الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 00:02

مشوار الحوار الجديد بحاجة لـ"ارادة شعب"/ بقلم: د.منصور عباس

كل العرب
نُشر: 06/08/15 10:59,  حُتلن: 13:55

د.منصور عباس في مقاله:

الصراع الحقيقي والتناقض الاكبر ليس بيننا وإنما بيننا جميعا وبين السلطة الغاشمة التي احتلت ارضنا وسلبتنا حقوقنا وما زالت تمارس ضدنا سياساتها الاحتلالية والعنصرية

اعتز بحركتي الاسلامية التي انتمي اليها وبقدرتها على تقديم خطاب اسلامي وطني وإنساني يتجاوز الاعتبارات الحزبية والفئوية ويتقدم لصياغة مشروعنا الوحدوي الجامع

اعتقد اننا قادرون اليوم وبكل ثقة على تحقيق نفس الهدف والوصول الى نفس النتيجة حتى لو اتسعت الشقة وتعددت اطراف الحوار لتشمل جميع قوانا السياسية

جرى وتجري هذه الايام لقاءات ثنائية بين القوى السياسية العربية في الداخل، نرجو أن تستمر وترتقي لمستوى الحوار البناء الذي يتطور ليتحول الى حوار جماعي متعدد الاطراف وشامل، يعالج القضايا الطارئة والمزمنة بالنسبة لواقعنا المحلي وعلاقاتنا البينية وعلاقتنا مع الآخر.

على طاولة اللقاءات يتم الحديث عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية وأوضاع القائمة المشتركة ومستقبلها والوضع العام للمجتمع العربي، خصوصا بعض الظواهر المقلقة في المجتمع العربي كالعنف وحالة الاستقطاب والحدّة في التخاطب البيني بين اصحاب التوجهات المختلفة في القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية، وصولا احيانا الى إلقاء التهم والشتائم المتنوعة من تخوين وتكفير وسباب بأقسى الالفاظ والعبارات.

لقد عشنا مثل اجواء اللقاءات هذه قبل اشهر عدة عندما بدأنا مثلها لتشكيل ما يعرف اليوم بالقائمة المشتركة، واذكر أن الاجواء كانت مشحونة ومكهربة، والأفكار مشتتة والنوايا مشكك فيها، وكل متربص ومتمترس في مواقف مسبقة وأفكار نمطية، والمسار صعب وفيه الكثير من العقبات والحواجز الملقاة في الطريق، والمثبطون والمشككون والمعطلون ما اشد تفانيهم في افشال الوحدة والتحالف السياسي المرتقب، فماذا كانت النتيجة؟

النتيجة كانت اننا اكتشفنا اننا كأبناء لشعب فلسطيني واحد اقرب الى بعضنا مما نظن في مواقفنا وأهدافنا العامة وقضايانا المصيرية الكبرى، وأن الصراع الحقيقي والتناقض الاكبر ليس بيننا وإنما بيننا جميعا وبين السلطة الغاشمة التي احتلت ارضنا وسلبتنا حقوقنا وما زالت تمارس ضدنا سياساتها الاحتلالية والعنصرية، اما ما نختلف عليه وفيه، فلا شك انه معتبر ومهم ولا يستهان فيه ابدا وأحيانا يثير الغضب والحنق، ولكن يمكن أن يدار من خلال آليّات ادارة الخلاف والاختلاف، من خلال الحوار واللقاء وتحكيم القيم والمبادئ والمصالح العليا وتغليب ما يجمع على ما يفرق.

اعتقد اننا قادرون اليوم وبكل ثقة على تحقيق نفس الهدف والوصول الى نفس النتيجة حتى لو اتسعت الشقة وتعددت اطراف الحوار لتشمل جميع قوانا السياسية، من يشارك ومن يقاطع الانتخابات العامة والقائمة المشتركة، من يتمسك بمشروعه الاسلامي ومن يتمسك بمشروعه العلماني، ببساطة كما لم يكن امامنا غير خيار واحد وطني مسؤول هو تشكيل القائمة المشتركة، كذلك اليوم ليس أمامنا غير خيار منطقي وطني واحد مسؤول هو الاتفاق حول مجمل القضايا العامة الاساسية وانجاز ما ينبغي انجازه في ملف لجنة المتابعة وتطوير وتفعيل دورها ثم التقدم لصياغة خطاب وطني وحدوي جامع نلتف حوله ونحتكم اليه جميعا.

باختصار وبصراحة إن اردنا الحفاظ على جماعتنا الوطنية الفلسطينية ليس أمام الحركة الاسلامية بجناحيها الشمالي والجنوبي إلا أن يصطلحا إن لم يتوحدا، وأن يكفا عن حلم إفناء الاخر او نزع الشرعية الاسلامية عنه، وان يرتبا البيت الاسلامي ويطورا الخطاب الاسلامي ليرتقي لمستوى الاسلام العظيم الذي ينشدانه كإطار جامع للأمة يحميها من الزيغ عن الصراط ويحصنها من الغلو والتطرف. وليس أمام الجبهة والتجمع كذلك إلا تجاوز صراعها المرير والمنفلت احيانا والمتأثر من رواسب التاريخ والأشخاص عبر سنين طويلة من المزاودات والمناكفات، رغم اني لا اقلل من اهمية ما يطرح من نقاط اختلاف بينهم جميعا.

نحن نحتاج خطاب "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" الاسلامي، ونحتاج خطاب الجبهة الديمقراطية الداعي للسلام والمساواة المجتمعي الداخلي، ونحتاج خطاب التجمع الوطني الذي يركز على بناء الجماعة الوطنية والتصرف كشعب واحد موحد.

حتى نستطيع أن ننجح في مشوارنا الجديد نحن بحاجة الى ارادة شعبنا الفلسطيني في الداخل، هذه الارادة التي قادت مسيرة تشكيل القائمة المشتركة وشكلت عامل الضغط الاساسي والحقيقي على صانعي القرار في الاحزاب المشاركة. نحن بحاجة الى الارادة الشعبية التي تمثل الوعي والإدراك والحس الوطني الوحدوي المسؤول الذي يعرف ما معنا ان نكون شعبا واحدا مستضعفا ومسلوب الحقوق وواقعا تحت سلطة عنصرية تريد سلبه هويته ووعيه الوطني والديني.

نحن بحاجة الى خطاب فلسطيني اسلامي ووطني وإنساني متجاوز القوالب المعروفة والمتمترسة في خنادق وهمية مصطنعة، تفرضها علينا صراعات طويلة ومستمرة في عالمنا العربي وتغذيها جهات سيادية وأخرى مأجورة في داخلنا الفلسطيني، لسنا بحاجة للدفع بمواضيع الخلاف والاختلاف الى صدارة المواجهة بين بعضنا البعض وليعبر كل من شاء عن موقفه وقناعته من غير تعريض ولا مزاودة ولا مناكفة ولا اتهام للاخر وليترك للمجتمع الفلسطيني في الداخل يختار طريقه وموقفه وقناعته.

ينبغي ألا نخاف من بعضنا بل على بعضنا، لا اخاف من التيار الاسلامي الداعي الى الخير والصلاح والإصلاح والذي يتفانى في خدمة ابناء شعبنا في كثير من المواقف والمناسبات ويحترم كل طوائف شعبنا ومذاهبه وقواه السياسية والمجتمعية ويسعى للتواصل معها، لا اخاف عليه من التطرف والغلو لاني اعرف انه أسس على قواعد الشرع الاسلامي الحنيف وأنه متمسك بنهجه الوسطي القويم، ولو ظهر ملمح من ملامح التطرف والغلو فسرعان ما يرده مشايخه الاعلام الثقات الى الصراط المستقيم.

وكذلك لا اخاف من التيار العلماني الوطني الداعي الى قيم انسانية سامية ويتصدى لمواجهة الافكار والمواقف والمشاريع العدوانية والعنصرية والفاشية للحركة الصهيونية، ولا يتجاهل هويته العربية والإسلامية ويعتد بها، ولا اخاف عليه من نزعة الالحاد المحدودة والمحصورة جدا والتي تريد ان تجعل تناقضه مع الدين والإيمان لا مع الفاشية والعنصرية والاحتلال.

اعتز بحركتي الاسلامية التي انتمي اليها وبقدرتها على تقديم خطاب اسلامي وطني وإنساني يتجاوز الاعتبارات الحزبية والفئوية ويتقدم لصياغة مشروعنا الوحدوي الجامع، وهي تمارس هذا الدور بجدارة واقتدار تحت عين فضيلة شيخنا المؤسس عبد الله نمر درويش وشيخنا الرئيس حماد أبو دعابس وإرشاد مجلس شوراها القطري، حتى لو دفعت احيانا ثمنا لهذا الدور المتميز، فعذرا من الاخوة الذين لا يدركون غاياتنا ومقاصدنا النبيلة ومعذرة للإخوة الذين يسيؤون الظن فينا، هذا ما تعلمناه من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ارسله الله رحمة للعالمين وهاديا الى صراطه المستقيم، وهو وفق فهمنا البشري لكلام ربنا سبحانه وتعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم.

قال تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) صدق الله العظيم.

نائب رئيس الحركة الاسلامية

مقالات متعلقة