د. يوسف جبارين في مقاله:

تلوح في الأفق ملامح مرحلة جديدة تسعى الى الاعتماد على استراتيجيات جديدة وتتمثل هذه الايام بمشروع القائمة المشتركة

نهدف عبر القائمة المشتركة الى تعزيز وحدتنا الوطنية وتحصين نسيجنا الاجتماعي عبر تجاوز الانتماءات الفرعية في سبيل مواجهة التحدي المشترك والأساسي

تمت إقامة القائمة المشتركة وأصبحت حقيقة بعد أن راهن عليها الكثيرون ولو قيّض لهذه التجربة أن تنجح ستؤسس لمرحلة جديدة في نضالنا السياسي والحقوقي

تلوح في الأفق ملامح مرحلة جديدة تعتمد على استراتيجيات جديدة في صلبها أربعة مكونات أساسية: الوحدة الوطنية، النضال الجماهيري، العمل الجماعي أمام المجتمع اليهودي، والتدويل

شهد العمل السياسي في صفوف المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد تحولات هامة عبر العقود، وتميزت هذه التحولات بارتباطها بأحداث تاريخية مؤسسة خبرتها هذه الأقلية القومية الأصلية منذ النكبة إلى يومنا هذا. ويمكن القول أنه وبعد إنجاز مشروع القائمة المشتركة فإننا قد نساهم في إدخال العمل الوطني الجماعي بين الفلسطينيين في اسرائيل الى مرحلة تاريخية جديدة.

قد تكون المرحلة الأولى قد استمرت منذ العام 1948 إلى نحو 28 عامًا، أي حتى يوم الأرض الخالد في العام 1976، وفيها بدأت تتبلور ملامح العمل السياسي من خلال النضال ضد الحكم العسكري وسياساته القمعية ومن أجل حرية التنظيم السياسي. أما المرحلة الثانية، فقد استمرت نحو 20 عاما، منذ يوم الأرض وحتى اتفاقيات أوسلو في أواسط التسعينيات، وقامت على المبادرة لبناء المؤسسات الوطنية والهيئات القيادية الجماعية، وشهدت هذه المرحلة أيضًا التحول نحو التعددية الحزبية والتنظيمية. أما المرحلة الثالثة تستمر حتى ايامنا هذه مرورا بانتفاضة القدس والأقصى وإسقاطاتها علينا في كافة مناحي حياتنا.

بعد عقد ونصف من التشابك مع اسقاطات هبة القدس والأقصى في العام 2000 وصعود اليمين إلى سدة الحكم من جديد، وقيادته للتهديد المستمر لمواطنتنا ونزع الشرعية السياسية عن وجودنا وعن عملنا السياسي، تلوح في الأفق ملامح مرحلة جديدة تسعى الى الاعتماد على استراتيجيات جديدة وتتمثل هذه الايام بمشروع القائمة المشتركة. هي مرحلة يجب أن تكون - رغم يقيني أن هناك من سيحاول الاصطياد بالمياه العكرة والدفع باتجاهات مختلفة قد تعيق هذا المشروع. إن في الأفق إرادة جماعية، وهي تجربة رائدة لإدارة شؤوننا بشكل توافقي في أحد النواحي المركزية في عملنا - العمل البرلماني، وهذا بإمكانه أن يلقى بظلاله على جميع المؤسسات والهيئات الوطنية الأخرى ودفعها باتجاه الوحدة الوطنية والعمل الجماعي.

يمكن للقائمة المشتركة أن تكون فرصتنا التاريخية ويمكننا توطيد هذه التجربة وتثبيتها من خلال أربعة مكونات أساسية: أولا، القائمة المشتركة كأساس جماعي لتعزيز الوحدة الوطنية والعمل المشترك من أجل إعادة التنظيم المجتمعي وتوحيد الجهود بين الأحزاب وبين مؤسسات المجتمع المدني نحو النهوض بمؤسساتنا الوطنية عمومًا ولجنة المتابعة العليا خصوصًا. ثانيا، الاعتماد على تجربة القائمة المشتركة من أجل تعزيز النضال الشعبي والجماهيري وإعادة الهيبة للأحزاب السياسية وتعزيز ثقة الناس بها. ثالثا، نريد لتجربة القائمة المشتركة أن تشكل أساسا لتعميق التعاون مع قوى ديمقراطية وتقدمية يهودية من أجل مناهضة العنصرية والفاشية فالوحدة فيما بيننا داخليا تجعلنا نتحدث بلغة واحدة جامعة مع المجتمع اليهودي في سبيل خدمة قضايانا. ورابعا، تعميق فرصة تدويل قضايانا من خلال التوجه إلى المحافل الدولية وطرح قضايانا على الساحة الدولية بصوت واحد متماسك.

هي لحظات جميلة لمجتمعنا ترتكز على مشروع سياسي موحد والتفاف جماهيري واسع يلقي علينا الكثير من المسؤوليات في ظل التحديات الكبيرة والمركبة التي تواجهنا. هي مسؤولية كبيرة تجاه مجتمعنا العربي الفلسطيني نحو تحصيل حقوقه وتغيير ظروف حياته الاجتماعية والاقتصادية والعمل على إخراج العائلات العربية من دوائر الفقر والبطالة، والحد من ظواهر العنف والجريمة من خلال طروحات مهنية ومنهجية. السر في نجاحنا يكمن في اصرارنا ان لا تفرقنا الانتماءات الحزبية والتوجهات الفكرية المختلفة التي نحملها وأن نضع قضايا شعبنا نصب أعيننا ونسعى لتسخير كل ما نملك من طاقات فردية وجماعية من أجل حماية هذه المشروع الجماعي ودفع عجلته إلى الأمام.

في القائمة المشتركة ندون في سجل تاريخنا صفحة ناصعة البياض تحمل موقفا وطنيا وأخلاقيا بامتياز وهي رسالة لكافة أبناء شعبنا وللجيل القادم تحديدا أننا موحدون في العمل ونعتز بتعدد الرأي بيننا. نبني على تاريخ عريق من المعرفة وتراكم التجارب من اجل ترشيد مسيرة شعبنا، ونربط الماضي بالحاضر من أجل حث الخطى نحو المستقبل الأفضل لأبنائنا وبناتنا في وطن الاباء والاجداد.

نهدف عبر القائمة المشتركة الى تعزيز وحدتنا الوطنية وتحصين نسيجنا الاجتماعي عبر تجاوز الانتماءات الفرعية في سبيل مواجهة التحدي المشترك والأساسي: السياسات العنصرية والتمييزية، الإقصاء، والاحتلال.