الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 02:01

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة/بقلم: نائل أبو مروان

كل العرب
نُشر: 21/04/15 20:48,  حُتلن: 08:09

نائل أبو مروان في مقاله:

الضمانة الحقيقية لتحقيق هذه الأهداف النبيلة هي مشاركة الشعوب في صنع القرار وليس في تغييبها وقمعها

في ظل هذه الظروف لجأت الأحزاب الموجودة في المعارضة إلى استعمال القوة في محاولتها للوصول إلى السلطة فكانت الانقلابات العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لتغيير الأنظمة 

يتحاورون ويتهامسون ويتساءلون، عن سبب عدم تطبيق الديمقراطية في بلادنا العربية، يتناسون أن سؤالًا هامًا بات يخطر على بال كل "عربي" وهو الآتي: هل تطبيق الديمقراطية أمر ممكن أم عملية مستحيلة في مجتمعاتنا العربية "الإسلامية" ؟

عدم وجود بنية حقيقية للدول العربية بالمفهوم المعاصر، فرغم مرور حوالي قرن على انهيار الإمبراطورية العثمانية وأكثر من نصف قرن على الاستقلال من الاستعمار والانتداب الأجنبي إلا أن الأنظمة العربية لم تنجح في بناء دولة المؤسسات والقانون ومجتمعات المواطنة، وبقيت عبارة عن أنظمة حكم تمتلك السلطة السياسية بدون أي شرعية ديمقراطية حقيقية، وفي غياب هذه الشرعية كان الهمّ الأساسي لهذه الأنظمة المحافظة على سلطتها ونفوذها السياسي وضمان استمرار حكمها ومن أجل تحقيق هذه الأهداف استعملت القوة وأساليب القمع لمحاربة معارضيها والتنكيل بهم أحيانا أخرى، وأساليب عن طريق شراء الذمم وتوزيع الأعطيات و المناصب.

وفي ظل هذه الظروف لجأت الأحزاب الموجودة في المعارضة إلى استعمال القوة في محاولتها للوصول إلى السلطة فكانت الانقلابات العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لتغيير الأنظمة ووصول هذه الأحزاب إلى السلطة، في كثير من الوطن العربي، و لقد استعملت هذه القوى سواء كانت أحزابًا أو أشخاصا نفس أساليب خصومها السابقين (والتي كانت تتهمهم بالرجعية والعمالة لأعداء شعوبهم) فقامت بإلغاء الرأي الآخر واستفردت بالسلطة لوحدها بدون منازع بعد تصفية الخصوم عن طريق حكم الحزب الواحد، ولأجل تبرير وجودها في السلطة في غياب أيضا أي شرعية ديمقراطية.

استخدمت الشرعية الوطنية والقومية باعتبارها الجهة الوحيدة والقادرة والوصية على تحقيق أحلام وطموحات الشعب في الوحدة والعدالة الاجتماعية، ومقاومة الاستعمار وتحرير الأراضي العربية المحتلة. علمًا بأنّ الهدف الوحيد المهم كان في المحافظة على السلطة السياسية، ورغم الهزيمة القاسية لها في كل الميادين من حرب 1967حتى اليوم، إلا أنّ هذه الأحزاب لم تقم بتغيير فكرها أو أساليبها بل اعتبرت أنّ الهزيمة العسكرية وخسارة الأرض ليست مهمة لأنّ هدف العدو كان إسقاط هذه الأنظمة وهكذا تحوّلت الهزيمة إلى انتصار، لأن هذه الأنظمة بقيت على كراسيها.

إنّ غياب الشرعية الديمقراطية لهذه الأنظمة في المجتمع، أدى وبشكل مباشر إلى غياب أيضا الشرعية الديمقراطية للقادة داخل الحزب نفسه، ولهذا استبدلت هذه الشرعية بشرعية القائد الملهم والأمين على مصالح الجماهير وحامي حمى الشعب وقائد معركة التحرير، وكانت أية معارضة لهذا القائد تتهم بالرجعية والعمالة لأعداء الوطن والشعب، فالقائد هو الحزب وهو الشعب ولذلك فهو المستهدف من قبل الأعداء. ومن أجل بقائه في السلطه لم يتوانى في طلب المساعده من الدول التي يعتبرها عدوا للوطن من أجل دعمه في البقاء.

مشاركة النخب السياسة والمثقفين، المرتزقين، والذي هدفهم المشاركه في سرقة الوطن في تثبيت هذه المفاهيم والدعوة لها وتبرير غياب الديمقراطية بضرورة المحافظة على القيادة الملهمة والتركيز على ضرورة حشد كل القوى في مواجهة العدو، (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) ما أدّى إلى تغليب المطلب الوطني على المطلب الديمقراطي، وكأنّ ممارسة الشعوب لحريتها وحقوقها في اختيار حكّامها ومشاركتها في العمليّة السّياسيّة سوف يؤدّي إلى خيانة هذه الأهداف الوطنية، مع أنّ الضمانة الحقيقية لتحقيق هذه الأهداف النبيلة هي مشاركة الشعوب في صنع القرار وليس في تغييبها وقمعها.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة