الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 04:02

مفاوضات القاهرة إلى أين؟/ بقلم: د. محمد خليل مصلح

كل العرب
نُشر: 20/08/14 08:36,  حُتلن: 08:41

د. محمد خليل مصلح في مقاله:

نتنياهو يفقد الدعم من اعضاء الكابينت فهو مشلول الارادة ومطوق من الجميع بعد أن اضطر الى مواجهة الانتقادات من وزراء في الحكومة

تكتيك مصر في ادارة المفاوضات بين الجانبين مدت نتنياهو بحبل النجاة مرحليا للأسف فهي أولا منحت نتنياهو الوقت الكافي لمعالجة الوضع الداخلي

لم ولن تكون المعركة الاخيرة على طريق التحرير، هذا واقع وحقيقة ما يجري اليوم في الحرب على قطاع غزة، لم أكن أتصور أو أتوقع أن دولة الاحتلال ستوافق على كل المطالب الفلسطينية، لأن أي قيادة يتعذر عليها التسليم بالهزيمة السياسية، المسألة الاخرى التي تشكل عائق امام القيادة الاسرائيلية مفهوم المصالح الامنية لدولة الاحتلال، نتنياهو اسرائيل لن توافق على أي صيغة لا تضمن الاعتراف بالحاجات الامنية، لذلك كنت وما زلت ارسم سيناريوهات كثيرة لكيفية الخروج، لكل طرف حد من الاحتمال والصبر والتحمل بالاعتماد على الجبهات الداخلية، ومن الخطأ ان يسمى ما يجرى من مفاوضات في القاهرة تسوية سياسية واتفاق دائم مادام التفاوض لا يتعلق برحيل الاحتلال، الواقع غير ذلك هو لا يتعدى وقف للقتال مع بقاء الباب مفتوحا لأي تطور ميداني أمني سياسي بشرط ألا يكون ما يجري تصفية للمقاومة.

لا بد من الاعتراف ان تصلب المقاومة كان عاملا مهما جدا في تصعيب مهمة الوسيط المصري، وأيضا في افشال تكتيكات الوفد الاسرائيلي في المفاوضات، ومع ذلك من الخطأ تجاهل قدرات الوفد الاسرائيلي المفاوض في اللعب على الوقت والمناورات الذكية لإضعاف ارادة الوفد الفلسطيني، والعمل على شق صفه من جانب، وتمرير الرغبة المكبوتة لديه بمساعدة الطرف المصري، بإعادة السلطة وتقوية ابي مازن في المرحلة القادمة، ما لم تستطع فعله كل الاطراف لإسقاط حكم حماس تقترب مصر وإسرائيل بتحقيق الكثير منه في المفاوضات الجارية في القاهرة، هذا على الاقل من وجهة نظر اسرائيلية مصرية عدا حكومة ابو مازن "التوافق ".

المناورة الاسرائيلية الاخيرة وقبل دقائق من انتهاء التهدئة، استخدم الوفد الاسرائيلي مناوراته لخداع الاطراف وابتزازها، العودة الى اسرائيل لمراجعة القيادة السياسية والأمنية، العودة الى نقطة البداية لإرباك الوفد الفلسطيني والضغط على مصر للضغط على المقاومة، نتنياهو كان وما زال بحاجة للإنقاذ من المأزق السياسي، الوضع الداخلي بالنسبة لنتنياهو سواء داخل حزبه الليكود او في الحكومة لا صب في مصلحته بل ينتظره الكثير من المشاكل التي ستنعكس حجم خسارته الشخصية فهو لم يعد قائد لحزب الليكود ولا محل اجماع وطني مع الاخذ بعين الاعتبار ان ما قد ينقذه انه لا يوجد في اسرائيل الزعامة البديلة إلا شخص يبدو ان نجمه بدء يعلو موشيه بوغي يعلون وزير الحرب.

تكتيك مصر في ادارة المفاوضات بين الجانبين مدت نتنياهو بحبل النجاة مرحليا للأسف، فهي أولا منحت نتنياهو الوقت الكافي لمعالجة الوضع الداخلي، ومناقشة تداعيات الاتفاق أمنيا وسياسيا، وهي ايضا منحت نتنياهو القدرة على اخفاء هزيمته بادعاء انه لم يتنازل عن مطالبه بالحفاظ على المصالح الامنية الاسرائيلية شرطا للتوصل الى تفاهمات، وانه لن يعطي حماس أي نصر بالاستناد الى تكتيك ترحيل القضايا السياسية تكتيك مفاوضات اوسلو ترحيل القضايا العالقة الى وقت وظروف أخرى، وتقسيم الاتفاق الى مرحلتين الاولى ضمت القضايا الانسانية مثل المعابر و الإعمار تحت مظلة السلطة والمجتمع الدولي، والمرحلة ترحل الى شهر وشهرين او أكثر ما يسمح له بادعاء، ان الحديث حول القضايا السياسية بتحرير الاسرى، والميناء والمطار مرتهنة ومربوطة بتلبية بالحاجات والمصالح الامنية لدولة الاحتلال، نزع سلاح المقاومة ووقف اطلاق الصواريخ وحفر الانفاق الى داخل اسرائيل، استدراكات الوفد الاسرائيلي على تكتيك الوسيط المصري، منحت نتنياهو القدرة على المناورة في الساحة الداخلية، ها هو نتنياهو يستجمع قواه في مواجهة المزايدات من المنافسين له والمزايدين عليه ويجتمع مع القيادة العسكرية والأمنية للتشاور وأخذ وجهات نظرهم حول الاتفاق وتداعياته والوقوف على الثغرات ان وجدت لمواجهة اعضاء الكيبينت الذين ينتظرون الاجتماع بنتنياهو لإطلاعهم على بنود الاتفاق.

نتنياهو يفقد الدعم من اعضاء الكابينت، فهو مشلول الارادة ومطوق من الجميع بعد أن اضطر الى مواجهة الانتقادات من وزراء في الحكومة الاسرائيلية وأعضاء في حزبه ومن وزراء الكابينت، الذين شعروا بأن نتنياهو لا يطلعهم على مجريات مفاوضات القاهرة، حالة التكتم الشديد والضبابية التي فرضها الاعلام الاسرائيلي على المفاوضات خاصة في اللحظات الاخيرة مقابل الاعلام الفلسطيني - مع ما لنا عليه من نقد حول طريقة نشره المعلومات دون التدقيق ما اربك المواطن والمراقبين والمتابعين والمحللين - الذي اصبح مصدر معلومات للجانب الاسرائيلي ما أحدث حالة الغضب الشديد على نتنياهو.

يبدو اننا وقعنا في شرك الرغبات والميول لبعض الجهات الاقليمية والداخلية، بحيث اقنعنا البعض بجدوى المفاوضات في الوقت غير المناسب، كان الذهاب مبكر جدا، يمكنني ان ادعي أنه خطأ استراتيجي، لا ينم عن دراية بعقلية دولة الاحتلال ولا بقياداتهم، بدراسة تقييمية للحالة الاسرائيلية الداخلية كانت توحي أنها تتطلب منا زيادة الضغط، واستنزاف الجانب الاسرائيلي، ما كان يجب ان نغفل عن النقاط التي حققتها المقاومة على الارض خاصة على الجانب المعنوي، والمادي للجيش، والحالة النفسية، والخوف الشديد من المواطن بمعنى التصدع في الجبهة الداخلية الاسرائيلية، بعد أن حولت المقاومة غلاف غزة عمق استراتيجي للمقاومة نقلت المعركة اليه ما أربك قيادة الجيش وقيادته العسكرية، بحيث دفع الجيش الى اعادة التمركز خشية الهاون والقذائف، هذا السلاح الذي تحدث عنه الجنود الاسرائيليين لتوفير موضع عسكري آمن للجيش، هذا على الصعيد العسكري.

أما على الصعيد السياسي يجب أن ننتقل الى المرحلة الثانية من المعركة امام شلل القيادة الاسرائيلية ورفضها التعاطي مع الحقائق ونتائج المعركة الحالية، نتنياهو لا يملك القرار ولا التوقيع على أي اتفاق يحسم الحرب لمصلحة المقاومة فهو انتحار سياسي بالنسبة له، على قيادتنا السياسية والعسكرية الانتقال الى العناصر الاخرى، الضفة الغربية الجيش الاحتياطي لغزة خطة تجميع للقتال العسكري والبدء بمرحلة القنابل البشرية، والعنصر الآخر القرار السياسي المناسب الهجوم السياسي على الجبهة المعادية للمقاومة بتسمية الاشياء بمسمياتها، الوقت ينفذ فلا تضيعوه لمصلحة دولة الاحتلال.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة