الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 02:01

عن التَضليلِ وَالواقعيَّة السِياسِيَّة /بقلم:محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 12/03/15 09:26,  حُتلن: 08:03

محمد كناعنة في مقاله:

 لماذا يُصر البعض أو المُعظم على التسَتُر على شروط خوض الإنتخابات للكنيست، وأهم هذه الشروط الواردة في البند 7 (أ) من قانون أساس الكنيست المُعدّل عام 1984 وهو وجوب الإعتراف بأنَّ "إسرائيل" دولة يهودية وديموقراطية

قد يكون الأخطَر على المدى القريب تصريحات الرفيق أيمن عودة العضو القادم عن "هم الناس" وهذا يُذكّرني بأسلوب الإمبريالية في التعاطي مع دول المحيط والتبعية همّ الناس حينَ يُصبح هو الخطاب والتوجه لبناء تحالف مع شاس وأرييه درعي

هناكَ حالة من التناقض في الطرح عندَ بعض الرفاق في التجمع الوطني الديمقراطي حولَ برنامَج الحزب وأحيانًا تشعُر بأنَّ هذا التناقُض ينُم عن قناعة بالشيء وضدَّه، ولكن هذه السياسة، الإزدواجية في المواقف لا تُسمى بغير الإنتهازية

"من الصعوبة أن تُحرّر السُذَج منَِ الأغلالِ التي يُبَجّلونَها"... فولتير. في النِقاش الدائِرِ حَولَ مَشروعِيّةِ المُشاركَة في انتخاباتِ الكنيست الصَهيوني تُساقُ العَديد مِنَ المُسَوِّغاتِ "العَمليّة" في خِضَمِّ الدِعايَة الإنتخابِيّة، على شاكلَة "من لا يَحمِلُ همَّ الناس"، وفي قلبِ الحَدث من النادِر جدًا أو حتى منَ المُستحيل أن يأتي في برنامِج المُشاركة مُسَوّغات مَبدَئيّة عَقائديّة لِهذهِ المُشاركة، مَع الأخذِ بعينِ الإعتبار بأنَّها مَوجودَة وَحاصِلَة تحصيلُ حاصِل في البَرنامِج ولكنَّها غَير مُعلَنَة مَنعًا للإحراج، فَليسَ مُجديًا مثلًا أن تأتي قائِمة عربية تُشارك في إنتخابات الكنيست الصَهيوني وتقول لجمهور مُصَوتيها بأنَّها تَعتَرف بحقّ "إسرائيل" في الوجود وأنَّ هذهِ الدَولة هي تَعبير عَن حَق تَقرير المَصير لليَهود في فلسطين، أسوق هذا الكلام هنا من وحي مناظرة مع النائبة حنين زعبي في مقر شباب التغيير في مدينة الناصرة قبلَ قرار القائمة المُشتركة بعدم المُشاركة في مناظرات مع تيار المقاطعة، وأغرب جواب بالنسبة لي كانَ إنكارها لمواقف التجمع بخصوص حق تقرير المصير لليهود في فلسطين والإعتراف بشرعية وحق "إسرائيل" في الوجود، طبعًا لن أدخل في موقف الجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي في هذا المضمار، فالإعتراف ليسَ مسألة للنقاش معهم ولا للمزاودة، وهذا ما ينشر في برامج الحزب والجبهة وجاءَ على لسان قادتها منذُ زمنٍ طويل وما جاءَ بهِ الراحل إميل توما من تفسير عن تحول التجمع الإستيطاني في فلسطين إلى حالة شعب وحقه في تقرير المصير، وهذه نقطة خلاف جذرية مع الرفاق في الحزب والجبهة، ونحنُ نعتقد بأنَّهُ موقف يتناقض مع مبادئ الماركسية اللينينية.

هناكَ حالة من التناقض في الطرح عندَ بعض الرفاق في التجمع الوطني الديمقراطي حولَ برنامَج الحزب، وأحيانًا تشعُر بأنَّ هذا التناقُض ينُم عن قناعة بالشيء وضدَّه، ولكن هذه السياسة، الإزدواجية في المواقف لا تُسمى بغير الإنتهازية، مثلًا، لماذا يُصر البعض أو المُعظم على التسَتُر على شروط خوض الإنتخابات للكنيست، وأهم هذه الشروط الواردة في البند 7 (أ) من قانون أساس الكنيست المُعدّل عام 1984، وهو وجوب الإعتراف بأنَّ "إسرائيل" دولة يهودية وديموقراطية، وهذا يأخذنا لنقاش الجوهريّ في تعريف التطبيع هو: "الاعتراف بشرعية الكيان الاستعماري الاستيطاني الصهيوني المسمى "إسرائيل"، وشرعيّة مشروعه، وشرعيّة الاستعمار الاستيطاني في فلسطين"، وهذا الحاصل من خلال المُشاركة في إنتخابات الكنيست وإستحقاقات الدخول في هذه اللعبة المُسماة ديموقراطية، لنأخذ مثلًا ما يقول د عزمي بشارة في هذا الصَدَد: "الجديد في أقوالي هو بالذات الإعتراف بدولة "إسرائيل" على قاعدة حق تقرير المصير والتي تعني حق قومي عصري وليسَ حق توراتي أو قبلي" –عزمي بشارة، صحيفة هآرتس 19.06.1998 ويضيف د بشارة في مقابلة لهُ في حينهِ والمنشورة في نشرة التجمع الإنتخابية بتاريخ 28.12.2002 ص4 ما يلي: "نريد إسرائيل ديموقراطية في الجَوهر، يهودية في الطابع" وهذا إنحياز واضح لقبول الإحتلال كأمر واقع والتسليم بهِ والعمل على تحسينهِ في أفضل الحالات من "عنصري" إلى مُتنوّر، ففي حالتنا الوطنية، الصدام ليسَ مع عنصرية الدولة وإنَّما مع الإحتلال، ليسَ مع جوهرها وطابعها فقط وإنَّما مع وجودها على حسابنا، على حسابِ حقنا في تقرير مصيرنا وإستقلالنا، فهل تنتهي مآساة شعبنا واللاجئين بتغيير الجوهر إلى ديموقراطي وحصولنا على حقوقنا المدنية كاملة ك "مواطنين" متساوين في دولة تقوم على أنقاض شعبنا المُشَرّد، ويضيف د بشارة في ذات المقابلة الآتي: "اليهود أغلبية في الدولة والدولة تعبير عنهم، ومن هذا المُنطلق نحنُ نقبل بأن طابع الدولة يهودي، ولكن نحنُ لا نستطيع تبني الموقف الصَهيوني القائل إن اليهودية هي جوهر الدولة"... وهنا يدخُل التطبيع حيزًا خاصًا "إسرائيل" كيان إستعماري –من يعترض على ذلك فليكتب بوضوح- وهذا الكيان الإستعماري الكولونيالي جاءَ مُحتَلًا في العام 1948 وليسَ مُحرِّرًا للبلاد، إذن كيفَ لنا أن نتعامل معهُ على أنَّهُ أمر طبيعي، بإسم "الواقعية السياسية"، البعض مِنّا يُطالنا بالخروج الطَوعي من بلادنا وهذا رديف الصَهيونية، بطاقة الهوية المُكتسبة قسرًا في الواقعٍ الجَديد، واقع الإحتلال لا تُلغي حقي في النضال ضدَّ هذا الإحتلال ولا تمنع عني أن أتماشى في الحياة اليومية والمدنية حتى مع نتائجهِ ولكن من غير تنازل وبلا شروط مسبقة كالحاصل مع دخول الكنيست، فهي المؤسسة الوحيدة التي تفرض على أعضاءها قسم يمين الولاء والإعتراف بالدولة كيهودية وديموقراطية، فهذه الدولة هي تعبير مُكثَّف عن مجموعة كبيرة من المجازر التي أرتكبت بحق أبناء شعبنا وهدم 531 مدينة وقرية فلسطينية وقتل وطرد وتهجير، إنّها التعبير المُكثَّف عن الظُلم الواقع على شعبنا،فكيفَ لنا أن نقبل بهِ وبشرعية ظلمُهِ من خلالِ قبولِ شرعيّته. ماذا تقول مثَلًا حنين زعبي في مقابلة تلفزيونية مع القناة الثانية الصهيونية بتاريخ 1/7/2014 عندما سألتها المذيعة: هل يوجد حق وجود لدولة "إسرائيل"؟؟ أجابت الزعبي بوضوح: "نعم يوجد حق وجود لدولة "إسرائيل"، وليسَ فقط حق وجود بل وحق في تقرير المصير لليهود"،، والسؤال هنا ليسَ بأنّها موجودة أو لا، بل بحقّها في هذا الوجود على حسابِ شعبنا وحقنا نحنُ، كيفَ لنا أن نُفَسر هذا الكلام بغير التطبيع والقبول بالواقع، والأنكى إنكار هذه الأقوال عندما يُسأل المعني بها في الناصرة مثلًا، ويأتي إلينا من يُطالبنا بأن نعتذر لأنَّنا نرفض الإعتراف بمشروعيّة الكنيست، فتُصبح المعركة الأهم لدى القائمة المُشتركة هي مع تيار المُقاطعة. وأن نقول مثلًا: "يوجد لكرميئيل (مستوطنة في الجليل، م.ك) حق في الوجود، نحنُ نتنازل عن حقنا الأخلاقي ونتقبَّل وجود كل المدن اليهودية على أراضي العرب في الجليل وباقي البلاد" (حنين زعبي – زوهر هتسفون / كرميئيل 27/03/2014.. والسؤال هنا يا سيّدتي، وأنتِ مُنتخبة الجمهور، هل لهذا تمَّ إنتخابك؟ للتنازل الأخلاقي؟ بإسم من تَتحدَّثين بال "نحنُ" هذه؟ من نحنُ الذينَ نتنازل ونقبل ولا أدري ماذا بَعد؟! وهذا غَيضٌ من فيض من التصريحات النارية للأعضاء العرب في الكنيست الصَهيوني والأهم فيها وقد يكون الأخطَر على المدى القريب تصريحات الرفيق أيمن عودة العضو القادم عن "هم الناس" وهذا يُذكّرني بأسلوب الإمبريالية في التعاطي مع دول المحيط والتبعية، همّ الناس حينَ يُصبح هو الخطاب والتوجه لبناء تحالف مع شاس وأرييه درعي تُصبح الدُنيا في طوق لا نجاةَ منهُ إلا بثَورة الناس، فحذارِ يا رفاقَ الدرب.

الكاتب عضو الأمانة العامة لحركة أبناء البلد

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة