الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 08:01

كي لا ترث المشتركة المتابعة/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 14/07/15 19:09,  حُتلن: 21:59

وديع عواودة في مقاله:

على أرض الواقع ورغم تعريف المتابعة كأعلى هيئة تمثيلية لأقلية قومية أصلانية منذ ولادتها لم تحقق الهداف المراد منها

المتابعة في الواقع الراهن مؤسسة اسمها أكبر منها ،متقادمة، فقيرة بالميزانيات وبالقيادة والآليات لاسيما أنها توافقية تعكس أزمتها أزمة الأحزاب وأزمتنا 

 المشكلة أكثر تعقيدا وشمولية وتتعدى الرئيس فـ " المتابعة " فشلت في إشفاء عللها رغم هيكلتها وتوزيع صلاحياتها

مرد ذلك عدة أسباب منها اتخاذ القرارات بالتوافقية، فقدان الرؤية الجماعية وتناحر مركباتها السياسية، قلة حيلتها المادية وعدم إفلاتها من تقادم أدواتها والمشكلة هذه المرة ليست بالرأس فقط

لا يعقل أن يرى المواطنون العرب في إسرائيل بذاتهم أقلية قومية ويتحدون سياسات تريد تكريسهم طوائف وشلل دون قيادة وطنية وعصرية وبيدها رؤية وقدرات تنفيذ وشرعية مستمدة من الجمهور الواسع

مع محبتنا وتثميننا لـ " المشتركة " ودورها وهو كبير جدا لا يمكن حشر طنجرة الميدان بفنجان البرلمان فالكنيست مجرد رافد نضالي وتبقى المتابعة هي الأم للجميع

منذ عقد وأكثر تتعثر لجنة المتابعة العليا في مساعيها لإعادة بناء ذاتها وترتيب أوراقها وتنجيع عملها ويبدو أنها تحتاج لأكثر من عملية جراحية فمعيقات نهوضها مركبة وعميقة.

"المتابعة" بصفتها الهيئة التمثيلية الأعلى للمواطنين العرب في إسرائيل تأسست عام 1982 بعد الاحتجاجات الواسعة على حرب لبنان ومجزرة صبرا وشاتيلا وبدأت تعمل بانتظام في 1985. على أرض الواقع ورغم تعريفها كأعلى هيئة تمثيلية لأقلية قومية أصلانية منذ ولادتها لم تحقق الهداف المراد منها . طالما تعرضت لانتقادات كثيرة وأحيانا مرّة وساخرة لعجزها عن أداء مهمتها بشكل مقنع لبقائها جسما تنسيقيا بين فعاليات سياسية متنازعة. وهي بالواقع الراهن مؤسسة اسمها أكبر منها ،متقادمة، فقيرة بالميزانيات وبالقيادة والآليات لاسيما أنها توافقية تعكس أزمتها أزمة الأحزاب وأزمتنا.

لم يختلف حال " المتابعة " بعد استبدال رئيسها الراحل إبراهيم نمر حسين (أبو حاتم) برئيس جديد محمد زيدان (أبو فيصل) عام 1999 ولا بعهد خليفته شوقي خطيب عام 2001 بموجب اتفاق تناوب بينهما.

في مثل هذا اليوم ( 14.7.2001 ) تسلّم شوقي الرئاسة وهو تاريخ مشحون جدا لمصادفته عيد الباستيليا(عيد الثورة الفرنسية) وعيد ثورة تموز في العراق بقيادة الراحل عبد الكريم قاسم الذي أطاح حكم الهاشميين عام 1958. فهل يعني أن ولايتك تبشر بإصلاحات ثورية؟ سألنا شوقي وقتها ولاحقا تبين أن التوقيت ليس سوى وليدة الصدفة وبقيت المتابعة بحاجة لمن يتابع شؤونها ويداوي جراحها. وبعد دورة ثانية لشوقي خطيب الذي استقال مبكّرا تاركا " المتابعة " بلا رئيس عاد زيدان مجددا لرئاسة المتابعة في 2009 كحل توافقي اضطراري حتى استقال بنهاية ولايته مطلع العام الحالي. وقبل شهور ناب عنه رئيس " القطرية " وحالتنا القيادية ظلت على حالها.

ربما كان محمد زيدان الجديد جدا والمرشحون الجدد لرئاستها اليوم أكثر توفيقا سياسيا من رؤساء سابقين ولكن لا شيء يوحي بأن أدواتهم وكفاءاتهم غير متقادمة. تزيد أهمية المعطى الشخصي لأن الموقع الريادي هذا كغيره من المواقع القيادية تحتاج للكريزما الشخصية وقدرات التعبير باللغات العربية والأجنبية والخبرة والحنكة والمناورة. وربما نجد كثيرين من هؤلاء( وطنيون وعصريون) خارج الأحزاب اليوم فهل يعطوا فرصة ؟

لكن المشكلة أكثر تعقيدا وشمولية وتتعدى الرئيس فـ " المتابعة " فشلت في إشفاء عللها رغم هيكلتها وتوزيع صلاحياتها . ومرد ذلك عدة أسباب منها اتخاذ القرارات بالتوافقية، فقدان الرؤية الجماعية وتناحر مركباتها السياسية، قلة حيلتها المادية وعدم إفلاتها من تقادم أدواتها. المشكلة هذه المرة ليست بالرأس فقط.

لا بدّ من انتخاب " المتابعة " بعد عملية تمهيد وإعداد واتفاق المجتمع العربي على أنها ليست برلمانا بديلا للكنيست أو بداية انسلاخ سياسي ("إيريدينتا "). لا يعقل أن يرى المواطنون العرب في إسرائيل بذاتهم أقلية قومية ويتحدون سياسات تريد تكريسهم طوائف وشلل دون قيادة وطنية وعصرية وبيدها رؤية وقدرات تنفيذ وشرعية مستمدة من الجمهور الواسع. أما العودة لتقاسم صلاحياتها بمحاصصة حزبية تشمل تناوبات فهذا يعني استخفافا بالمجتمع. بين هذا أو ذاك يبدو أنه تتجه لتتحول لإطار وهمي أنهى دوره التاريخي، يصيبها ما أصاب منظمة التحرير الفلسطينية أو حزب العمل الإسرائيلي وعندها تكون " المشتركة " قد ورثتها وهي حية!
مع محبتنا وتثميننا لـ " المشتركة " ودورها وهو كبير جدا لا يمكن حشر طنجرة الميدان بفنجان البرلمان فالكنيست مجرد رافد نضالي وتبقى المتابعة هي الأم للجميع. ويخطأ أن سمحت بعض مركبات " المشتركة الانبهار بالاهتمام الإعلامي والسياسي الواسع فتطلع لوراثة " المتابعة " .
هذا مبدئيا غير سليم ومن شأنه أيضا أن يعود كيدا مرتدا على المشتركة ذاتها لأنها ستضطر لحمل كل الأعباء والمسؤوليات لا الصلاحيات فحسب.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة