الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 14:02

(قانون القومية اليهودية للدولة) بين قوسين!/ بقلم: محمد نضال محاميد

كل العرب
نُشر: 23/11/14 21:38,  حُتلن: 07:44

محمد نضال محاميد في مقاله:

العنصرية الإسرائيلية ليست وليدة المرحلة الراهنة وحسب إنما تمتد جذورها في بطون التاريخ منذ قديم الزمان

بالتزامن مع هذه الموجة العنصرية الحالية تأتي حكومة ناتنياهو العنصرية لتقود البلاد إلى نفق مظلم جديد وتزيد الطين بِلة بعد إقرارها بغالبية مشروع سن قانون "القومية اليهودية للدولة" ب

أنا لم اتفاجئ بطرح مثل هذه القوانين العنصرية على طاولة النقاش الحكومية وسط تأييد كبير من الوزراء الإسرائيليين فسياسة إسرائيل منذ إعلان إقامتها عام النكبة 1948م تدور في فلك "الدولة القومية لليهود" والقوانين التي تصب في هذه الخانة كثيرة ولا مجال لعرضها وعدها وحصرها هنا

الأمر الأخير الذي وددت الحديث عنه في خضم هذه المسألة هي المسرحية الهزليّة بين عناصر الائتلاف الحكومي وأقصد من يغردون إعلامياً خارج سرب ناتنياهو كوزير المالية يائير لبيد وحزبه "يش عتيد" ووزيرة القضاء تسيبي ليفني وقائمتها البرلمانية "هتنوعا"، فهؤلاء بتصرفاتهم المعارضة لسياسة ناتنياهو عملياً لا يقومون إلا بدور مسرحي لتسويق أحزابهم وشخصياتهم للوسط العربي واليسار الإسرائيلي 

إن العنصرية وسياسة إقصاء الآخر كانت وما زالت تُعشعش في العقلية والثقافة الإسرائيلية منذ قديم الزمان وفقاً للتعاليم التلمودية اليهودية التي غرست في المفاهيم العقدية اليهودية أن بني إسرائيل هم شعب مختار فوق جميع الأمم التي أطلقوا عليها أسم "چويّ" ونبذوا خلال هذا الفكر العنصري الإقصائي كافة شعوب الأرض ووضعوا العراقيل الشرعية حتى لمن يرغب باعتناق الديانة اليهودية وفق نظرة غرور استعلائية على الادميين بأصولهم وقومياتهم المختلفة، وجاءت الحركة الصهيونية التي انطلقت بشكل رسمي في عقب مؤتمر بازل في سويسرا لتضيف إلى هذا المعتقد العنصري مواد سياسية وكانت باكورتها إقامة وطن قومي لليهود دون غيرهم من شعوب الأرض، ونجح المخطط الذي وضعه -إعلامياً على الأقل- مؤسس المشروع الصهيوني "ثيودور هرتسل" وتم تحقيق الحلم الصهيوني بإقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين!.

فالعنصرية الإسرائيلية ليست وليدة المرحلة الراهنة وحسب إنما تمتد جذورها في بطون التاريخ منذ قديم الزمان، وفي ظل تصاعد الحالة العنصرية في المجتمع الإسرائيلي التي باتت جليّة بيّنة للقاصي والداني بعد قرار رئيس بلدية عسقلان "أشكلون" إتيمار شمعوني العنصري الذي نص على عدم تشغيل العمال العرب في بناء المؤسسات التعليمية في مدينته بالإضافة للعاملين في مجال الحدائق الذي تراجع عنه لاحقاً بسبب ضغوط سُلطوية لا تزال تحاول عبثاً تلميع ورقة التوت التي سقطت منذ زمن وأظهرت عورة العنصرية الحكومية الإسرائيلية، وما تبعه من ردود فعل مؤيدة في الشارع الإسرائيلي الذي بأغلبيته دعم هذا القرار العنصري وفق ما جاء في استطلاع الرأي الذي أجرته القناة العاشرة الإسرائيلية في أواخر الأسبوع الماضي، وهذا حصاد طبيعي للتحريض السياسي والإعلامي الإسرائيلي الذي يغذي المجتمع الإسرائيلي بهذه السموم العنصرية بشكل مستمر.

وبالتزامن مع هذه الموجة العنصرية الحالية تأتي حكومة ناتنياهو العنصرية لتقود البلاد إلى نفق مظلم جديد وتزيد الطين بِلة بعد إقرارها بغالبية مشروع سن قانون "القومية اليهودية للدولة" بغض النظر عن مصيره الذي سيُحسم في عملية التصويت البرلماني عليه في الكنيست يوم الاربعاء، فللحق أقول أنا لم اتفاجئ بطرح مثل هذه القوانين العنصرية على طاولة النقاش الحكومية وسط تأييد كبير من الوزراء الإسرائيليين، فسياسة إسرائيل منذ إعلان إقامتها عام النكبة 1948م تدور في فلك "الدولة القومية لليهود" والقوانين التي تصب في هذه الخانة كثيرة ولا مجال لعرضها وعدها وحصرها هنا!.

وكذلك المواطنون العرب في البلاد كانوا منذ قيام الدولة مواطنين درجة ثانية دون استثناء، بما فيهم هؤلاء الذين انسلخوا عن الإجماع الشعبي الفلسطيني وانخرطوا في الخدمة العسكرية والمدنية الإسرائيلية!، ولكن الخطير في إقرار قانون "يهودية الدولة" هو تبعاتها حيث أن التمييز العرقي "الابرتهايد" سيصبح قانوناً رسمياً حكومياً يحمل "صبغة شرعية" إسرائيلية على الأقل.

ومن هنا سيُفتح الباب على مصراعيه لناتنياهو وزبانيته من نشطاء "الليكود والبيت اليهودي وإسرائيل بيتنا والقائمة بصدق تطول.."، بسن جُملة من القوانين العنصرية التي تُجردنا كأقلية عربية فلسطينية تعيش على أرضها من أبسط الحقوق والحريات وعلى رأسها حق التعبير عن الرأي وذلك عبر ذرائع وحجج واهية سينسجها ناتنياهو وحاشيته ومنها تهديد هوية الدولة القومية وغير ذلك مما سمعناه مؤخرا وسنسمعه خلال الأيام القادمة بحالة تحققت مُصداقة الكنيست عليه، فلا أستبعد على سبيل المثال أن يتم خلال المرحلة القادمة سحب الجنسية من مواطن عربي بعد حادث طرق مع مواطن آخر يهودي وإبعاده إلى الضفة الغربية!!.

وبحالة إقرار القانون بالكنيست السؤال الذي يطرح نفسه بشدة: هل السُلطة القضائية الإسرائيلية ممثلة "بمحكمة العدل العليا!" ستُسقطه لأنه قانون عنصري بعيد كل البعد عن الديمقراطية؟، بالرغم من دعوات الطاقم الوزاري من حاشية ناتنياهو لها بعدم التدخل في القوانين التي تسنها السلطة التشريعية "الكنيست" وعلى رأسهم الوزير اوري ارئيل؟!، نترك الإجابة في للأيام المُقبلة.

والأمر الأخير الذي وددت الحديث عنه في خضم هذه المسألة هي المسرحية الهزليّة بين عناصر الائتلاف الحكومي وأقصد من يغردون إعلامياً خارج سرب ناتنياهو كوزير المالية يائير لبيد وحزبه "يش عتيد" ووزيرة القضاء تسيبي ليفني وقائمتها البرلمانية "هتنوعا"، فهؤلاء بتصرفاتهم المعارضة لسياسة ناتنياهو عملياً لا يقومون إلا بدور مسرحي لتسويق أحزابهم وشخصياتهم للوسط العربي واليسار الإسرائيلي وتسويق ديمقراطية الحكومة الإسرائيلية ووجود الصوت الديمقراطي فيها عالمياً، ولو كان هؤلاء صادقين بمعارضتهم لاستقالوا من الحكومة وخرجوا من الائتلاف ودعوا لحجب الثقة عن حكومة ناتنياهو وأسقطوها لتدخل البلاد بحالة انتخابات برلمانية جديدة قد تلجم القوانين العنصرية الناتنيوهية، ولكن ما يدور في الجلسات الحكومية المغلقة ليس ما نراه على وسائل الإعلام!.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة