الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 12:01

قتل في حيفا والطيرة وإطلاق نار في الكسيفة/ بقلم: د.صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 01/05/15 08:04,  حُتلن: 08:25

د.صالح نجيدات في مقاله:

 مجتمعنا للأسف يفتقر إلى قيادة اجتماعية واعية تضع في أول سلم أفضلياتها حل المشاكل والخلافات العائلية المزمنة وغيرها من ظواهر سلبية

 القيادات اليوم شبه مغيبة لأنه لو كانت هنالك قيادات فاعلة لما نشبت كل يوم شجارات عنيفة بين الأفراد والعائلات في قرانا

الغيرة والانتماء للمثقف العربي لمجتمعه ضعيفة وعطاءه قليل وهو يقف متفرجا على ما يجري في مجتمعنا ولا يبادر من اجل تحسين الأوضاع

ظاهرة الشجارات والنزاعات والقتل في مجتمعنا اليوم تعيد الى ذاكرتنا ما كان يحصل في العصر الجاهلي عندما كانت القبائل المتناحرة على الزعامة ومصادر المياه والكلأ تقتتل وتأخذ بالثأر فلا قانون يحكمها ولا قاعدة 

العنف مستشرٍ في مجتمعنا من الجليل حتى النقب، ومجتمعنا للأسف يفتقر إلى قيادة اجتماعية واعية تضع في أول سلم أفضلياتها حل المشاكل والخلافات العائلية المزمنة، وحل مشاكل الشباب وانتشار المخدرات والمشروبات الكحولية بين أوساط الشباب وانتشار فوضى السلاح غير المرخص وغيرها من ظواهر سلبية في مجتمعنا، والتي لا تلق أي اهتمام أو حلول من قبل مجالسنا المحلية أو مؤسسات الدولة.

أقصد بالقيادات الاجتماعية، الأب في البيت قائد لعائلته، المعلم ومدير المدرسة قائدان للتلاميذ، رئيس المجلس المحلي قائد لبلده، رجال الدين في المسجد والكنيسة والخلوة قادة لمجتمعهم، النواب في البرلمان قادة، وهكذا وهكذا... هذه القيادات اليوم شبه مغيبة، لأنه لو كانت هنالك قيادات فاعلة لما نشبت كل يوم شجارات عنيفة بين الأفراد والعائلات في قرانا، وانطباعي أن الغيرة والانتماء للمثقف العربي لمجتمعه ضعيفة وعطاءه قليل وهو يقف متفرجا على ما يجري في مجتمعنا ولا يبادر من اجل تحسين الأوضاع.

للأسف، في كل أسبوع تطالعنا الصحف والتلفاز بأنباء عن وقوع شجارات عائلية في قرانا ومدننا من الجليل وحتى النقب، يذهب ضحيتها شباب ورجال كما حصل البارحة في حيفا حيث قتل شخص وجرح ابنه بجروح خطيرة، وكذلك تم اطلاق نار على مدير مدرسة في الكسيفه وإصابته بجراح بجروح خطيرة، وقبلها قتل شاب في مدينة الطيرة، وحوادث بأماكن اخرى في مجتمعنا، ونتيجة لذلك تترمل النساء ويتيتّم الأطفال وتحرق البيوت والسيارات ويدمر الاقتصاد وتشتت العائلات ويعيش من يقع في دائرة الجريمة حياة الجحيم.

إن ظاهرة الشجارات والنزاعات والقتل في مجتمعنا اليوم تعيد الى ذاكرتنا ما كان يحصل في العصر الجاهلي عندما كانت القبائل المتناحرة على الزعامة ومصادر المياه والكلأ تقتتل وتأخذ بالثأر فلا قانون يحكمها ولا قاعدة، والقوي كان يأكل الضعيف وكان استعمال القوة ـسلوب حياه عندهم، أما اليوم فتطور المجتمع وأصبحت قوانين تنظم العلاقات بين الأفراد والجماعات وهناك علم وثقافة وحضارة ووعي، فإذا حصل خلاف بين اثنين وعسر الحل بينهما يجب أن يحتكما إلى القانون أو إلى أهل الخير والإصلاح ولا يلجأن إلى اسلوب استعمال القوة في حل المشكلة، لأن القوة لا تحل مشكلة بل تعقدها وتزيد الطين بلّة، لذا يجب علينا أن نرتقي بعلاقاتنا مع بعضنا البعض الى الأساليب ألحضارية التي تليق ببني البشر في حل مشاكلنا وتعاملنا مع بعضنا البعض.

إن ابتعادنا عن القيم الدينية وضعف الوازع الديني وابتعادنا عن عاداتنا الاصيلة وإهمال تربية الأولاد من قبل الأهل والمدرسة ومؤسسات المجتمع جعلت شبابنا يتأثرون بما تبثه محطات التلفاز الهابطة وتعلمهم أنماط تصرفات لا تتلاءم مع عاداتنا وتقاليدنا وهذا احد الأسباب المهمة للفوضى والانفلات الموجود في مجتمعنا .

كما هو معروف فإن للشجارات العائلية والاقتتال نتائج مدمرة من الناحية الاجتماعية ولاقتصادية والنفسية على الأفراد لأنها تضر بتطوير البلد والمجتمع واقتصاده، بالإضافة إلى ذلك لها تأثير كبير على نفسية الأطفال والأجيال الصغيرة لأن الانفعال والتوتر والقلق والحزن التي تعيشه العائلة في فترة الشجار ينعكس سلبا ويؤثر تأثيرا كبيرا على نفسية الأطفال وشخصيتهم وتطويرهم النفسي وعلى تصرفاتهم مستقبلا، ويكتسبون نمط استعمال القوة والعنف كأسلوب حياة من أهلهم منذ الصغر وبهذا ينتقل العنف من جيل الى آخر ونبقى في دوامة.
في الماضي كانت العائلات تستعمل العصي والحجارة والآلات إالحادة في "الطوشات"، ولكن حصل تطور خطير في مجتمعنا فاستبدلنا العصا بالسلاح فأصبحت النتائج قاتلة.
يا أهلنا إذا بقي الوضع على ما عليه اليوم واذا لم نغير ما في أنفسنا وعقليتنا ومفاهيمنا وتصرفاتنا فسوف نغرق ونعيش كلنا في الجحيم، فحتى نضع حدا لهذه الظواهر الجاهلية والسلبية علينا أن نعود الى رشدنا ونطبق عقيدتنا السمحة ونجمع شملنا ونوحد صفنا في قرانا ومدننا، ونعيد المحبة والاحترام والتسامح بيننا ونكرس كل جهودنا لتعليم أولادنا قيمنا وعاداتنا لنضمن لهم مستقبلا أفضل، خاليًا من تعقيدات الماضي وأحقاده ورواسبه.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة