الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 13:01

سورية ومؤتمر موسكو1.. من الرابح ومن الخاسر؟/ بقلم: هشام الهبيشان

كل العرب
نُشر: 22/01/15 13:45,  حُتلن: 07:42

هشام الهبيشان في مقاله:

تشعب وتعقيدات الملفات الاقليمية والدولية وتداخل جهود الحل سيعقد كثيرآ مسار الحلول للازمة السورية والتي يتضح أنها ما زالت تدور بفلك الصراع الاقليمي والدولي

كيف يمكن للقاهرة ان تتحدث عن سعيها لانجاز حل ما يخص الحرب المفروضة على الدولة السورية وبذات الاطار تضع العصي بدواليب الاخرين الذين يسعون فعلآ لايجاد هذه الحلول؟

اقرار الوثيقة بالتزامن مع مساعي موسكو للحل السوري تظهر ان هناك حراكآ ما يستهدف الحد من طموحات موسكو الساعية الى التوصل الى حل سريع للحرب المفروضة على الدولة السورية

لا يمكن تفسير ما يجري بالقاهرة اليوم من اجتماعات لمعارضات سورية "متعددة الانتماءات والولاءات" الا بتوصيف واحد وهو الانقلاب على مسارات ومساعي الحلول السياسية للحرب المفروضة على الدولة السورية، فهذه الاجتماعات التي تتزامن مع انطلاق العد التنازلي لبدء مؤتمر موسكو "1"، والذي سيؤسس على ما يبدو من خلال مجموعة جلسات نقاشية بين "بعض "المعارضة السورية "متعددة الولاءات والانتماءات " وبين وفد رسمي يمثل الدولة العربية السورية وسلطتها الشرعية، لتشكيل نقاط التقاء بين الطرفين للوصول الى حلول سياسية سريعة تضمن تأسيس رؤية موحدة تشمل العمل على جانبين أولهما: مكافحة الارهاب والإقرار بوجوده والعمل على محاربته على أرض الواقع، وثانيهما "استكمال مسار الاصلاح السياسي والاقتصادي التي عملت عليه الدوله السورية منذ عام 2011 والى اليوم، ولكن على ما يبدو فإنّ جهود تعطيل مسار الحلول السياسية للحرب المفروضة على الدولة السورية، قد بدأت مع بدء العد التنازلي لمؤتمر موسكو "1"، فمسعى بعض الدول الاقليمية المنخرطة بالحرب على سورية بتعطيل مسارات الحلول السياسية بدأ واضحآ، وما اجتماعات القاهرة اليوم الا جزء من جهود تعمل عليها هذه الدول الاقليمية لتعطيل مسار الحلول السياسية للحرب المفروضة على الدولة السورية.

فمنذ اعلان موسكو بالربع الاخير من العام 2014عن مساعي تبذلها لعقد مؤتمر لجمع وتقريب وجهات النظر والرؤى المستقبلية لاطراف الصراع في سورية، حتى انطلقت مع هذه المساعي، مساعٍ أخرى بذلتها دول اقليمية ودولية سعت لوضع العصي بدواليب المساعي الروسية، فاعلنت هذه الدول عن انطلاق مؤتمرات مكوكية واجتماعات لمعارضات الفنادق والشتات السورية، من القاهرة الى أبوظبي الى أنقرة الى الرياض الى الدوحة الى باريس الى لندن الى واشنطن، وبعضها أعلن عنه وبعضها الاخر جرى خلف الكواليس، وبهذه الاجتماعات والمؤتمرات المكوكية لما يسمى "بالمعارضة السورية "، برز واضحآ حجم المرجعيات الاقليمية والدولية لهذه المعارضات، ومعظم هذه المرجعيات أتفقت فيما بينها على وضع العصي بدواليب المسعى الروسي، لتعطيل أو على الاقل أجهاض تأثيرات هذا المؤتمر على مسار الحرب المفروضة على الدولة السورية.

القاهرة بدورها والتي احتضنت بالفترة الاخيرة جملة لقاءات "لمعارضات سورية متعددة الولاءات والانتماءات "، أتضح أن موقفها فيه شيء من الغموض والالتباس، فهي أصبحت قبلة الحج السياسي لهذه المعارضات وداعميها، والواضح انها تسعى من خلال احتضان هذه الاجتماعات، الى إعادة ترتيب وبناء دورها الاقليمي من خلال البوابة السورية، وهذا إن صح فسيكون خطأ كبيرًا وقعت فيه الدبلوماسية الخارجية والسياسية الداخلية بمصر، فانطلاق مؤتمرات تسعى لتعطييل مسار الحلول السياسية الخاصة بالحرب المفروضة على الدولة السورية، هو خطأ كبير وفادح، فكيف يمكن للقاهرة ان تتحدث عن سعيها لانجاز حل ما يخص الحرب المفروضة على الدولة السورية، وبذات الاطار تضع العصي بدواليب الاخرين الذين يسعون فعلآ لايجاد هذه الحلول، فحديث الرئيس المصري مؤخرآ عن رفضه لفكرة تقسيم سورية وعن مستقبل الرئيس الاسد، هو كلام متناقض، فكيف يمكن للقاهرة أن تتحدث عن مسار الحلول ورؤيتها للحلول، وهي من خرجت من على أراضيها مؤخرآ وثيقة مايسمى بالمعارضة السورية والتي تستند على رؤية هذه المعارضة وداعميها لمستقبل الدولة السورية.

فقد ركزت وثيقة المعارضة السورية "وثيقة القاهرة " والتي سربت بعض تفاصيها على بعض الملفات الهامة بمفاصل الدولة السورية وهنا سأذكر بعضها "هدف العملية السياسية التفاوضية هو الانتقال الى نظام ديمقراطي تعددي تداولي على أساس مبدأ المواطنة المتساوية- تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة وانتخاب الرئيس لدورتين اثنتين مدة كل منها 4 سنوات فقط -" بيان جنيف 1 "هو أساس للعملية التفاوضية - إصدار عفو شامل عن جميع المطلوبين والسماح بعودة جميع السياسيين المقيمين في الخارج دون مساءلة- المرحلة الانتقالية يقودها مؤتمر وطني من قوى المعارضة والسلطة يشرف على أداء الحكومة الانتقالية- يشكل مجلس عسكري مؤقت، يشارك فيه ضباط من الجيش السوري، ومن المسلحين المؤمنين بالحل السياسي والانتقال الديمقراطي- اصدار مجلس الأمن قرار بوقف إطلاق النار في سوريا، وتشكيل قوات حفظ سلام دولية وعربية، فضلا عن إصدار قرار بحظر توريد السلاح لجميع الأطراف- ضرورة حصول توافق دولي على قاعدة "بيان جنيف 1"، على أن توقع عليه دول الرباعية الإقليمية "مصر والسعودية وتركيا وإيران"، ثم يصدر بعد ذلك عن مجلس الأمن الدولي بقرار ملزم وفق الفصل السادس ".

فالواضح أنّ اقرار هذه الوثيقة وبرعاية مصرية والتي ترسخ مفهوم تبعية الدولة السورية للمحور الصهيو –امريكي، أعطى مؤشرات سلبية عن الدور المصري، ومن جهة أخرى فمن الواضح أن هناك اليوم حالة تشاؤم بخصوص حظوظ نجاح مؤتمر موسكو "1" لأن اغلب المطلعين على تداخلات الازمة السورية وماتبع ذلك من تغيير بقواعد الاشتباك- يعلمون ويدركون أن أي حديث عن انعقاد جلسات مشاورات تضم شخوص من طرفي المعادلة السورية، والتي أعلن الكثير من اطراف معارضة الشتات والفنادق عدم حضورها، والتي حتى لوقررت الحضور وحضرت، وحملت معها هذه الوثيقة الى موسكو وبدأت المفاوضات حولها مع وفد الجمهورية العربية السوري، فأنها ستشفل هذا المؤتمر ولن ينجح مرحليآ لوجود العديد من الصعوبات والمعوقات المتمثلة بالمعارضة وداعميها وتمسكهم بشروط مسبقة ستفشل هذ الجلسات التشاورية حتمآ حين تطرح، فهي افشلت مؤتمرات سابقة حين طرحت وخصوصآ مؤتمر جنيف "2" لانهم قدمو شروط، تعكس حجم الأهداف المطلوب تحقيقها بسورية ومجموعة من الرهانات المتعلقة بكل ما يجري في سورية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للاحداث الميدانية على الارض مع الحسابات الامنية والعسكرية والجيو سياسية للجغرافيا السياسية السورية وموازين القوى في الاقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن اسرائيل والطاقة وجملة مواضيع اخرى ليس اولها ولا أخرها الرهان على دور ما لمصر في المرحلة المقبله قد يقلب المعادلة في المنطقة ويعيد خلط الاوراق فيها من جديد الى أقصى الحدود، فما يجرى وجرى بالقاهرة من أقرار وثيقة ورؤية مستقبلية للكيانات المعارضة السورية، هي فعلآ ستفشل اي لقاءات ومؤتمرات قادمة حين تطرح، فالواضح هنا ان اقرار هذه الوثيقة، بالتزامن مع مساعي موسكو للحل السوري، تظهر ان هناك حراكآ ما يستهدف، الحد من طموحات موسكو الساعية الى التوصل الى حل سريع للحرب المفروضة على الدولة السورية.

أما أقليميآ ودوليآ فجميع المؤشرات الاقليمية والدولية تظهر تصعيدآ واضحآ بين الفرقاء الاقليميين والدوليين، وهذا بدوره سيؤدي الى المزيد من تدهور الوضع في سورية وتدهور أمن المنطقة ككل وهذا الشيء متيقنه منه الدولة السورية الان، فمجاميع القتل المتنقل بسورية مازالت تمارس علانية القتل والتخريب والقتل المتنقل بسورية، ولدى المنظمات الدولية، بما فيها المنظمات التابعة للأمم المتحدة، رصد ضخم لعمليات القتل والتعذيب والتخريب التي تقوم بها هذه العصابات، واما بالنسبة للمبعوث السابق الابراهيمي الذي نعى مؤتمر جنيف "2" فور انتهائه واعلن بعدها تقديمه استقالته وتخليه عن هذه المهمة يعود اليوم خلفه ستيفان دي ميستورا مجددآ للحديث من جديد عن رؤى خاصة للحلول للأزمة السورية، ومن هنا نقرأ أن تشعب وتعقيدات الملفات الاقليمية والدولية، وتداخل جهود الحل، سيعقد كثيرآ مسار الحلول للازمة السورية، والتي يتضح أنها ما زالت تدور بفلك الصراع الاقليمي والدولي، وهنا لا يمكن الرهان على نتائج مؤتمر "موسكو- 1"،بسبب التصعيد الاقليمي والدولي والذي يستهدف تعطيل هذا المؤتمر ووضع العصي بدواليب المسعى الروسي والواضح انهم أستطاعو مرحليآ الوصول الى مبتغاهم.

سوريآ، من الواضح بهذه المرحلة ان الداخل السوري بأت مقتنعآ بعدم جدوى الرهان على مؤتمرات الخارج وبذات الاطار هناك قناعة راسخة عند معظم ابناء الشعب السوري بأن معارضات الفنادق والشتات وداعش والنصرة وجيش الاسلام واحرار الشام وغيرهم لا تمثل طموحاتهم المستقبلية، فاليوم بأت رهان معظم السورييين بالداخل السوري على بناء منهجية واضحة بالداخل السوري بالشراكة مع السلطة الشرعية الحاكمة لتجاوز الصعوبات ولبناء سورية من خلال انتشار منظومة المصالحات الوطنية وتكريس الشراكة الفعلية بالشراكة المجتمعية بصنع القرار السوري، وتأسيس نهج ديمقراطي جديد يؤسس لبناء نظام سياسي جديد سوري داخلي يخدم طبيعة المرحلة مستندين على نتائج ومقررات الشعب وخيار الشعب بيوم 3-6-2014، لتكون هي النواة المستقبلية لتفعيل حل سياسي يخدم طبيعة المرحلة بالداخل السوري.

أخيرآ، يمكن القول بهذه المرحلة، أن القاهرة قد خسرت جزءًا كبيرًا من مسعاها لعودة دورها الاقليمي من خلال البوابة السوررية بأحتضانها لمؤتمرات المعارضة السورية وداعميها، والتي أفشلت المسعى الروسي، كما يمكن القول إنّ مجموع المعارضات وخصوصآ معارضات الفنادق والشتات ومن بصفهم قد خسرو كثيرآ بعدم حضورهم لمؤتمر موسكو وجلساته التشاورية بالاضافة الى انهم قد سقطت جميع أقنتعهم واتضحت حقيقة عمالتهم لمشاريع خارجية باقرارهم لوثائق ترسخ لتبعية الدولة السورية للمحور الصهيو –امريكي، وبالنسبة لدول الاقليم وخصوصآ بعض الاقليمية والخليجية فقد اثبتت مساعيهم بتعطيل مساعي موسكو أنهم لازالو يراهنو على سفك المزيد من الدماء بسورية بهدف الوصول الى مسعاهم الهادف الى الأجهاز على الدولة السورية، دوليآ أتضح للجميع مدى الدور الخبيث التي عملت عليه واشنطن –باريس –لندن، والهادف الى تعطيل مسعى موسكو بالوصول الى حل يجنب الدولة السورية المزيد من الدمار، والواضح ان الرابح الوحيد من هذا المؤتمر بغض النظر عن نتائجه المستقبلية هي الدولة السورية التي أستطاعت أن تحشد داخل سورية المزيد من ابناء الشعب السوري ليكونو بصفها بعد أن سقطت جميع الاقنعة عن بعض الاطراف التي كان يراهن عليها بعض ابناء الشعب السوري، أما بالنسبة لروسيا فهي بمسعاها هذا أتضح للجميع انها هي القوة الدولية الاكثر اعتدالآ والساعية فعلآ لايجاد حل يخلص الدولة السورية من شرور هذه الحرب المفروضة عليها ويجنبها المزيد من الدمار.

كاتب وناشط سياسي- الأردن.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة