الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 20:01

في حالة عدم الثقة ما بين المواطن وأقسام السلطة المحلية/ بقلم: بلال شلاعطة

كل العرب
نُشر: 19/12/14 10:59,  حُتلن: 13:29

بلال شلاعطة في مقاله:

لا زالت سلطاتنا المحلية تقبع تحت طائل الديون فكم من سلطة محلية تم حلها وعينت لها لجنة معينة لتقوم بإدارة شؤونها داخلية؟

السلطة المحلية هي المؤسسة التي من خلالها يجب بناء الثقة مع المواطنين من جميع التيارات والفئات الحزبية بالرغم من الصراع الحاصل ما بين المهني والسياسي

احد الاسباب لتدهور الوضع الاقتصادي وأزمة الميزانيات في السلطات المحلية هو الاعتبارات السياسية المنسجمة في اداء مديري الاقسام والموظفين الكبار في السلطة

تنعدم الثقة ما بين المواطن والمؤسسة عندما يطغى الجانب السياسي او الانتماء الحزبي لهذا المدير او ذاك على تعامل المؤسسة مع المواطنين باعتبار ان جزء من الاداء هو مهني

في مدخل هذا المقال لا بد أن نطرح العديد من التساؤلات التي تتعلق في علاقة الثقة ما بين المواطن والسلطة المحلية في العديد من المجالات المهنية. بداية ننطلق من نقطة مركزية تقول إنّ الثقة تعتمد بالأساس على الجوانب المهنية الصرفة ولكن وللأسف تعتمد ايضاً على اعتبارات سياسية صرفة هي الأخرى.

في سلطاتنا المحلية يبدو أن الأمر يأخذ منحى ابراز الخطوط العريضة للاعتبارات السياسية في الجوانب المهنية ولكن باعتقادي على حساب المواطنين. لا زالت سلطاتنا المحلية تقبع تحت طائل الديون فكم من سلطة محلية تم حلها وعينت لها لجنة معينة لتقوم بإدارة شؤونها داخلية؟ وكم من محاسب مرافق دخل الى السلطات المحلية العربية؟. أعتقد أن القضية بالأساس ليست مسؤولية رئيس السلطة المباشرة وإنما الهامشية إذا صح التعبير، فرئيس السلطة المحلية يبقى الجانب التمثيلي في كل ما يتعلق بالعمل البلدي وفقا لانتخابه المباشر من قبل الجمهور، لتبقى عملية انتخابه سياسية وفي حدود السياسة ولكن يبقى المسؤول الاساسي في السلطة المحلية مديري اقسام وموظفين كبار في داخل السلطة المحلية ذاتها التي انتخبت الرئيس والذين حري بهم وواجبهم الاول والاخير ان يديروا البلدة بطريقة مهنية ويقوموا بتلبية احتياجات المواطنين على كافة انتماءاتهم وتياراتهم.

لا شك ان ادارة البلديات المتعاقبة تود بطبيعة الحال ان تلبي رغبات المواطنين اكثر فاكثر حتى تستطيع الصمود لدورة ثانية اضافية وهنا يحصل تصادمًا ما بين نية التمثيل المستقبلي والاداء المهني غير المنتخب والأنكى من ذلك تم تعيين هؤلاء الموظفين بصورة تلقائية وللاعتبارات السياسية نفسها. في هذا السياق بالتحديد وفي مساحة العمل البلدي لاشك ان مديري الاقسام والموظفين كبار وفي بعض السلطات المحلية يتبنون لعبة "القط والفأر"، وهي لعبة علمية بطبيعتها، مع رئيس السلطة المحلية وهذه الحالة تكون ملموسة إذا لم يتبع رئيس السلطة المحلية لخطهم او انتمائهم السياسي فيقومون بشكل او بآخر بعرقلة عمله حتى يبقى محتاجاً لخدماتهم في تلبية احتياجات المواطنين.

اعتقد انه مثلما يتم الزام ممثلي الجمهور بتقصير أو بتحديد دورياتهم التمثيلية ومن خلال الانتخابات هكذا يجب ان يكون النموذج مع مديري الاقسام والموظفين الكبار في السلطة المحلية. السلطة المحلية هي المؤسسة التي من خلالها يجب بناء الثقة مع المواطنين من جميع التيارات والفئات الحزبية بالرغم من الصراع الحاصل ما بين المهني والسياسي. على السلطة المحلية ان تبني نموذجاً من خلاله تقوم بتقييم عمل مديري الاقسام من جهة وعمل الموظفين الذين يحصلون على اجور عالية من جهة اخرى من خلال ادارة السلطة المحلية الممثلة بالمجلس البلدي. لا يعقل ان تعتمد المؤسسة على خط اساسه سياسي وأفقه سياسي واعتباراته سياسية فعندها ستنهار المؤسسة وهنا لا يهم من يترأس السلطة المحلية وما هي انتماءاته وميوله السياسية والعائلية. باعتقادي احد الاسباب لتدهور الوضع الاقتصادي وأزمة الميزانيات في السلطات المحلية هو الاعتبارات السياسية المنسجمة في اداء مديري الاقسام والموظفين الكبار في السلطة.

على الاعتبار السياسي ان يتناغم مع مطلب المواطنين الذين قاموا بانتخاب ممثليهم. هنا من هذا الباب، دحرجة الكرة الى داخل ملعب رئيس السلطة المحلية عملية سهلة ولكنها غير قيمية في وضعية السلطات المحلية فانتخاباتها تجري تحت غطاء عائلي وحمائلي وهذا معروف للجميع حتى لدى الاحزاب والتيارات السياسية. هذا التقطب ما بين السياسي والمهني يأخذ طابعاً سيئاً اذا اصبح الاداء المهني سياسي. بمعنى لا يعقل ان يقوم مدير قسم بإعطاء خدمة مهنية مبنية على اعتبارات سياسية لان الخدمة ستكون سياسية بامتياز وكل هذا لعرقلة عمل رئيس السلطة المحلية مما سينعكس سلباً ايضا على جانبين، الجانب الاول، المواطنين من جهة والجانب الثاني طواقم العمل في السلطة المحلية ذاتها.

عملية تقييم عمل الموظفين الكبار ومديري الاقسام عليها ان تكون مبنية على ثقة المواطن بالمؤسسة، وهنا يجب عدم اتهام رئيس السلطة بنواقص مهنية مبنية على اعتبارات سياسية والتي تراكمت على مدار سنوات نتيجة لأداء سيء لمديري الاقسام والموظفين الكبار او الذين يحصلون على اجرة كبيرة، فتقييم ادائهم يجب ان يتم على مدار سنوات لا بل عشرات السنوات لخدمتهم في داخل السلطة المحلية. اذا لم تنجح السلطة المحلية وعلى مدار عشرات السنوات وبتغيير في وجوه الرؤساء من خلال انتخابات كل خمس سنوات اصبحت المشكلة واذا ظهرت المشكلة ليست شخص رئيس السلطة بل الجانب الاداري في السلطة والذي من خلاله عليه ان يلبي احتياجات المواطنين ويخدمهم لان واجبهم يقتضي ذلك. باعتقادي ان الجيل الاداري القديم في السلطات المحلية العربية وطريقة ادائه مع كل التطور الحاصل في العالم من جهة وفي بلادنا من جهة اخرى يحتم حتلنة معلوماته في ظل الهزة التكنولوجية ويحتم ايضاً ايجاد طرق ووسائل لملاءمة ادائهم المهني مع هذا العصر.

أكاد اجزم ان هنالك مديري اقسام لا يعرفون كيف يتعاملون مع كل التطورات التكنولوجية والتي اصبحت حاجة ماسة او انهم يحاولون لكن لا حول لهم ولا قوة لان فجوة الاجيال اصبحت تؤثر تأثيراً كبيراً في صياغة المبنى التنظيمي للسلطة المحلية بدوائرها واقسامها.

تنعدم الثقة ما بين المواطن والمؤسسة عندما يطغى الجانب السياسي او الانتماء الحزبي لهذا المدير او ذاك على تعامل المؤسسة مع المواطنين باعتبار ان جزء من الاداء هو مهني ولكن ينسحب امام الاداء السياسي على مدار عشرات السنوات. اذا كانت خدمة عشرات السنوات للجانب الاداري في السلطة المحلية لم تنجح بتلبية احتياجات المواطنين الاساسية من ميزانيات وبنية تحتية وبناء مؤسسات عامة عندها لدينا مشكلة وبالأساس المشكلة ليست في الجانب التمثيلي للمؤسسة مع انه هام جداً وهنا تقع عليه مسؤولية تقييم اداء الاداري المهني ومن هنا ايضاَ يقع دور كبير على طريقة تشكيل الائتلاف البلدي والمهام التي يجب ان يقوم بها لخدمة المواطنين في السلطة المحلية.

لا يعقل ان يضيع المواطن لاعتبارات سياسية في الاداء المهني ولا يعقل ان يصبح اداء المؤسسة مبنياً على دعاية انتخابية للدورات القادمة وكل الهدف بالتالي الحفاظ على الكرسي او المعاش على حساب المواطنين. القضايا المهنية هي الاساسية ويجب طرحها صراحة في داخل المجلس البلدي وبكامل الشفافية. على المجلس البلدي وهذه وظيفته ان يستدعي مديري الاقسام والموظفين الكبار ويقوم باستجوابهم على الامور العينية التي على المؤسسة ان تقوم بإعطائها للمواطنين. في أي حالة اخرى ستبقى المؤسسة ضائعة في فك الاداء المهني المسيس وعلى حساب المواطنين. على السلطة المحلية ان تقف وتفكر وتطرح السؤال التالي: "من المسؤول عن عدم الثقة ما بين المواطن والمؤسسة في حالة عدم الثقة؟؟".

الكاتب بلال شلاعطة: إعلامي وعامل اجتماعي جماهيري ومختص في الإدارة العامة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان alarab@alarab.net

مقالات متعلقة