الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 17:02

السيسي وبوتين والإخوان /بقلم:محمد فرحات

كل العرب
نُشر: 11/02/15 08:25,  حُتلن: 08:26

محمد فرحات في مقاله:

في الجانب الاقتصادي من الزيارة، على أهميته للطرفين قضايا ملتبسة مثل استيراد الغاز الروسي

لا يستطيع السيسي قبول تسوية مع «الإخوان»، فضلاً عن أنهم لم يطرحوا هذه التسوية ولم يلمّحوا إليها

رفضُ الوجود السياسي والعسكري لـ «الإخوان» وفكّ تحالفاتهم هما ما يجمع السيسي وبوتين، فضلاً عن مصلحة الطرفين في تحريك حضورهما في الشرق الأوسط الحافل بالتناقضات والتدخلات والحروب

خاب أمل «الإخوان» في الوقيعة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وقادة دول الخليج، ولم تُسفر نداءاتهم التلفزيونية من تركيا عن تخويف مؤسسات الدولة المصرية والسفارات الأجنبية والشركات العربية والدولية العاملة في مصر. ما حدث ويحدث تفجيرات تطاول أبرياء وتدمّر خدمات عامة كمحوّلات الكهرباء، بحيث يتساءل المراقب: كيف لتنظيم سياسي مصري معولم أن يستهتر بوطنه وشعبه بهذا القدر، فكأنه كيان أجنبي معاد يغزو مصر أكثر مما هو حزب يعبّر عن مجموعة مصريين؟

والاستقبال الذي حظي به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مصر هو، في وجه من وجوهه، ردّ على تحريض «الإخوان» على مصر، وجواب على الرسالة الأميركية باستقبال وفد «الإخوان» في واشنطن، في زيارة مغطاة شكلياً باسم جامعة جورجتاون.
لا يستطيع السيسي قبول تسوية مع «الإخوان»، فضلاً عن أنهم لم يطرحوا هذه التسوية ولم يلمّحوا إليها، ذلك أن ضرب «الإخوان» في مصر هو أساس النظام المصري المنبثق عن حشود 30 يونيو المليونية، والذي يحظى بشرعية داخلية وعربية ودولية.
رفضُ الوجود السياسي والعسكري لـ «الإخوان» وفكّ تحالفاتهم هما ما يجمع السيسي وبوتين، فضلاً عن مصلحة الطرفين في تحريك حضورهما في الشرق الأوسط الحافل بالتناقضات والتدخلات والحروب. والراجح أن السيسي أعلم قادة دول الخليج مسبقاً بزيارة بوتين وجدول المحادثات المصرية - الروسية، ذلك أن تعزيز العلاقات بين القاهرة وموسكو لا يضير دول الخليج التي موّلت صفقة سلاح روسي لمصر، وهي طالما عبّرت عن دعمها القاهرة سياسياً ومالياً، وأحدث تصريح في هذا المجال كلام وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد في «القمة الحكومية» في دبي: «إن أساس استقرار العالم العربي هو استقرار مصر».
الشأن السياسي لزيارة بوتين يعلو على الشأن الاقتصادي، ويرى إعلام الدولة في مصر في الزيارة استعادة لزمن غابر، حين كانت العلاقة بين البلدين في أوجها ممثلة بالنظام الناصري والقيادة السوفياتية. ذلك زمن مضى وانقضى، فالأحرى بمصر عدم المبالغة بتماسك نظامها بعدما زعزعه فساد عهد مبارك وفوضى الربيع المصري وغزو «الإخوان» المؤسسات الدستورية وتفاخر المؤسسة العسكرية الذي يتجاوز أحياناً واجبها بإنقاذ الدولة والشعب، إلى شيء من إهمال مجتمع مدني أشعل ثورة 25 يناير المغدورة وساهم في حشود 30 يونيو التي طوت حكم «الإخوان». والأحرى بمصر الرسمية بالتالي أن تركّز على اختلاف النظام الروسي الحالي عن العهد السوفياتي، وإن كان بوتين يحاول تقليد السوفيات بتكرار أخطاء مركزية الدولة وبإعطاء أجهزة الأمن سلطة سرية تتجاوز القانون في أحيان كثيرة.
وفي الجانب الاقتصادي من الزيارة، على أهميته للطرفين، قضايا ملتبسة مثل استيراد الغاز الروسي: أين هو الغاز المصري الذي كان يصدّر إلى إسرائيل؟ ومثل تبادل السلع بالجنيه المصري والروبل: كيف يمكن أن تنفّذ العقود مع الانهيارات شبه اليومية للعملتين؟
ثمة قدر من التسرع لا يبرره التعاون السياسي والاقتصادي في قضايا معقّدة تواجهها القاهرة وموسكو، في منطقة صراعات غير منضبطة ومفتوحة على المفاجآت.

* نقلا عن "الحياة" اللندنية

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة