الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 07:02

وسائل الإعلام الصهيو أمريكية: نمط استعماري جديد/ بقلم فادي أبو بكر

كل العرب
نُشر: 10/08/15 14:32,  حُتلن: 07:29

فادي أبو بكر في مقاله:

إن ما قامت به وسائل الإعلام الاستعمارية بنا يمكن تشبيهه بطفل في سيارة ربط بالحزام ولم يستطع أن يتحرك فنحن مربوطون بحزام ولا نقوى على التحرك

أرشيفنا الوطني والقومي يضيع شيئاً فشيئاً ولا أحد يحرك ساكناً كالجريح المتروك ينزف حتى الموت. وماذا ينفع الأمة إذا كسبت كل شيء وخسرت نفسها ؟!

بعد أن تربعت أمريكا الاستعمارية على عرش العالم، عقدت العزم هي وطفلتها المدللة "إسرائيل" على أن توجه المُستعمَر ثقافياً كما تراه مناسباً خصوصاً وأن العالم قد أصبح اليوم قرية صغيرة يمكن للإنسان أن يتجول فيه من أقصى شماله لأقصى جنوبه ومن أقصى شرقه لأقصى غربه عبر الانترنت وغيرها من الوسائل.

كما عملت على فرض الحجر الصحفي على وسائل الإعلام التي لا تتماشى مع سياساتها، فاللوبي الصهيوني في أمريكا عمل على ذلك من خلال منظمة أطلق عليها "عصبة مكافحة التشهير باليهود".

وسائل الإعلام الصهيو أمريكية تتخذ من سياسة "فرق تسد" مبدأً، في سبيل خدمة الأهداف الاستعمارية في المنطقة. وفرضت مفاهيم جديدة أربكت العالم العربي وساهمت في شرذمته، مثل : الإسلام والإرهاب، الربيع العربي وغيرها. وللأسف فإن هذه المفاهيم والمصطلحات الاستعمارية دخلت في قاموس الصحافة العربية، ليثبت بذلك أن النمط الاستعماري الجديد قد كسب ثقة المُستعمَر.

روبرت باير المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كان قد كتب مقالاً في مجلةnew statesman عام 2004 يقول فيه " إن كنت تريد استجواباً جاداً، فإنك ترسل السجين إلى الأردن وإن أردت تعذيبه، فعليك إرساله إلى سوريا أما إن كنت تريد أن يختفي شخص ما ـ فلا يراه أحد مطلقًا بعد ذلك، فعليك إرساله إلى مصر."

هذا الخطاب هو توجيهي لا يهدف سوى إلى غزو عقول الناس وشحنهم حتى يظلوا منشغلين بالصراع مع النظام القائم لديهم دون التفكير بأن هناك استعمارا قائما، والمقصود منه إشاحة النظر عن السجون الأمريكية والصهيونية التي تعتبر أقذر وأسوأ السجون في العالم، فسجون غونتانامو وأبو غريب مورس فيها أبشع أشكال التعذيب، كما أن القائمين على السجون الصهيونية ما زالوا يتفننون في تعذيب الأسرى الفلسطينيين.

إن ما قامت به وسائل الإعلام الاستعمارية بنا يمكن تشبيهه بطفل في سيارة ربط بالحزام، ولم يستطع أن يتحرك. فنحن مربوطون بحزام ولا نقوى على التحرك، وأصبح كل ما يصدر عن إعلامهم مصدر موثوق بالنسبة لنا.

أدوات مقاومة المستعمر لا تقتصر على السلاح، بل برصد ومراقبة كل ما يقوم به، سواء كان ذلك إعلاميا أو سياسياً أو حتى اقتصادياً. فعلى مدار العقود الماضية نجح المستعمر في تلقيننا وجعلنا نسير في المسار الذي رسمه لنا.. فأصبحنا في صدام وصراع دائم ونقول "سني وشيعي"، "ضفاوي وغزاوي"، متطرف ومعتدل"، وكما قال دريد لحام في مسرحية كاسك يا وطن " اليمن صارت يمنين ولبنان أربعة والخير لقدام وإسرائيل صارت قطر شقيق !!!".

إن هذه المصطلحات التي دخلت قاموسنا ليس بالبسيطة، بل ستؤدي في المستقبل إلى خلق ذاكرة جديدة للمُستعَمر، ذاكرة ستمزق الممزق وتشرذم المشرذم.

إن انسياق الإعلام العربي وراء القيم والمثل التي تطرحها أمريكا من ديمقراطية وحقوق إنسان وغيرها، جعله ينساق وراء كل شيء ينبثق عنها تدريجياً، وفي هذا خطر كبير، وتهديد حقيقي على الثقافة والتراث العربي.

أرشيفنا الوطني والقومي يضيع شيئاً فشيئاً ولا أحد يحرك ساكناً، كالجريح المتروك ينزف حتى الموت. وماذا ينفع الأمة إذا كسبت كل شيء وخسرت نفسها ؟!.

صدقت يا أحمد نجم لما قلت “الحكاية إن البلد مش ملك ناسها والخلايق في البلد مش مالكة راسها والبلد يا ولاد بلدنا مش عليلة البلد علتها جاية من خرسها”.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة