الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 05:02

كَأنَّها غَفلَةٌ منَ الزَمَن /بقلم:محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 19/03/15 14:17,  حُتلن: 08:21

محمد كناعنة في مقاله:

كانت المراهنة على المُعسكر الصَهيوني خائبة ومُضَلّلة إلى أن تَدارَكَ أقطاب المُشتركة وخرجت حملة ضدَّ هذا الرهان

إنتَهت الإنتخابات ولَم يَكُن شعارُ نحنُ قَدّها قد حقَّقَ مُرادَهُ فالقائِمة لَم تحصل على خمسة عشر مقعدًا ولم تستطع الوحدة من رفع نسبة التصويتن إلى معدلات خيالية

القائِمة المُشتركة كانت بحدِّ ذاتها إنجازًا تاريخيًا وإن كانَ ليبرمان هو "عَرّابُها" من غيرِ أن يَقصِد ذلك وهذا الإنجاز الإنتخابي ورغمَ كلِّ نقاشٍ لنا معهُ وخلاف وإختلاف في المواقف والرؤية والنهج وبعض التصريحات التي نراها خطيرة

قراءة سريعة جدًا: "كانَ أينشتاين لا يَستَغني أبَدًا عَن نظارَته.. وَذَهبَ ذاتَ مَرّة إلى أحَدِ المَطاعِم، واكتَشَفَ هُناك أنَّ نظارَتَه لَيسَت مَعَهُ، فَلمّا أتاهُ النادِل بِقائِمَةِ الطَعام لِيَقرَأها وَيختار مِنها ما يُريد، طَلَبَ منُه أينشتاين أن يَقرَأها لَهُ فاعتَذرَ النادِل قائِلاً: إنَّني آسف يا سَيّدي، فَأنا أُمّي جَاهِل مِثلُك!".
هي غَيمةٌ، هكذا يراها البَعض، وقد تكون نعمة لدى آخرين أو نقمة لدى غيرهم، قَد تُمطِرُ خيرًا على من يُنادي بها وقد تكونُ بلاءً عليهِ، ومن المُمكن أن تنجو بفعلتها ولا تُحاسَب على أعمالها، ويجوز لها ما لا يجوز لغيرها في حالةِ أنَّها كانت على قَدَرِ ما تَوَقَّعَ مِنها مَنْ ناجاها..
برؤية سريعة وبعيدَة عن التَشَبُث بالمواقف المُسبقة منَ المُمكِن القَول بأنَّ القائِمة المُشتركة كانت بحدِّ ذاتها إنجازًا تاريخيًا وإن كانَ ليبرمان هو "عَرّابُها" من غيرِ أن يَقصِد ذلك، وهذا الإنجاز الإنتخابي ورغمَ كلِّ نقاشٍ لنا معهُ وخلاف وإختلاف في المواقف والرؤية والنهج وبعض التصريحات التي نراها خطيرة، ومنها إعادة للخطاب المُتمَلِّق للإسرائيلي اليهودي، ونحنُ على قناعة بأنَّ نقدًا داخليًا سيحصل حولَ ذلك، فليسَ كل أقطاب القائمة راضون عن هذا التَوجّه المُسمى "عَقلاني" في ظاهرهِ وهو إنبطاحي في جوهَرهِ، وزرغمَ موقفنا الثابت والمبدئي من موضوعة الكنيست والإنتخابات، ورغمَ ما رافقَ الحملة من تشويه وتخوين جاوزَ الخَط الأحمَر من قبلِ صغار القائمة وسكوت كبارها وصمتهم، رغمَ كل ذلك نُسَجّل بأنَّ هذه القائمة لو إستمرَّت سيكون لها إنعكاسات إيجابية في مجتمعنا العربي في البلاد، وقد كانت ثمرة هذا الإنعكاس في الشهر الأخير حيثُ شهدنا لأوَّل مرة منذُ عُقودٍ طويلة غياب الإحتراب الداخلي وخطابَ التخوين –ما عدا ما طالَ المُقاطعين- وشهدت الساحة الداخلية هدوءً لم يسبق لهُ مثيل من غياب المُشاحنات والطوش والقتال والإقتتال بينَ ناشطي القَوائم، وكذا مجرَّد جلوسهم مع بعض في نشاط مشترك بَدَّدَ بعضًا من توترات الماضي لدى الكثيرين وإن كانَ الحقدُ ما زالَ يُعشعش عندَ بعضهم.

إنتَهت الإنتخابات ولَم يَكُن شعارُ نحنُ قَدّها قد حقَّقَ مُرادَهُ فالقائِمة لَم تحصل على خمسة عشر مقعدًا ولم تستطع الوحدة من رفع نسبة التصويت إلى معدلات خيالية، ففي الإنتخابات السابقة خسرت القائمة العربية المةحدّة المقعد الخامس بفارق مائتي صَوت ووقف تمثيل القوائم العربية على أحدَ عشر مقعدًا بفارق ما ئتي صَوت عن الثاني عشر وها هي اليَوم تقف مُوَحَّدة على ثلاثة عشر مقعدًا وبإرتفاع طفيف على نسبة التصويت عندَ العرب تأثُرًا بأجواء الوحدة والعمل المُشتَرك أضف إلى ذلك حملة التخويف والتهويل على طرفي المتراس لإخراج الناس للصناديق، ولكن تأثير ذلك على التجمع الصهيوني الإستيطاني كانَ أقوى لأنَّهُ أكثر تطرفًا وإيغالًا بالحقد والخوفِ فتجاوبَ مع نداءات رئيس حكومة الإختلال بنيامين نتياهو على عكس العرب الذين لم يتأثَّروا بخطاب التخويف ولم يقتنعوا بأنَّ النزول إلى صناديق الإقتراع فيهِ شبكة أمان وجوديّة.
وأخفَقت القائمة المُشتركة في إنجاز الإنجاز التاريخي الموعود للجماهير العربية بإجلاس نتياهو وليبرمان على مقاعد المعارضة، يا لهُ من شعار مُرتَد كَال"بومرانغ"، تمامًا كما حصلَ مع فائض الأصوات، لا تنسوا هذا الشعار: "إجلاس بنيانين نتياهو وليبرمان على المقاعد الخلفية للكنيست هو هَدف الجماهير العربية"، خابَ ظن الجماهير العربية إذن وقادتها في الكنيست، وعادَ نتياهو وبقوة لِيُعبّر عن حقيقة هذا الوجود الكولونيالي في فلسطين.
وكانت المراهنة على المُعسكر الصَهيوني خائبة ومُضَلّلة إلى أن تَدارَكَ أقطاب المُشتركة وخرجت حملة ضدَّ هذا الرهان، وكانَ صمت بعض أقطاب المُشتركة عن المعسكر الصَهيوني وما يمثلهُ وإعتبار القائمة شريكًا أوتوماتيكيًا في دعم حكومتهَ نزولًا عندَ ضغط وتمويل ومساعدة وإشراف رأس هرم سلطة دايتون في رام الله صاحب التنسيق الأمني المُقدَّس محمود العباس، وعن ذلكَ سنأتي لاحقًا بالتفاصيل.
قالوا بأنَّ الحديث عن التمويل الأجنبي والقَطري والسُلطوي للإنتخابات ولإخراج العَرب للتصويت وكذا عن التزوير هو تشويه ووشاية، ولكن أن يتفاخَر مندوبي المشتركة على المَلأ بالتصويت عن المُقاطعين، ماذا يُسمى!!؟ نحنُ نعلم جيدًا وبالتفاصيل عن الوشايات لدى الشُرطة والشاباك على أبناء البلد وممن تأتي، وكذا نعلمُ عن التزوير وشطبِ أسماءِنا وعن التمويل والفساد المالي والمال السياسي العَفن، ونحنُ لسنا ممن يَشي بالناس.
وأخيرًا وليسَ آخرًا نُبارك لِمن يعتقد بأنَّهُ أنجزَ شيئًا ونتمنى أن تبدأ صفحة مراجعة حقيقية لهذه التجربة وما رافقها، ونهنئ جماهيرنا بأنَّ أجواء التوتر المشحون قد زالت فيما بينها بسبب الإنتخابات وقد نُسامح من نعتنا بالعمالة ولكنَّنا لن ننسى، وموعدنا قريب في ؤساحاتٍ أخرى.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة