الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 17:02

الحقيقة التي تزعزع الصمت /بقلم:رزان بشارات

كل العرب
نُشر: 15/06/15 11:38,  حُتلن: 13:28

رزان بشارات في مقالها:

لَم يُفكر إلا بغريزته الثائرة وكان هذا اكثر ما يريد الاستجابة له ويتمتع به في الحياة

علينا البَدء بخطوة التغيير التي تقودنا الى مستقبل اكثر آمن، واعي ولديه المعرفة والادوات لكشف الحقيقة وما يجري وراء الكواليس

كل روح نابضة من حقها أن تعيش بأمان وحرية وعلينا كأفراد مسؤولية تامة وشخصية لعدم الرضوخ للقوى والسلطات التي تحاول دائما حجز تلك الروح

كانت تلعب، تضحك، ترسم احلامها، تغني وتُطيّر اوراق حاضرها وذرات الطبيعة المتناثرة في فناء البيت الضخم مع زميلاتها، تَعبت وكان هذا اقصى ما يتعبها في سِنها الصغير، وايضًا يجعلها مبتهجة ومتفائلة في آن واحد.
خطت بقدمها الصغيرة الى بيتها مع الاغاني الوردية الملوّنة برائحة البراءة والطفولة ..
أما هو فكان يَجلس على الاريكة المقابلة لغرفتها، يحدّق بالهاتف الخلوي المكبّل بشحنات عقله واحاسيسه السلبية حتى سمع صوت خطواتها ونظر اليها نظرة لئيمة تقتحم قسمات وجهها الملائكي، فكّر قليلًا حتى أخذت نظراته تدقق بتشققات جسدها، وبدا له الأمر مُمتعا ..
لَم يُفكر إلا بغريزته الثائرة وكان هذا اكثر ما يريد الاستجابة له ويتمتع به في الحياة، وغُلِفَت خلايا عقله الانسانية بمادة شاحبة سوداء تعكس التربية التي يناقضها ويقرر الثوران عليها بطريقته الفظّة.
حاول التودد اليها لغاية شرسة حتى انقض عليها وجعل منها آلة تخضع للنظام الذي يقمع دون كبح ويعطي الاولوية والافضلية لتقرير المصير لذلك السلطوي الذكوري الأكبر.
اثناء عيد ميلادها الرابعة عشر، رقصت وغنت وفرحت رُغم شعورها بذلك الوجع في الظهر وبأمر غير طبيعي يجري في جسدها، بدأت تتقيأ كثيرًا حتى وقعت على الأرض ممدودةً وعندما استيقظت رأت دموع والدتها تتحرر عن دون إذن وتتساقط على يدها وحينها شعرت بأمر ما لم يكن متوقع.
بدأت الطبيبة تُهدئ من روع أمها، اما هي فاول ما خطر ببالها هو مرض خطير قد تُنجى منه او ربما لا!
بقيّت افكارها تتأرجح بين المُطلق والنسبي، حتى صرخت الأم: " لا لا ابنتي حامِل ؟! في الشهر الثامن؟! كيف؟ مستحيل، ارجوكم دققوا في الفحص".
في هذه الأثناء خطرت ببالها كل الأمور التي مَضت كشريط مصّور من ذلك الإعتداء البالغ ومن المعاناة ومحاولة الدفاع الى الرضوخ والاستسلام.. تشنّج جسدها وتجمدت مشاعرها وانحصرت دمعاتها في قلبها الخافق وقالت: " أخي". وكانت تلك المرة الأخيرة التي تلفظها قاصدةً المُعتدي.
علينا البَدء بخطوة التغيير التي تقودنا الى مستقبل اكثر آمن، واعي ولديه المعرفة والادوات لكشف الحقيقة وما يجري وراء الكواليس .. علينا ايجاد الحقيقة لان التقدم والتطور المجتمعي يكمن في معرفة الواقع ومحاولة معالجته من الانهيار والتفكك.
وليس هنالك من مبرر للعنف الجسدي، الجنسي النفسي واللفظي الموجه للنساء ..سوى ذلك القناع اللاإنساني الذي ترسخ وفق عادات بانت وكأنها الاصح والصحيحة، لذلك ابدأ بنفسك وغيّر نبضات تفكيرك لتقود إشعاعًا قويًّا ولامعًا في ثغرات الظلام .
كل روح نابضة من حقها ان تعيش بأمان وحرية وعلينا كأفراد مسؤولية تامة وشخصية لعدم الرضوخ للقوى والسلطات التي تحاول دائما حجز تلك الروح.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة