الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 11:01

خياران أمام يعالون.. لا ثالث لهما!/ بقلم: سميح خلف

كل العرب
نُشر: 16/10/14 07:03,  حُتلن: 06:55

سميح خلف في مقاله:

القادة الصهاينة يفهمون ماذا يريدون ولكن طبقة السياسيين والقادة في الشعب الفلسطيني وخاصة في سلطة رام الله لم يفهمون حتى الآن أن محاولاتهم لإنشاء دولة على بقايا الوطن هي إنقاذ للمشروع الصهيوني

كما ورطت منظمة التحرير الشعب الفلسطيني بأوسلو وأنقذت إسرائيل مرحلياً من أحد الخيارين، إسرائيل تتورط أيضا إذا ما رفضت حل الدولتين وإعطاء الفلسطينيين دولة على بقايا الوطن

المتابع للملف الفلسطيني الإسرائيلي لا يستغرب ولا يتعجب من تصريحات يعالون وزير الحرب الصهيوني، فلقد كرر يعالون ما قاله زعماء إسرائيل في السابق بأن إسرائيل ليست جادة بإعطاء الفلسطينيين دولة فلسطينية على بقايا الوطن، والمفاوضات ما هي إلا اللعب على خط الزمن لتحقيق غاية إسرائيل في حلمها على ما تسمى يهوذا والسامرة، وهذا ما حققته إسرائيل عبر مفاوضات متدرجة ومرتبة وممنهجة ومنذ ما قبل أوسلو وصولاً إلى أوسلو التي إستفادت منها إسرائيل أكثر مما إستفاد منه الفلسطينيون، فالفلسطينيون لم يستفيدوا من أوسلو إلا الرقم صفر، بالمقابل دفع الفلسطينيون ثمن أسولو بالإستيطان والأمن لإسرائيل، عندما نتحدث عن الفلسطينيين لا نتحدث عن الشعب الفلسطيني الذي يدفع من أبناءه يومياً ضريبة الروح والدم في سبيل تحرير فلسطين ولكننا نتحدث عن قيادة لم تفهم لغة القيادة الصهيونية لا تقوى على أخذ خيارات أخرى غير التغوط والتعمق في الإلتزام بأوسلو وخارطة الطريق والمبادرة العربية وما أثمرت عنه أوسلو من رواتب حيث أصبحت السلطة وعلى لسان رئيسها وقادتها ما هي إلا مؤسسة لدفع الرواتب من الدول المانحة أي أصبحت السلطة وسيطاً بين الدول المانحة والشعب الفلسطيني، أي وكالة غوث بشكل "نيو لوك".

القادة الصهاينة يفهمون ماذا يريدون، ولكن طبقة السياسيين والقادة في الشعب الفلسطيني وخاصة في سلطة رام الله لم يفهمون حتى الآن أن محاولاتهم لإنشاء دولة على بقايا الوطن هي إنقاذ للمشروع الصهيوني، ولو بقي حال الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال لأجبرت إسرائيل أمام التطور الديمغرافي إلى خيارين لا ثالث لهما، إما الإنسحاب من جانب واحد من الضفة الغربية وغزة، أو هي ستقع فريسة لما تصاب به من ذعر، وهو حل "الدولة الواحدة ذات القوميتين"، وهذا الخيار ينهي ويقتل مشروع الدولة اليهودية التي تعمل عليه القيادة الصهيونية.

تصريح يعالون بأن إسرائيل لن تعطي الفلسطينيين دولة في الضفة الغربية وغزة يكشف ما هو مكتشف منذ زمن، إلا عند قيادتنا لم يكتشف، بأن الفلسطينيين لهم حكم ذاتي والأمن والسيطرة على الحدود والجو فهي تحت مسؤولية الجانب الصهيوني.
كما ورطت منظمة التحرير الشعب الفلسطيني بأوسلو وأنقذت إسرائيل مرحلياً من أحد الخيارين، إسرائيل تتورط أيضا إذا ما رفضت حل الدولتين وإعطاء الفلسطينيين دولة على بقايا الوطن التي ستكون بالتأكيد منزوعة السلاح وضمن ضوابط أمنية وإقتصادية وعلمية، يعلم يعالون ما لاقاه من قطاع غزة والشعب الفلسطيني في غزة، أما أن يستغل يعالون برنامج السيد عباس ليفرض رؤيته بحكم ذاتي على الضفة الغربية فنستطيع القول أن يعالون لم يفهم بعد العقلية الفلسطينية أيضا التي غيبتها قيادته، يفهم يعالون الآن التنسيق الأمني والأريحية التي يعيش فيها مستوطنيه ولكن إن تعرض يعالون وجيشه لما تعرض له في غزة، فإن الأمور ستختلف وسيخرج يعالون مذعوراً ويخلي مستوطنيه من الضفة الغربية لأنه ونتيجة التطور الدراماتيكي على أرض المسرح في الصراع ستفرض على القيادة الصهيونية خيار الدولة الواحدة وخيار جنوب أفريقيا.

القيادة الفلسطينية عملت بعلم أو بدون علم على إختزال المشروع الوطني الفلسطيني بدولة على بقايا الوطن، وعندما يطرح المواطن الفلسطيني هذا الهبوط من المطالب الفلسطينية فإن الجانب الصهيوني له الحق في أن يطرح ما يطرحه يعالون، كما قلت سابقاً لو لم تتدخل منظمة التحرير الفلسطينية في حياة الشعب الفلسطيني وتنفذ برنامجها قصراً على الشعب الفلسطيني لاضطرت إسرائيل أمام واقع سكاني وحضاري وتاريخي إلى أن تختار أحد الحلين، إما دولة فلسطينية بشروط مشرفة، وإما حل الدولة الواحدة الذي لا مفر منه على أرض فلسطين وهذا يعتبر بمثابة نهاية المشروع الصهيوني.

قادة منظمة التحرير الذين ساروا في الحل المرحلي منذ أوائل السبعينات ثم تخلوا عن بديهيات ومبادئ الحل المرحلي ليدخلوا في أوسلو في حين أن الجانب الإسرائيلي لم يترك لأوسلو مكانا في التطبيق، ثم يهبط قادة منظمة التحرير بمطالبهم لدولة فلسطينية وتدويل القدس وتبادلية الأراضي على الأرض الفلسطينية هذا يكشف مدى تعاسة المنطق السياسي والنضالي لتلك القيادة.

لا أعتقد أن مفاجآت السيد عباس هي صالحة للمتغيرات وإن حققت بعض المكاسب الدولية ولأن تلك المكاسب لن تغير واقعاً على الأرض وستصطدم بالنفوذ الأميركي في مجلس الأمن، وستصطدم أيضا بضوابط محكمة الجنايات الدولية ولأن إسرائيل دولة معترف بها أمميا فإن إسرائيل أيضا ستقابل الفلسطينيين بما أقدموا عليه بالمثل، ولذلك سيتجرد الشعب الفلسطيني في القانون الدولي من خاصية المقاومة المشروعة كشعب فلسطيني محتل.

نحن نحتاج لجرأة سياسية في إتخاذ القرار، فمن الضروري حل السلطة وليس مقبولاً أن تقوم دولة على بقايا الوطن، أو العمل الفاشل على تحقيق ذلك في ظل واقع دولي يخدم نظرية الأمن الصهيوني، ولذلك امام الشعب الفلسطيني النضال عبر منهجية مرحلية لتحرير فلسطين وهي المطالبة بحل الدولة الواحدة ولأن يعالون يفهم عقلية القيادة الفلسطينية الحالية طرح ما طرحه من حلول سياسية أمنية على الضفة الغربية في ظل برنامج متجمد وجامد يصر عليه السيد عباس ويصر على المفاوضات المباشرة ضمن مخطط زمني لتحقيق دولة فلسطينية على بقايا الوطن، وهذا ليس مقبولاً.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة