الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 00:01

القداسة بنكهة عربية مسيحية/ بقلم: الأب رفعت بدر

كل العرب
نُشر: 13/05/15 08:33,  حُتلن: 08:35

الأب رفعت بدر في مقاله:

بالرغم من الأحزان الحاضرة ومن الدماء المراقة يومياً في هذا الشرق إلا أنّ منطقتنا العربية ليست بعاقر

اعلان قداسة راهبتين عربيتين من فلسطين، هو فرح للشرق كله ويحق لنا أن نبارك بهما لكل أبناء هذا الشرق

الاعلان لقداسة عربيتين يعتبر مؤشراً على اهتمام الكنيسة الكاثوليكية في العالم بالحضور المسيحي في القدس وفلسطين والشرق والبلدن العربية

تتجه أنظار الملايين وأفئدتهم إلى روما، العاصمة الإيطالية، وتحديداً إلى ساحة القديس بطرس، ابن الأرض المقدسة، لإعلان قداسة راهبتين عربيتين من فلسطين: وهما سلطانة غطاس المعروفة بالأم ماري ألفونسين المولودة في القدس عام 1843 والمتوفاة في عين كارم عام 1927، وهي مؤسسة راهبات الوردية المتواجدات في الأردن وفلسطين وعدد من بلدان عربية وأجنبية. والثانية هي مريم بواردي التي اتخذت اسم مريم اليسوع المصلوب، وهي راهبة كرملية ولدت في الجليل عام 1846، وتوفيت في بيت لحم عام 1878. ويعتبر هذا الاعلان لقداسة عربيتين مؤشراً على اهتمام الكنيسة الكاثوليكية في العالم بالحضور المسيحي في القدس وفلسطين والشرق والبلدن العربية.

فبحدث التقديس الذي يعتبر أرفع تكريم يمنح لشخص عاش المحبة لله وللقريب، وتوفي برائحة القداسة، تسلط وسائل الاعلام العالمية الضوء على المسيحية العربية في القدس حيث نشأت الأم ألفونسين التي استطاعت بدعم من السلطات الدينية آنذاك تأسيس أول رهبنة عربية محلية، تضع لها حضوراً في العالم العربي، وبالأخص في مجالات تعليم الديانة والتربية والتعليم، ولدينا في الأردن حضور بارز ومؤثر لمدارس الوردية التابعة للرهبنة العربية. وعندما نتحدث عن الرهبنة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، نرى أنها أسهمت في اعطاء المرأة العربية دوراً بارزاً في التثقيف والتوعية والتوجيه وتعليم الأجيال ومنهم المرأة. ومن يدرس تاريخ فلسطين والأردن في بداية القرن العشرين، يعرف أن الكنائس بشكل عام والراهبات بشكل خاص قد قدّمت اسهامات فاعلة لمحو الأمية بشكل مبكر عن المناطق الأخرى.

أما الراهبة الثانية والمولودة في عبلين، وعاشت في بيت لحم، فهي تسلط الضوء على الحضور العربي المسيحي في أراضي الـ48 وبالرغم من الضغوطات لمحو هويتهم العربية من جهة والمسيحية من جهة أخرى، وكذلك إن حضورها الرهباني في الكرمل في بيت لحم، يسلط الضوء على مقدرتها في تأسيس رهبنة تنعزل عن العالم خلف أسوار عالية، إلا أن الشمس لا تغطى بغربال، وتفوح رائحة القداسة العربية من خلف أسوار سميكة في بيت لحم إلى العالم أجمع.

إن إعلان القداسة ذات النكهة العربية المسيحية، من البابا فرنسيس، وبحضور كثيف من الأردن وفلسطين وبلدان المشرق العربي الذين سيرنمون باللغة العربية، هو أفضل تشجيع وأمل في الوقت الراهن، من أجل انقاذ ليس الهوية العربية المسيحية فقط، وإنما انقاذ صورة التعددية الراقية التي افتخر بها شرقنا العزيز ويصمم ألا يستغني –أو يتخلى–عنها أبداً. فالتعددية وبالاخص الدينية ليست سلعة معروضة للبيع والشراء إنما هي من صميم هوية الشرق ذاته.

إنّ اعلان قداسة راهبتين عربيتين من فلسطين، هو فرح للشرق كله، ويحق لنا أن نبارك بهما لكل أبناء هذا الشرق، فبالرغم من الأحزان الحاضرة، ومن الدماء المراقة يومياً في هذا الشرق، إلا أنّ منطقتنا العربية ليست بعاقر، وهي تصدّر اليوم للعالم أنموذج شخصيتين، عاشتا بتواضع وبساطة، وتستحقان اليوم، أن يعلن بابا التواضع والبساطة فرنسيس قداستهما، وان يرفع صورتهما واسميهما فوق ارفع الصروح الدينية في العالم.

هنيئاً للشرق خصبه المتواصل وقداسته في التراب والحجارة والماء والانسان.

نقلًا عن موقع أبونا

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة