الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 20:01

الإرهاب يأكل بعضه!/ بقلم: د. محمد خليل مصلح

كل العرب
نُشر: 14/08/15 19:47,  حُتلن: 09:52

د. محمد خليل مصلح في مقاله:

رغم ارهابية التنظيم ضد الفلسطينيين الا انه يحمل بذور الاقتتال الداخلي، ما اعتبره عنصرًا مهمًا في المعركة المستقبلية مع دولة الاحتلال

ما زال الشرقي شرقي والغربي غربي والثقافات تحتفظ بخطوطها والوانها ولغتها وانماط معيشتها لم تسد فيها العلمانية بل تعززت القومية المتطرفة التي تغذيها الاوهام الدينية والافكار المتطرفة

كل المؤشرات تؤكد فرضية فشل دولة الاحتلال في مهمتها ودورها الاساسي والجوهري؛ تكوين أمّة يهودية واحدة وشعب منصهر في بوتقة واحدة تخلص من شوائب الشتات، والتنافر الثقافي والفكري والاجتماعي القصري بحكم الغيتو الاسرائيلي كما تصورها الرواية اليهودية للشتات اليهودي في العالم، وكأن ما يسمى الشعب اليهودي شعب واحد تجمعه روابط العرق والاصل الواحد، يوم بعد يوم يتعزز فشل المهمة لم ينصهر الشعب في بوتقة واحدة لم يندمج أو لم تنخرط اثنياته وثقافاته المتعدة في الدولة؛ لم يتلاشى التمييز بل على العكس يتعزز في واقع المجتمع الاسرائيلي الصهيوني وتتعزز مسألة التمييز بين الطبقات والعرقيات والاثنيات في الدولة، ما زال الشرقي شرقي والغربي غربي والثقافات تحتفظ بخطوطها والوانها ولغتها وانماط معيشتها، لم تسد فيها العلمانية بل تعززت القومية المتطرفة التي تغذيها الاوهام الدينية والافكار المتطرفة جدا الفوقية على الاغيار كما يسمونهم.

توظيف الدين
منذ البدايات حاولت الحركة الصهيونية توظيف الدين لخدمة اهدافها لتحفيز اليهود على الهجرة لأرض فلسطين بدوافع دينة وان الرب منحهم هذه الارض وسلطهم على من كان فيها من السكان الاصليين لانهم وثنيين، رفضت كل العروض وأصرّت على ان تكون دولتهم على ارض فلسطين استغلالا لفكرة دولة يهودا القديمة دولة داوود وسليمان في فلسطين مع ما اصابها من انقطاع وصراعات داخلية بين الابن وابيه حتى ورث سليمان حكم ابيه الى حدوث السبي الاول لليهود مع ان ذلك لم يقطع السكان الاصليين الكنعانيين من صلتهم بالأرض وبقائهم على ترابها اذا انصرت دولة اليهود القديمة او مملكتهم في بعدها الزماني والمكاني ثم تلاشت بفعل السبي والشتات.

يسترجع المستوطنون كما يبدو هذه الابعاد في مواجهتها للدولة الرسمية ضاربا عرض الحائط؛ ادراكه أنه بدون دعم وحماية الدولة الرسمية لما تكاثرت وقويت هذه المجموعات الاستيطانية الارهابية، الدولة منحته البيئة والمظلة السياسية والفكرية والمالية والقانونية، ومع ذلك يبدو ان هذا المولود المسخ خرج على راعيه، ويظهر تمرده على النظام والقانون بصور متعددة الصور من ممارسة الارهاب الفردي والجماعي ضد العرب الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية او داخل الخط الاخضر موطني ما يسمونهم عرب اسرائيل، للإرهاب اليهودي داخل الدولة جذور تاريخية وفكرية حيث مثل اداة الدولة في تنفيذ المهمات القذرة التي لا تستطيع الدولة تنفيذها لتحقيق هدف التطهير العرقي ضد الفلسطينيين وحل المعضلات التي لها علاقة بمسألة البعد الديمغرافي والخوف على الدولة من دولة اكثريتها من (الأغيار) ما يدنس فكرة الدولة اليهودية النظيفة، لذلك تواجه الدولة الرسمية معضلة في كيفية مواجهة هذا التمرد في الوقت الذي تعتبر تلك التكوين الفكري السياسي الاستيطاني مفيد وضروري للحفاظ على الوجود اليهودي وتحقيق اهدافه: ارهاب الفلسطينيين لاستكمال التهجير القسري، ضرب فكرة الحل السياسي المبني على دولتين لشعبين اذ في صميمه يتناقض معه وهو ما يتوافق مع الفكرة الصهيونية للحق والوجود الصهيوني أي مع المشروع الصهيوني السياسي واهدافه الكولونيالية، تجسيد فكرة الضم للضفة الغربية لإسرائيل ما ينادي به اقطاب الدولة العبرية من رئيسها واحزابها الدينية والقومية، معالجة فكرة الحدود بفرض الاستيطان بما يخدم سياسيا ودينيا واقتصاديا، لذلك النظام في دولة الاحتلال وخاصة وزارة العدل والجيش لن يستسهلوا مواجهة تلك المجموعات تحت وطأة التأثير للجماعات الدينية والمؤسسات الدينية وسلطة الحاخامات في الدولة والموازنات بين الاهداف الخفية لدولة الاحتلال والتأثيرات الجانبية لهذا الارهاب على صورة الدولة وعلاقاتها مع الحلفاء الغربيين وللحفاظ على المصالح المشتركة للجميع.

ومن وحي التاريخ يبدو أنّ الحلة اليهودية ستواجه كما واجهت في عصر داوود حالت الاقتتال والاحتراب الداخلي؛ وضع لازب يواجه اليهود ويعكس حقيقتهم الدموية ليس مع جيرانهم، بل فيما بينهم، ملحمة اليهود ليست في حقيقتها مع الاعداء بل بسبب الخيانة من جهة ومن جهة اخرى بسبب طبيعة الكراهية والحقد لبعضهم البعض والميل للانتحار الذاتي بدعوى الحفاظ البقاء والنقاء اليهودي، الفراغ في حياة اليهود عنصر تدميري لذلك تجدهم يجتهدون باستمرار ملء الفراغ بإغراق المنطقة بالمشاريع والمبادرات السياسية للهروب الى الامام، اسرائيل تدرك ان الجمود السياسي يمنح الحكومة هدنة داخلية مع المستوطنين لكنه ينعكس سلبا مع الجانب الاخر الفلسطينيين ويمنح المقاومة المبرر السياسية والمسوغ الفكري والفهم لاستمرار المقاومة ضد الاحتلال وانها الخيار الاستراتيجي لإخضاع العدو ورفض الاحتلال وان شكل للبعض مصلحة ومنفعة، وايضا تضع اسرائيل تحت ضغوطات دولية للاستمرار في المفاوضات حتى لا تظهر اسرائيل رافضة للسلام والاستقرار في المنطقة والمفارقة المعضلة للدولة ان الحراك السياسي والحديث عن حل الدولتين يثير حفيظة المستوطنين ما يدفعهم الى تطبيق فكرة تدفيع الثمن المتمثل بتنظيم ( جباية الثمن ) للفلسطينيين ودولة الاحتلال.

خلاصة الفكرة انه برغم ارهابية التنظيم ضد الفلسطينيين الا انه يحمل بذور الاقتتال الداخلي، ما اعتبره عنصرًا مهمًا في المعركة المستقبلية مع دولة الاحتلال، حيث سيضاف هذا العامل الى العوامل التي تصب في مصلحة المقاومة بالإضافة الى الوقت وكفاءة المقاومة وضعف الروح القتالية لدي الجيش وقياداته العسكرية والسياسية والعامل الديمغرافي؛ تتكاثر العناصر الهدامة داخل مجتمع الكراهية تلك النار التي تتسع وتتدحرج من موقع الى موقع ، فلم تعد اسرائيل تتحكم وتحتكر عناصر القوة للنصر ولا التمييز بين مفهوم ادارة الصراع وحل الصراع؛ فحالة اللاحرب واللاسلم في المنطقة الوضع الراهن يعمل في خدمة رؤية ومعادلة الصراع الشمولية مع دولة الاحتلال اليهودية.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة