الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 18:02

اللُّحمة الوطنية/ بقلم: البرفيسور أحمد ناطور

كل العرب
نُشر: 21/05/15 10:57,  حُتلن: 16:47

ب. أحمد ناطور في مقاله: 

خاب ظن إسرائيل ببتر أبناء الطائفة المعروفية من جسد عروبتهم وضلت واضلت حين اعتقدت ان بإمكانها ان تلغي من الدروز شهامتهم المميزة وحضارتهم العربية وامجادهم التي لا يشق لها غبار

كيف لاي طفل ان ينسى انه من احفاد سلطان باشا الأطرش – القائد العام للثورة السورية، وفارس فرسان العرب في جبل العرب ؟! وهل لاحد ان ينسى ان دمه من دم كمال جنبلاط والأمير مجيد أرسلان وسعيد تقي الدين وسميح القاسم ؟!

من يعرف الدروز يعلم يقينا بانهم مثل راق للشهامة العربية للاصالة العربية وللرجولة والفروسية ولن تنطلي عليهم أكاذيب المغرضين في ترجمتهم 

اليس إهانة للعرب جميعا ان يظن احد انه يستطيع اخراج العرب الاقحاح من أبناء الطوائف المسيحية عن عروبتهم ؟! كيف تسول لهؤلاء انفسهم بالتمادي بغيهم وهم العالمون بان المسيحيين العرب هم اصل العروبة ورأسها ؟!

هل يعتقد هؤلاء المارة ان بإمكانهم حقا اغواء ابنائنا المسيحيين حتى ينسوا انهم أبناء ميشيل عفلق وجورح حبش ووديع حداد وكمال ناصر ؟! 

لا ينبغي لنا نحن المسلمين ان نكتفي بشجب خطط إسرائيل تجاه أهلنا الدروز واهلنا المسيحيين بل ان علينا واجبا وطنيا فوريا لا يحتمل الابطاء وهو احتضان هذين الرافدين من أبنائنا – فهما من عظم الرقبة كما يقال

نموذج السيطرة الذي فصله الباحث "Lustick" هو واحد من نماذج ثلاثة يطرحها علماء العلوم السياسية لتفسير الإستقرار السياسي والإستمرارية في المجتمعات المنقسمة على ذاتها إنقساما عميقا بفعل فوارق دينية او عرقية طاعنة في القدم. اذ ذاك يمكن هذا النموذج وحدة فوقية الرتبة من التسلط على سائر الفئات تحتية الرتبة بشكل متفاوت وبالقدر الذي تريد. تسيطر على الموارد وتتحكم بتوزيع الميزانيات والمناصب وتستقطب القيادات والنخب المتعاونة، كما أنها تعمل جاهدة على تفتيت الفئة تحتية الرتبة الى فئات صغرى لا تقوى الواحدة منها على إدارة أعضائها. كما تسخر هذه الوحدة فوقية الرتبة الوحدات التحتية الرتبة في سبيل مصالحها. ويأتي هذا النموذج مخالفا تماما لنموذج التوحد الاجتماعي الذي نقحه ليفارت "Lijphart" في تجربة النمسا وبلجيكا وهولندا وسويسرا، بحيث يسمح للنخب هناك بإجراء مساومات وبناء الإجماع بين الوحدات الفرعية، بالإضافة الى ترسيخ مبدأ نسبة التمثيل وتخصيص الموارد والمناصب الرسمية الى جانب ضمان حق النقض المتبادل – الفيتو، بين الوحدات الفرعية. هذا، وبخلاف نموذج السيطرة المذكور، فإن الدولة هنا تلعب دور الحكم المحايد او دور الوسيط فحسب.

منذ كانت إسرائيل ككيان سياسي، فان الوحدة فوقية الرتبة هي اليهود الاشكناز ودونهم يهود العرب، او ما يعرف باليهود الشرقيين، ثم الفلاشا وهكذا – اما اخر هذه الوحدات تحتيةً فهم العرب الفلسطينيون – اهل البلاد الأصل. لقد تعاملت إسرائيل مع العرب، وفقا لنموذج السيطرة هذا فصادرت أموالهم، بطرق مختلفة، منها قانون أملاك الغائبين، والمصادرة لأغراض عامة ومبدأ أراضي الموات، والاستيلاء على أراض بحجة انها مناطق عسكرية مغلقة وهكذا ... كما انها استقطبت القيادات أيام الحكم العسكري، واحتكرت توزيع الموارد، ثم شرعت بتفتيت الأقلية القومية العربية الى وحدات فرعية صغيرة ثم صارت تنادي كل مجموعة منها باسم مغاير: العرب (وتعني المسلمين)، المسيحيون، البدو والدروز.. وكأن المسيحيين ليسوا عربا وكذلك البدو والدروز، وقد باشرت بمشروعها المشؤوم الرامي الى سلخ أبناء الطائفة المعروفية العرب عن عروبتهم، وجعلت لهم دوائر منفصلة عن دوائر العرب في المكاتب الحكومية، بل انها تدعي انها قد نجحت بخلق "شعب جديد" اسمه في عرفها "الدروزيم" اي الدروز ..., واليوم تعود إسرائيل على محاولتها التي كانت قد فشلت قبل عقود لارباك المسيحين العرب، وتحاول تجنيدهم للعسكرية كبداية لمشروع ترجمتهم الى شعب جديد.

أقول، لقد خاب ظن إسرائيل ببتر أبناء الطائفة المعروفية من جسد عروبتهم، وضلت واضلت حين اعتقدت ان بإمكانها ان تلغي من الدروز شهامتهم المميزة وحضارتهم العربية وامجادهم التي لا يشق لها غبار. فكيف لاي طفل ان ينسى انه من احفاد سلطان باشا الأطرش – القائد العام للثورة السورية، وفارس فرسان العرب في جبل العرب ؟! وهل لاحد ان ينسى ان دمه من دم كمال جنبلاط والأمير مجيد أرسلان، وسعيد تقي الدين وسميح القاسم ؟! ان من يعرف الدروز يعلم يقينا بانهم مثل للشهامة العربية، للاصالة العربية وللرجولة والفروسية، ولن تنطلي عليهم أكاذيب المغرضين في ترجمتهم. اما ان بلغ الامر أهلنا المسيحيين، فان الكلام قاصر عنهم وغير قادر عليهم. اليس إهانة للعرب جميعا ان يظن احد انه يستطيع اخراج العرب الاقحاح من أبناء الطوائف المسيحية عن عروبتهم ؟! كيف تسول لهؤلاء انفسهم بالتمادي بغيهم وهم العالمون بان المسيحيين العرب هم اصل العروبة ورأسها ؟! الا ترى ان في هذا التوجه استخفافا واهانة لامجاد من تصدروا صناعة تاريخ العرب وبنوا حضارتهم لبنة فوق لبنة منذ ان كانت العرب، من الاخطل الكبير الى الاخطل الصغير؟! من المهلهل وأمرئ القيس الى شعراء المهجر. ثم من ذا الذي وقف في طليعة القوميين العرب؟ هل يعتقد هؤلاء المارة ان بإمكانهم حقا اغواء ابنائنا المسيحيين حتى ينسوا انهم أبناء ميشيل عفلق وجورح حبش ووديع حداد وكمال ناصر ؟! او انهم أبناء جبران خليل جبران وبطرس البستاني ورشيد سليم الخوري وفوزي معلوف ونسيب عريضة وندرة حداد وايليا أبي ماضي ومارون عبود ومي زيادة وادوارد سعيد وفارس الخوري ونجيب الريحاني ويوسف شاهين و...؟! والقائمة لا تنقطع. كيف تصدق إسرائيل نفسها حين تعتقد ان بإمكانها الغاء كل هذه الامجاد من سجل المسيحيين العرب ؟!

من ناحية أخرى فانه لا ينبغي لنا نحن المسلمين ان نكتفي بشجب خطط إسرائيل تجاه أهلنا الدروز واهلنا المسيحيين، بل ان علينا واجبا وطنيا فوريا لا يحتمل الابطاء وهو احتضان هذين الرافدين من أبنائنا – فهما من عظم الرقبة كما يقال. علينا ان نضع خطة وطنية شاملة لاعادة بناء الامة Nation Building - - لاعادة الالتحام والالتئام بين أبناء الشعب الواحد وهذا يتطلب إقامة هيئة وطنية عليا لبناء الوحدة الوطنية، يجب إقامة مشاريع وطنية شاملة لاستيعاب الشباب في أماكن عمل مناسبة من اجل ابقائهم في ارضهم ووضع حد لظاهرة الهجرة المسيحية التي باتت تقض المضاجع, فمن ذا الذي يستطيع ان يتصور فلسطين من غير مسيحييها العرب ؟! يجب العمل فورا على اطلاق خطة إسكان للعائلات الشابة بمساعدة الكنائس والاديرة وانفاق مدخولات الوقف المسيحي في خدمة أبناء الرعية . ان إقامة هيئة وطنية عليا كهذه من شأنها ان تشكل اطارا لادارةخطة دائمة للحمة الوطنية فتبني خططا لبناء الاجماع القائم على الانتماء الواحد الى المصير الواحد. وستشكل هذه الهيئة مرجعية وطنية جامعة فتتصدى لكل خلاف واختلاف بين الافراد والجماعات وتقف بطول قامتها امام ما يحاك ضد العرب من خطط كولونيالية لئيمة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة