الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 04:02

أزمة الصراع السياسي والنفوذ في فلسطين "نظرة تحليلية"/ بقلم: سميح خلف

كل العرب
نُشر: 10/11/14 12:20,  حُتلن: 08:06

سميح خلف في مقاله:

بعد النكبة الثانية للشعب الفلسطيني في هزيمة حزيران 67م فشلت كل النظريات الحزبية والمنطلقات القومية لتحقيق رؤيتها 

بلا شك ان مناطق الفراغ الكبيرة التي تركتها فتح قد اتاح للاسلام السياسي والاخوان الظهور وبقوة وبدأت الصراعات بلون آخر ومذاق آخر في ظل تهتك الفصائل

من الاسباب الحقيقية للازمة السياسية عندما حدث تحول في نظرية فتح السياسية والأمنية والوطنية باعترافها بقرار242 وكذلك 338 والذي احدث فيها اكثر من انشقاق

ما زال الصراع السياسي بين فتح محمود عباس وحماس قائم على اشده واستيطان في ظل هذه الازمة والشروع الاسرائيلي بتهويد الضفة وخطوات سياسية بائسة يقوم فيها عباس

الصراع السياسي في فلسطن ربما كان ما قبل النكبة بل بالتأكيد كان من أهم العوامل لتفكك الحالة السياسية والوطنية والذي تبلور في لخلافات بين الأسر الحاكمة التي استمدت نفوذها من الحكم العثماني ومن ثم البريطاني، ونتيجة هذا الواقع تم تصدير القرار الفلسطيني من اروقة السياسة الفلسطينية الى عصبة الدول العربية والدولية التي تحكمت في رؤيتها في القرار وطبيعة الصراع مع الاحتلال البريطاني والغزو الصهيوني الاستيطاني.

بعد النكبة وظهور نشاطات الاحزاب وعلى اشدها في غزة والضفة بل كانت وتيرتها اكبر بكثير من الضفة لعوامل مركبة وبروز نشاطات الاخوان المسلمين واصطدامها مع عبد الناصر والبعثيين والحزب الشيوعي والقوميين وغيره من احزاب صغيرة كان الصراع على حسم الشارع الفلسطيني كل لمنطلقاته واهدافه والتي كانت تتوج بعنوان تحرير فلسطين من بوابة الوحدة العربية او الوحدة الاسلامية او من خلال الفكر الماركسي الينيني.

بعد النكبة الثانية للشعب الفلسطيني في هزيمة حزيران 67م فشلت كل النظريات الحزبية والمنطلقات القومية لتحقيق رؤيتها فيما حملت من شعارات بل كانت الهزيمة هي صاعقة عالية الجهد على عقلية الانسان الفلسطيني والعربي عندما صدم باحتلال ما تبقى من الوطن من الضفة وغزة وقطاعات كبيرة من الارض العربية في سيناء والجولان.

حركة التحرير الوطني الفلسطيني التي كانت انطلاقتها الفعلية وومدها الجماهيري تحققت ما بعد 67م وان كانت طلقتها الاولى في عام الفاتح من 65م، والتي لعبت الظروف الموضوعية والذاتية دورا كبيرا في انتشارها لاسباب متعددة اهمها حاجة الانظمة العربية لرافعة ثورية قتالية تستعيد الثقه للمواطن العربي والانظمة في حد ذاتها والا كان الكثير من القول هل ممكن ان تنج فتح في الوجود والمد الجماهيري ام لم تنجح في ظل الاحزاب العقائدية المختلفة والانظمة وتناقضاتها.

فكرة فتح بنيت باختصار عن التجرد من الحزبية والصراع على النفوذ والحكم الا بعد تحرير فلسطين كل فلسطين واقامة الدولة الديموقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني واستمدت فتح قوتها واحترامها لدى الشعب الفلسطيني من جناح العاصفة الجناح العسكري لحركة فتح ولكن لم تخلو شعاراتها من بذور الصراع السياسي عندما طرحت شعار "الارض للسواعد التي تحررها" وشعار وحدوي متحدي لواقع الاحزاب عندما قالت "اللقاء على ارض المعركة".

محطة هامة مرت فيها المناخات الفلسطينية السياسية والثورية عندما تدخلت الانظمة العربية ومنها الدولية للعبث في وحدة الشعب وحركة التحرر عندما انبثقت من الاحزاب فصائل مقاومة كل حسب نهجه وفكره وتمويله، كانت منظمة التحرير هي اللقاء بين تلك الفصائل كشكل اطاري سطحي لوحدة الفصائل فلم تستطيع منظمة التحرير على فعل انصهار لمركب واحد لكل القوى بل هيمن الفصيل الاكبر على القرار ودكتاتورية الفرد وتحكمه بالمال المستمد بغزارة من دول الخليج.

تفجر الصراع السياسي بعد الحل المرحلي والنقاط العشر والقاء جناح العاصفة وقنوات الاتصال مع قوى اسرائيلية في منتصف السبعينات وانقسام قوى اليسار حول مفهوم الحل المرحلي والاتصال مع الحزب الشيوعي الاسرائيلي وقوى السلام الاسرائيلي التي تبنته الجبهة الديموقراطية.

اصبح الصراع السياسي على شده من لغة التخوين والخيانة بين جميع الاطراف وخاصة بعد كامب ديفيد وتشكيل جبهة الصمود والتصدي وانشقاقات في الفصائل والخروج من عب منظمة التحرير وكان للمال السياسي الفعل الاكبر في حدوث الانشقاقات والاحتواء ومن اهمها انعقاد المجلس الوطني في عمان عام 1984 لاعطاء الشرعيات للجنة التفيذية والمؤسسات الاخرى التي كانت لا تخرج عن فكر وسلوك الفرد الحاكم.

ومن الاسباب الحقيقية للازمة السياسية عندما تحولت بل حدث تحول في نظرية فتح السياسية والامنية والوطنية باعترافها من خلال منظمة التحرير بقرار242 وكذلك 338 والذي احدث فيها اكثر من انشقاق وهيمنة التيار التسووي في داخلها وهيمنه على القرار ونستثني من ذلك الغربي والاخ ابو جهاد وابو اياد لفهمه نظرية الوفاء لمن أسسوا الانطلاقة.

كان للخروج من بيروت مقدماته السلوكية التي كانت واجهتها الصراع بين الاجهزة والصراع مع قوى لبنانية والاخفاق في الاعتماد على نظرية حرب الشعب بل كان تبني العمليات والتحرك السياسي على خلفية القرارين السابقين وهي عمليات تحريكية للاعتراف بمنظمة التحرير الممثل الشرعي والاعتراف ببرنامجها الذي نحى الميثلق الميثاق الوطني باعلان الجزائر عام 88م واعتماد ما قبله في خطاب الامم المتحدة للقائد عرفات عندما قال ارفع غصن لزيتون بيد والبندقية بيد أي قابلا الاعتراف باسرائيل والتي تضحضد فكر ومبادىء تحرير فلسطين كل فلسطين من الاستعمار الاستيطاني.

لم تكن حركة فتح موحدة بداخلها بل كانت تحكم الخلافات الاخلاق وغير ذلك منذ نشأتها ولكن الصراع ايضا كان ما بعد بيروت بين تيار السلام وتيارات فئوية ومع تيار ثوري كان يقوده ابو جهاد الى ان تدخل العامل الاسرائيلي في حسم الصراع فاستشهد ابو جهاد واستشهد ابو ياد ورفاقه وحوصر تيار ابو جهاد وحوصر تيار ابو اياد بالمال السياسي او الاقصاء.

كانت ايضا محطة اوسلو محطة قاسية بعد الاستفراد في القرار الحركي وضعف اليسار نتيجة متغير دولي اصاب الاتحاد السوفيتي وسطوة المال السياسي مما سهل انقضاض ما يسمى تيار السلام على واقع القرار الوطني وحملة اقصاءات تمهيدية لقادة وكوادر من فتح ما قبل اوسلو وما بعدها.

وبالتالي عجزت فتح ومنظمة التحرير من ارساء ثقافة موحدة نتيجة عدة ظواهر من الفساد بكل اشكاله فكان الصراع بعد وسلو مع ياسر عرفات من تيار مبنق فئوي عمل على نظرية الاقصاء له طموحات قبلية وعشائرية وجغرافية تمكن من السيطرة على مقاليد السلطة وفتح بتقليص نفوذ عرفات ذاتيا واقليميا ودوليا الى ان اتت لحظة التخلص منه محققين الهدف من عمل طويل استمر عقود في داخل اطار فتح ومنظمة التحرير باغتيال عرفات.

بلا شك ان مناطق الفراغ الكبيرة والواسعة التي تركتها فتح والتخلص من تيارات داخلها قد اتاح للاسلام والسياسي والاخوان الظهور وبقوة في عام 78 بالانتفاضة الاولى وبدأت الصراعات بلون آخر ومذاق آخر في ظل تهتك الفصائل وهيمنة المال السياسي على اقدارها لتتحول اطاراتها لحالة وظائفية يحكمها الراتب والموازنة وكما هو الحال في اطارات فتح التي يسعى للان فيها بعض النخب من القادةوالكوادر لاخراجها من بين فكي التيار الفئوي المرتبطة مصالحه وبرنامجه مع الاعتراف باسرائيل حتى لو اقتضمت غالبية الضفة الغربية من قبل اسرائيل.

لغة التشهير والتخوين والعجلة الاعلاميّة لم يسلم منها كوادر فتح وبعض قادتها للدفاع الذاتي عن وجود اصحاب تلك المدرسة وكما هو الحال الصراعات بين فتح بثوبها الحالي وحماس لم يتوقف لحظة الى ان نجم عن هذا الصراع الانقسام وثقافته وحروب على غزة متتالية لا يستهدف فصيلفيها فقط بل بعملية اثعن قطاع غزة لبرنامج فئوي يلتقي مع الاحتلال عمليا.

مازال الصراع السياسي بين فتح محمود عباس وحماس قائم على اشده واستيطان في ظل هذه الازمة والشروع الاسرائيلي بتهويد الضفة وخطوات سياسية بائسة يقوم فيها الرئيس محمود عباس لانقاذ الحد الادني من برنامجه بالتوجه لمجلس الامن والمنظمات الدولية في ظل حتمية الاعتراض الامريكي والتي قد تسبقه اسرائيل بتهويد الضفة التي هي محتلة تماما ومسيطرة على نسبة 60% من اراضيها ومستوطنيين بلغ عددهم650 الف مستوطن في تغيير جوهري ديموغرافي للضفة والقدس.

ازمة النفوذ تأخذ صورها باشكال متعددة تنحصر الآن بين فصيلين ونهجين هماالسلطةوفتح محمود عباس وحماس اما باقي الفصائل فهو مرهون موقفها بمن يمتلك المخلاه والساحة الفلسطينية تنذر بعواقب وخيمة على المشروع الوطني وعدم جدوى حكومة التوافق لعلاج حيثيات الأزمة ومشاكلها وتعقيداتها.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة