الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 15:02

جهلة ودخلاء/ بقلم: بروفيسور أحمد ناطور

كل العرب
نُشر: 11/06/15 14:59,  حُتلن: 14:19

بروفيسور أحمد ناطور في مقاله:

الرذيلة ليست وجهة نظر بل هي نذالة وسقوط فقلْ الخير والا فاصمت

علمت اسرائيل أن مقاطعة الجامعات والشركات العالمية والمؤسسات الدولية لها إنما هي بداية طريق التدهور واللاشرعية لمشروعها الصهيوني

نمطان تعيسان من أبناء جلدتنا طالعانا هذا الاسبوع. لا أدري أيهما أسوأ من الآخر: جاهل يضّل ويُضِلُ، أم غرٌ يصطف مع الباطل، يُزَينّه ويدفع عنه.

لقد نثرت اسرائيل كنانتها ازاء انجازات حملة المقاطعة المظفرة، وعقدت الاجتماعات ورصدت الأموال واستنفرت اصحب الاختصاص لمواجهة خطر عزلها عن العالم، لأنها تعي تمامًا ماذا يعني عزلها عن شعوب الأرض، ووصمها بالعنصريّة والعدوان. علمت اسرائيل أن مقاطعة الجامعات والشركات العالمية والمؤسسات الدولية لها، إنما هي بداية طريق التدهور واللاشرعية لمشروعها الصهيوني الذي أيدته هذه المؤسسات ذاتها عند قيامها، وذلك إثر إنجازات حركة الـ B.D.S بشأن مقاطعة اسرائيل، وهي حركة فلسطينية تجهد في سبيل إظهار حقيقة الاحتلال والاستيطان امام العالم الذي اختار أن لا يرى وأن لا يسمع، ثم إجبارُه على اتخاذ موقف تجاه الظلم والعدوان والتعسف. في هذا الخضم وحين بدا العالم يتخذ موقفا شجاعا لازالة الاحتلال، قام من يتطوع للقيام بدورٍ مثبط العزائم، وباعث اليأس في النفوس.

كتب أحد "المثقفين" الفلسطينيين، إن "المقاطعة لا تحرر أوطانًا، وأنّ الاتكال على الآخرين للقيام بواجب تحرير فلسطين وإعفاء انفسنا من هذه المهمة، خطيئة وقع فيها المجلس الوطني الفلسطيني، حين دعا الاتحادات البرلمانية الدولية والاقليمية الى إدانة سريان مفعول القوانين الاسرائيلية.. بشكل تلقائي على المستوطنات".

عجيب أمرك يا رجل ! "إعفاء أنفسنا من هذه المهمة"! كيف لا ترى أنّ هذه الدعوة وسيلة أخرى لكنس الاحتلال؟ ثمّ، أهي خطيئة أن يدعى العالم لإدانة الاحتلال وممارساته؟ أين هي مهمة "التحرير" التي تقول كي يعفي الناس أنفسهم منها؟ ثمّ أتًلغي اهمية دور العالم في عزل دولة عنصريّة؟ ألا يعي هذا الرجل أهمية دور أوروبا وأميركا إن هي قررت الحرمان والمقاطعة العسكرية والاقتصادية والعلمية والسياحية لأية دولة، والى أي مصير سيؤول حاله في مثل هذا الحال؟ اليست هذه الدول هي التي اقامت إسرائيل؟

إن نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا قد سقط نتيجة للموقف العالمي الحازم ضد التمييز والعنصريّة، الذي بدأ منذ سنوات الستين بالشجب والاستهجان من دول العالم ومؤسسات الامم المتحدة، الأمر الذي أدى الى عزل جنوب إفريقيا عن الأسرة الدولية، ثم تلتها العقوبات الاقتصادية والمقاطعة الى جانب الحظر على بيع الاسلحة، وإبعاد من المؤسسات الدولية ومنالفعاليات والأحداث الرياضية، وكان هذا الحال بطبيعة الحال رديفًا لفعاليات المجتمع المدني في الداخل التي عملت بجد ونشاط على فضح القوانين والممارسات العنصريّة للنظام ومقاومتها مقاومة سلمية فاعلة.
لقد كان المتوقع من المثقف الفلسطيني أن يتجنّد لهذا الدور الرائد بدلا من أن يهذي بما لا يقال.

في مثل هذا يقال إن الرجال ثلاثة: رجل يدري ويدري أنه يدري. فهو عالم فاتبعوه، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فهو مسترشد فعلّموه، وجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فهو جاهل فانبذوه، لأن الجهل شرٌ من بلية! 

نمطٌ تعيسٌ آخر، تمثل بما صرّح به أحدهم ... ممن يدعون النشاط من اجل ضمان "حقوق الانسان" في الأرض المحتلة، ولكنّه يقول إنّه ينبري في هذا الشأن للسلطة الفلسطينية ولحماس، لا للاحتلال، وكأن مشكلة فلسطين الآن تنحصر في السلطة أو في حماس وليس في الاحتلال، أو كأن اهل الأرض المحتلة يعيشون تحت الاحتلال في ظلال جنات النعيم : فلا نهب ولا سلب ولا إغلاق، لا استيطان ولا عدوان، لا اعتقال ولا قتل ولا تدمير، ولا حتى "تاغ محير" ( تدفيع الثمن ). قال حضرته للاعلام إن مقاطعة منتجات المستوطنات تضر بالفلسطينيين اولًا، لأنها تفقدهم اعمالهم. هكذا ! أليس هذا هو ادعاء الاستعمار الاوروبي للدول الفقيرة على مر العصور؟ !. ثم ذهب الى أبعد من مجرد إبداء رأي في قضية، فقال ما تقوله الدعاية الاسرائيلية تمامًا، ولكن بلسان عربي: " إن توجه المقاطعة هذا هو توجه لا سامي يستهدف اليهود. ثم تساءل: إن كانوا مع حقوق الانسان حقا لماذا لم يتصدوا لما يحدث في سوريا؟ وكأن ما يحدث في سوريا يسوّغ لإسرائيل أن تفعل هنا ما تشاء. هذا، ومع أن العديد من الاسرائيليين اليقظين يعلنون صراحةً أن حالة الاحتلال والاستيطان قد جعلت اسرائيل دولة ابرتهايد بامتياز، فإن هذا الرجل يتطوع ليقول امام العالم إن اسرائيل ليست دولة ابرتهايد.

أما في هذا الحال فنقول إنّ الرذيلة ليست وجهة نظر بل هي نذالة وسقوط، فقلْ الخير والا فاصمت!.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة