الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 16:02

فلسطين وشرق أوسط جديد.."نظرة تحليلية"/ بقلم: سميح خلف

كل العرب
نُشر: 10/09/14 17:47,  حُتلن: 07:56

 سميح خلف في مقاله:

منذ أن بدأ ما يسمى الربيع العربي بالقطع هو لم يكن ربيعا عربيا صافيا ولم يكن مطلبا عربيا أكيدا اختارته شعوب المنطقة بنفس النموذج والممارسة

كان الهدف لكل متفتح وقارئ جيد للوحة التضاريس السياسية في العالم وتخوف الامبريالية الأمريكية من انهيارها وعدم ملائمة سايكس بيكو للإمبراطورية الأمريكية التي أقصت امبراطوريات سابقة كألمانيا وبريطانيا والإتحاد السوفيتي

كانت داعش هي مفجرة الإضطراب في السياسة الأمريكية في المنطقة والتي اضطرت للتحالف فيها مع أيران في العراق والاختلاف معها في سوريا

بلا شك أن معركة غزة لم تكن معركة طبيعية ولا معركة أخلاقية قادتها عجلة القوة الإسرائيلية وتواطؤ غالبية الأنظمة الرسمية والدولية على فعلتها المجرمة بل نعتقد وراء هذا الستار مخططا جديدا ينهي مقولة حل الدولتين في الضفة

تبقى قضية فلسطين وقضية شعبها ومساحتها الجغرافية محل أنظار بل محل اهتمام صناع الاستراتيجية الدولية والإقليمية والدول الحاكمة في العالم، لقد أثبت التاريخ أن سايكس بيكو يجب مراجعتها لإعتبارات ديموغرافية واقتصادية وأمنية أيضا، فالحدود لن تكون هي حدود سايكس بيكو في المنطقة ، والقضايا الأمنية التي كانت محل اهتمام العالم في ذاك الوقت لم تعد هي نفس القضايا بما استجد من صراعات عمقها اقتصاديا ويأخذ منحى أمنيا ومنحى عسكريا في عقلية للغرب لا تخلوا من الأهداف للحملات الصليبية على الوطن العربي ومركزها فلسطين ، نفس الأهداف وإن تغيرت الصورة واللوحة والأداء والأداة.

منذ أن بدأ ما يسمى الربيع العربي بالقطع هو لم يكن ربيعا عربيا صافيا ولم يكن مطلبا عربيا أكيدا اختارته شعوب المنطقة بنفس النموذج والممارسة ، وإن استغلت حاجة المواطن العربي لمزيد من الحرية والعدالة الإجتماعية في لوحة أخرى هدفها تقسيم جديد للمنطقة .

ربما تقلصت أهداف ما يسمى الربيع العربي الذي كان يصبو المخططين له لأن يمتد لتقسيمات جغرافية وسياسية تدك عمق آسيا وأروبا ، بل كانت نقطة الشرارة التي بدأت من اجتياح العراق والتخلص من قوى فاعلة في المنطقة وموازيا لها احباط طموحات ايران وقوتها في الحرب العراقية الإيرانية إلا تبويبا وتمهيدا لما يسمى الربيع وإن أتى في مشهد (البوعزيزي) في تونس .

كان الهدف لكل متفتح وقارئ جيد للوحة التضاريس السياسية في العالم وتخوف الامبريالية الأمريكية من انهيارها وعدم ملائمة سايكس بيكو للإمبراطورية الأمريكية التي أقصت امبراطوريات سابقة كألمانيا وبريطانيا والإتحاد السوفيتي ، أمريكا وعندما أصبح الغرب هم أحد تروسها وأدواتها في تنفيذ المخطط وارتباطها اقتصاديا بالدولار رغم صعود اليورو الذي فشل في منافسة الدولار أيضا.

كان في اعتقادي أن المخطط لما يسمى الربيع العربي أن يمتد إلى أندونيسيا وماليزيا وتركيا بعد أن قطع شوطا في سوريا كتبويب لإقتحام آسيا وتفتيت قوة ستبقى مهددة للأمن الجغرافي والسياسي الإسرائيلي، فعندما تحدث بوتن بأن غزو شوارع دمشق هو غزو لموسكو كان قد اخترمت في عقله فكرة الربيع العربي الذي يصل إلى الشيشان وعمق موسكو ، وهذا ما أوضحناه في حينه في عام 2011 في رسالة للقيادة الروسية عبر روسيا اليوم.

قفز الربيع الدولي الأمريكي بعد العقبات التي صادفها في سوريا إلى اوكرانيا ، وهناك كانت محطة الصراع أيضا ، نقطة في الشرق ونقطة في الغرب ، افرازات ما يسمى الربيع العربي والفوضى الخلاقة التي أسمتها أو عبرت عنها كونداليزا رايس لم تكن إلا نموذجا ووهما تعتقد فيه الإدارة الأمريكية أنها يمكن أن تحطم بنية الدولة ثم تنشئها من جديد بناء على حيثياتها وأهدافها ومصالحها ، وإن نجح هذا المفهوم نسبيا في العراق بإنهيار حكومة المالكي الطائفية وفرض حكومة عراقية يقال عنها أنها تمثل أطياف اللوحة السياسية والعقائدية والمذهبية في العراق ، ولكن ما عجزت عنه الإدارة الأمريكية أنها لم تتوقع بعد انهيار العراق وليبيا واليمن وصمود سوريا وتناحة بوتن في اوكرانيا بدأت تتعامل مع الوقائع من جديد وإن فوجئت بتصاعد الصراع وارهاصاته في المنطقة بما يسمى الإسلام السياسي بكل فئاته ، بل وعلى قمة ذلك ما يسمى (داعش) واكتساحها أراضي شاسعة في العراق وسوريا وربما امتدت إلى سيناء وغزت ليبيا ، ولا يختلف الحال كثيرا من الصراع المذهبي في اليمن.

كل هذه الميكانيكيات والمكيانيزمات التي دعا لها الرئيس الأمريكي أوباما وما أوضحه أنه يمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي والذي يصب في إعاقة خارطة الشرق الأوسط الجديد بما يتنافى مع طموحات الإدارة الأمريكية والغرب في رسم خريطة نموذجية تعبر عن مصالحهم وحماية اقتصادهم المبني على استنزاف الخامات العربية .

كانت داعش هي مفجرة الإضطراب في السياسة الأمريكية في المنطقة والتي اضطرت للتحالف فيها مع أيران في العراق والاختلاف معها في سوريا ، حيث ظهر العدو اللدود المشترك ما يسمى داعش بخلافة الدولة الإسلامية في الشرق ، وعلى طموحهم بأن تشكل نفس الدولة في شمال أفريقيا أيضا .

هناك اضطراب في السياسة الأمريكية بما دعاها إلى تجميع قوى أممية تزيد عن أكثر من 40 دولة لمحاربة داعش في كل النطاقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية ، ولكن ماذا بعد انتهاء داعش ، هل سينتهي التطرف ؟ أم ندخل في انهيار متكامل لوحدة الأراضي والسيادة في العراق وسوريا ومناطق أخرى في الوطن العربي وكنموذج آخر في ليبيا .

نعتقد أن سياسية الرئيس أوباما فاشلة ، وأن هذا الواقع لا يمكن أن يوجد إلا بسلوك سيء وعشوائي من نقطة بدايته عند غزو العراق وتدمير ليبيا واليمن وتونس وسوريا ، تلك الفوضى التي ربما تدخل في سيناريو ترتيب الجغرافيا السياسية من جديد بناء على إطارات عقائدية مذهبية في العراق وسوريا وتشتت في ليبيا وتقاسم اليمن كل ذلك إلى دويلات تطمح فيها أمريكا إلى تمديد العمر الزمني لركيزتها في المنطقة إسرائيل بعد انهيار نظرية أمنها ووجودها ووجود النظرية الصهيونية المبنية على الأمن على الأرض الفلسطينية .

ثمة حلول تم طرحها منذ قرار التقسيم الذي لم يأخذ طريقه على أرض الواقع ، ومن هنا ازدادت تعقيدات القضية الفلسطينية وقضية المشروع الصهيوني الدخيل في المنطقة ، جميع الاطروحات في المنطقة لا تلبي شروط التمدد الديموغرافي المستقبلي في المنطقة ، حتى حل الدولتين الذي أصبح من المستحيل تداوله وتناوله وتنفيذه أمام استيلاء إسرائيل على غالبية الضفة الغربية ، ربما يقول البعض أننا دخلنا إلى محور آخر يختلف عن المقدمات في هذا المقال ، ولكننا نعتقد أن المنطقة برمتها آتية على تقسيمات جديدة وانهيارات جديدة ورسم خرائط سياسية جديدة لم تستثنى منها قضية الشعب الفلسطيني والوجود الصهيوني على أرض فلسطين.

إسرائيل وإن كان لها حلفاء كثر في الوطن العربي بحكم التغير الايدلوجي الحاكم في المنطقة ، إلا أن إسرائيل بحاجة الآن إلى ضمانات استراتيجية وليست آنية لوجودها ، وهذا ما تبحث عنه إسرائيل الآن بشكل استراتيجي ، فحروبها على غزة واستيلائها على الأرض في الضفة ، وقتل مفهوم حل الدولتين أو حل الدولة الواحد ينطلق من رؤيتها العميقة للتمدد الديموغرافي الفلسطيني والصهيوني في المنطقة وإلى أين يتجه ، هل يتجه إلى الشرق أم إلى الجنوب .

بلا شك أن معركة غزة لم تكن معركة طبيعية ولا معركة أخلاقية قادتها عجلة القوة الإسرائيلية ، وتواطؤ غالبية الأنظمة الرسمية والدولية على فعلتها المجرمة ، بل نعتقد وراء هذا الستار مخططا جديدا ينهي مقولة حل الدولتين في الضفة الغربية والتوجه نحو غزة والتمدد نحو الجنوب استغلالا لضائقات اقتصادية لدول الإقليم واجبارها على رسم خريطة سياسية جديدة للسيادة الوطنية بحيث تأخذ في الاعتبار حل مشكلة اللاجئين ، وهذا ما أثير في الآونة الأخيرة عن أجزاء مقطوعة من سيناء 615 ميل لحل مشكلة اللاجئين وبناء الدولة الفلسطينية بإستثناء الضفة الغربية وتسهيلات اجتماعية وعائلية لترابط السر في كل من الضغة وغزة فقط والحاق مدن الضفة بحكم ذاتي مرتبط ذاتيا واقتصاديا بكنتون أمني في كل من الشرق ومن إسرائيل ، وربما زادت الاطروحات والإشاعات بأن هناك ما طرحته إسرائيل بأن يؤخذ الفلسطينيين بما يساوي مساحة فلسطين المحتلة في سيناء لتأمين التمدد الديموغرافي الآمن للفلسطينيين وحل المشكلة التي يمكن أن تتفجر بعد عقد من الزمن ، ربما هذا الطرح الاستراتيجي من قبل إسرائيل وبعض الدوائر يدعونا إلى أن كل الحلول المطروحة الآن وسقوط أهداف أوسلو ووجودها وسقوط حل الدولتين وبالمناسبة فإن أوسلو لم تذكر دولة فلسطينية والمحادثات مع منظمة التحرير كانت الإعتراف بمنظمة التحرير وإسقاطها حق الكفاح المسلح مقابل حكم ذاتي لم ينص على دولة أيضا ، نجد من هذه الاطروحات بأنه يجب أن يكون منطق اسراتيجي مغايرا لتلك الاطروحات التي تصدر الأزمة إلى أراضي الأشقاء وإلى أراضي تضع يدها عليها القوة الدولية بقيادة امريكا لإنهاء قضية اللاجئين.

من هنا نكتشف ان سياسية قيادة منظمة التحرير وقيادة السلطة على مدار عقود هي سياسة فاشلة حين استثنت الكفاح المسلح وفتحت الباب على مصراعيه لتوثيق الاستيطان وترسيمه على الأرض الفلسطينية بشل كل القدرات الفلسطينية في الصراع وتحويل الفلسطينيين ولو زمنيا ومكانيا إلى جموع من البطالة المقنعة ترتبط بالراتب والتي يتمحور عليها الصراع الآن بين قوتين في الساحة الفلسطينية السلطة وحماس وكل منهما يدعي الشرعية والتمثيل مع ارتباط كامل لقيادة السلطة بسيناريوهات دولية وتضييع للوقت والزمن مما نستقرئ منه أن الشهور القادمة وأمام ترتيبات اقليمية ودولية سيكون هناك الجديد على الساحة الفلسطينية قيادة وتمثيل وآفاق سياسية جديدة تسقط ما قبله من اطروحات سياسية بدأت من قبل أوسلو إلى أوسلو ، فالعالم الآن وبعد معركة غزة والمخاضات التي تسير في كثير من المناطق والدول العربية عمقها إيجاد حل للقضية الفلسطينية ورسم خريطة جديدة لدولة اسمها فلسطين ، وبترتيبات جغرافية وأمنية جديدة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة