وأيدولوجيات مستوردة ومنسوخة عن الآخرين ممن مرّوا في نفس التجربة على سبيل المثال تجربة الأقلية الفرنسية في قطاع كويبك في كندا، فتلك الثمرة هي بمثابة حبر مكتوب على ورق ليس أكثر فلا خلاف بيننا أن الأحزاب لم تنجز اي إنجاز تاريخي يذكر فلم يمنعوا الحروبات بل شاركوا في القرار وإن صوتوا ضد، لم يمنعوا المصادرة للأرض والأوقاف بل شاركوا في القرار، لم يمنعوا سفك دمائنا في اكتوبر 2000 بل شاركوا في القرار، فرضت علينا الضرائب العنصرية كضريبة الأملاك بمشاركتهم، سنت القوانين العنصرية بمشاركتهم، تم التخطيط القطري دون ملاحظتهم فباتت قرانا اشبه بجيتو وضاقت بنا، بتنا نشتري ارضنا المصادرة بأسعار خيالية.

في ظل عقرهم وعدم قدرتهم خسرنا كل شيء وبقينا نسير في نفس المسار. الى متى يا ترى!!!
رغم ضعفهم نجدهم، اي ممثلينا صلفين ومستمرين دون رؤية وأجندة واضحة، لم يبحثوا عن الأدوات والأنكى من ذلك يتناحرون فيما بينهم وخلافات شخصية طالت سنين، فالانقسام كان لسان حالهم وبعدهم عن حضن مجتمعهم كان واضح فلم يعيروا للمجتمع اهتمام حتى ملهم، فنصف مجتمعنا تقريبا غير مشارك في اللعبة السياسية.

اما النصف الأخر الذي قد يئس من سوء الحال ومن تشتتهم، وجد في القائمة المشتركة بصيص من النور لإعادة هيكلة مؤسساتنا ونضالنا خاصة وأختير من الشباب قيادتا لها.

الأحزاب العربية تتحمل قسط من المسؤولية عن واقع حالنا وما آلت له الأمور من وضع رديء في مجمل القضايا الداخلية التي يعاني منها مجتمعنا، وفي العلاقة بين العرب واليهود من ناحية، وبين السلطة والمجتمع العربي من ناحية أخرى، ورغم ذلك لم يكسبوا حتى شرف محاولة التأسيس لحوار جاد بين المجتمعين وبين مجتمعنا والسلطة.

المشتركة لم تكن مشتركة او ديموقراطية اصلا ولكن مجتمعنا بات يتعلق في خيوط العنكبوت من سوء الحال وأبدى استعداد للتعامل مرة اخرى مع المعروض عليه من قبل قيادته لإتاحة فرصة أخيرة في ظل الوحدة التي يروج لها والتطمينات المكتوبة والشفوية التي صدرت عن مرشحي المشتركة.

في الحقيقة القائمة المشتركة كانت وليدة لعملية غير طبيعية اتت عليها السلطة عندما رفعت نسبة الحسم في الانتخابات الأخيرة، نعم لقد إغتصب مجتمعنا وأفرز القائمة المشتركة، فلم نكن شريكين في تأسيسها، والخوف من السقوط كان السبب الرئيسي في التحالف الزمني والمرحلي، فلم يكن خيارًا وطنيًا قوميًا ولم يكن نزولا عند رغبتنا، بل ولم يشركونا في اختيار مندوبين وبقوا ذاتهم الممثلين بتغيير بسيط لبعض الشخصيات وتبديلهم بآخرين من ذات الحزب، فطبخوا الطبخة وأحضروها لنا جاهزة ، نعم ورغم الرائحة الكريهة التي صدرت من تلك الطبخة اكلنا لسوء الحال فلم يكن لدينا بديل، ولسان حالنا يعبر عن المقولة، لا حول لنا ولا قوة.
فنصف المجتمع صوت مجبرا واختارهم وفق المثل القائل مكرها أخاك لا بطل.


وما أن بدأ المشوار فوجدناهم في التجارب الأولى مختلفين ومتخاصمين، كل يحرض على بعضه البعض، وكل عاد الى دوائر حزبه وأصبحت الموحدة اطار لعدة احزاب وعدة أشخاص وأعادوا قانون المحاصصة في كل شيء حتى في اهم مؤسسة عربية موضوعة الآن على المحك لإعادة هيكلتها، ألا وهي لجنة المتابعة العليا، وتعود فكرة لجنة الوفاق بالتقسيم، ولكل حصته بالتساوي حسب كبر الحزب. فاللجان المركزية للأحزاب عادت لتصول وتجول لتحل محلنا وتختار مكاننا، ظننا منهم اننا غير قادرين بأنفسنا على الاختيار وبطريقة مباشرة مرشحينا لتلك المؤسسة، فسلبونا حقنا مرة اخرى، ففي المرة الأولى في اختيار الممثلين المرشحين للقائمة المشتركة نابوا عنا وبدلونا وبناءا عليه لم يجدوا حرج في المرة الثانية في اختيار الممثلين للجنة المتابعة.

الدور المطلوب من المشتركة:

كما أسلفنا فالمشتركة كانت وليدة اجبار اتت من فوق وكينونتها يجب أن تكون مرحلية كي يتسنى لها التأسيس للمرحلة المقبلة لإشراك جميع أطياف شعبنا بشكل ديموقراطي والعمل على إيجاد آليات وأدوات جديدة للنضال وأيضا لنطرح الأسئلة التي ذكرت أعلاه بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية.

وها هي في بداية مشوارها تدير لنا ظهرها وتخل بوعودها اتجاهنا وتسلبنا كالسلطة ابسط حقوقنا في اختيار ممثلينا.

المطلوب منا كمجتمع هو التفكير بشكل مستقل وجدي في الأسئلة التي طرحت وإيجاد الحلول والأجوبة المناسبة ولنفرض الحل بإرادتنا وأدواتنا فلطالما كانت الأحزاب المختلفة مصدر لتقسيمنا وتشتيتنا. وقيادة المشتركة تستطيع ان تختار بين الالتفاف علينا واستمرار التلفيق والمحاصصة، او ان تنتبه لمجتمعها وتقوده، نحو بر الأمان، في امتحان المتابعة سقطت المشتركة، فهل من أمل للمرّات القادمة؟

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة