الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 12:01

المعسكر الامريكي ولعبة خلط الاوراق/ بقلم : رجا اغبارية

كل العرب
نُشر: 14/08/14 20:31,  حُتلن: 07:58

رجا اغباريه  - حركة ابناء البلد :

أحيانا تسمع من قادة سياسيين او كتاب او مستكتبين ان "داعش" والمالكي في العراق ومن لف لفهما هم صناعة سورية ايرانية امريكية او النصرة والمسلمين ومن لف لفهم هم صناعة تركية سعودية قطرية امريكية وهما معسكران يبدوان متناحرين

تأتي فتوى القرضاوي الاخيرة التي تقول بان "الجهاد ضد اسرائيل غير ضروري وان المهمة الجهادية تقتصر على الاطاحة بنظامي سوريا والعراق (الاسد والمالكي ) "

كي تستكمل صورة هذه الاصطفافات يجب التأكيد انه في اطار المعسكر الامريكي الضخم المذكور اعلاه يوجد تباينات في المواقف التفصيلية وليس المبدئية مثلا يوجد تناقض بين اسرائيل وحليفها ابو مازن حول تفاصيل حل القضية الفلسطينية ولا يوجد بينهما خلاف على وجود اسرائيل

ستنقشع الغيوم وستسقط سياسة خلط الاوراق وستسقط الاقنعة ايضا ، ولن يسمح الشعب او مقاومته الابية بتمرير الاتفاقات السيئة التي لا تخدم شعبنا الفلسطيني ولنا في المقاومة التي سطرت اسمى آيات البطولة ان تحمي التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا والا تفرط بدماء شهداء غزة وشعبنا كله التي سالت على مذبح الحرية

يتعرض القارىء او المستمع لوسائل الاعلام ، لعملية تضليل اعلامية منظمة من قبل عدد كبير من وسائل الاعلام المنضوية تحت مظلة المشروع الامريكي او التي تتقاطع معه سياسيا ومصلحيا . والتضليل يجري حول تركيبة معسكرات الصراع الدولي الجاري على ارض العرب . فاحيانا تسمع من قادة سياسيين او كتاب او مستكتبين ان " داعش " والمالكي في العراق ومن لف لفهما هم صناعة سورية ايرانية امريكية ! او النصرة والاخوان المسلمين ومن لف لفهم هم صناعة تركية سعودية قطرية امريكية ! وهما معسكران يبدوان متناحرين . "تدحش" امريكا في المعسكرين كأداة تضليل بهدف أظهار الصراع انه متعادل ولا فرق بين الطرفين لانهما يعملان في خدمة المشروع الامريكي ! ولا يهم الى أي جهة تنحاز لان كليهما يصب في المشروع الامريكي . الجهة الابرز التي تتعمد هذا الخلط السياسي والاعلامي هي الجهة المتأمركة اراديا و/او مصلحيا رغم التناقض مع آيديولوجيتها المعلنة تاريخيا والتي تسعى من وراء خلط الاوراق لتبرير موقعها السياسي التحالفي مع الاستعمار الامريكي صهيوني في المنطقة . هذه الجهة لا تقتصر على لون عقائدي معين ، بل فيها القوموي واليساروي والاسلاموي والوطنجي . نلاحظ ايضا ان اسرائيل تستبعد من هذين المعسكرين في هذا الاعلام الموجه كي تشرعن عملية التضليل ولأظهار الصراع الدائر على انه عربي – عربي او اسلامي – اسلامي او كلاهما معا ، وان اسرائيل خارج هذا الصراع وهذه اللعبة. في هذا المقام تأتي فتوى القرضاوي الاخيرة التي تقول بان "الجهاد ضد اسرائيل غير ضروري وان المهمة الجهادية تقتصر على الاطاحة بنظامي سوريا والعراق (الاسد والمالكي ) "... في هذا المقام وهذا السياق ايضا يأتي موقف عزمي بشارة الاخير الذي يؤكد فيه ان "داعش" هي صناعة سورية ايرانية امريكية طبعا تعمل لمواجهة " الثورات" العربية المفقودة ! هذا هو ايضا موقف العديد من الانظمة العربية والقوى العربية عامة وبعض قوى الداخل الفلسطيني ايضا !


التوقف عن خلط الاوراق
الحقيقة التي لا تقبل النقاش هي ان النصرة تنظيم منبثق عن القاعدة ومدعوم من الاخوان المسلمين. وداعش هي تنظيم منشق عن النصرة لانه اعلن عن قيام "دولة العراق والشام " خارجا بذلك عن الموقف الرسمي للقاعدة الذي يريد "ثورة دائمة ومستمرة " في كل بلاد الاسلام حتى تعاد الخلافة الاسلامية في بلاد الاسلام برمتها وعدم خلق دويلات اسلامية تعطل اهداف الثورة الاسلامية الدائمة ( تروتسكي وستالين – بتصرف ) ! فالقاعدة والنصرة وداعش هي امريكية الصنع والتوجيه القيادي والصرف المالي. اما تجنيد " المجاهدين " الحقيقيين والنكاحين في هذه التنظيمات ومن يدفع فواتير التجنيد والعسكرة والصرف هي السعودية وقطر وتركيا والاخوان المسلمين – التنظيم العالمي الموحد ، ومن انتمى او انضوى موضوعيا في هذا المعسكر كاسرائيل ومصر والاردن وعربان الخليج والمالكي وابو مازن وخالد مشعل – ( اضافتي المنطقية ) ... المنتج الامريكي اعلاه هو ما كتبته وصرحت به وزيرة خارجية امريكا السابقة هيلاري كلينتون معبرة عن الموقف الامريكي الرسمي الذي بدأ مع بوش الابن وسياسة الفوضى الخلاقة منذ احتلال افغانستان وحتى يومنا هذا ! ولم تذكر هيلاري كلينتون ان ايران وسوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية انهم صناعة امريكية . هذه الحقائق يجب ان تثبت في سياسات الاحزاب والحركات السياسية والكتاب والصحفيين والمؤرخين . يجب اعتمادها كمنطلق اساسي لبناء سياسات نظيفة ، مبدئية وغير مصلحية . يجب تجريد السياسات المبدئية من الدولارات المسمومة ايا كانت . هذه الحقيقة يجب ان تقنع اولا سكان المعسكر الامريكي في المنطقة والعالم الاسلامي . يجب التوقف عن خلط الاوراق . والا فان من يفعل ذلك انما يتستر على ما هو اخطر مما يجري حاليا .


ولكي تستكمل صورة هذه الاصطفافات يجب التأكيد انه في اطار المعسكر الامريكي الضخم المذكور اعلاه يوجد تباينات في المواقف التفصيلية وليس المبدئية . مثلا يوجد تناقض بين اسرائيل وحليفها ابو مازن حول تفاصيل حل القضية الفلسطينية ولا يوجد بينهما خلاف على وجود اسرائيل . وهذا قاسم مشترك مع قطر والسعودية ومصر وتركيا وبنصف لسان مع خالد مشعل الذي يريد دولة في حدود 1967م وبهدنة طويلة مفتوحة ( حل مرحلي ) دون ان يقدم على التماثل المطلق العملي مع ما يوافق عليه ابومازن وسلطته وهذا الموقف موقع ومسند في وثائق المصالحة الفلسطينية الذي يحترم كافة ما وقعت عليه السلطة مع اسرائيل . فقيادة حماس السياسية تدفع ابومازن الى الامام من خلال الدخول في حكومة الوحدة الوطنية الشكلية ، وتمنحه فرصة رئاسة الوفد المفاوض كي تتمظهر بالاعتدال امام حلفائها القطريين والاتراك الذين عملوا عندها للاستحصال على وعد بوقف اطلاق النار وهكذا حصل كما قال نتنياهو في احدى مؤتمراته الصحفية . لكن كتائب القسام افشلت ذالك كما اضاف نتنياهو ! .
اذن لولا القيادة العسكرية لحماس ( المقاومة ) لوافق مشعل وقطر وتركيا على توجه مصر- اسرائيل في الوفد المفاوض مع تعديلات شكلية طفيفه لا تتجاوب مع مطالب الشعب الفلسطيني ومقاومته الابية . هذه معلومات وليست تحليلا : فقد اختلف وفد المقاومة التابع لحماس مع خالد مشعل بعد وصول وفد غزة الى مصر لينضم الى الوفد المفاوض وخرج في نفس الليلة القائد محمد ضيف تلفزيونيا ليحدد شروط المقاومة الموحدة في غزة التي ما تزال سارية المفعول حتى هذه اللحظة التي اعلن فيها فشل المفاوضات للمرة الثالثة ! رغم المخاوف التي تساور كل الغيورين وانصار المقاومة الحقيقيين بان هناك اتفاقا سريا سيئا يحتاج الى وقت حتى يتمكنوا من تمريره جماهيريا . لكن رسميا وعمليا نحن نعيش حرب استنزاف مدروسة من قبل المقاومة كما حدد محمد ضيف في تدخل ومساهمة عسكرية واضحة بالمفاوضات السياسية الجارية ، لمنع فرض الاملاءات الاسرائيلية ومنع الانهيار في الموقف لبعض اطراف السقف السياسي المفاوض في القاهرة .هنا يوجد فرز داخل التنظيم الواحد في الرؤى والانخراط في المعسكرات ولصالح من يتم ذلك . واذا كان هناك شكا بان كل ما تفعله امريكا في المنطقة من تجزيء للمجزأ وتفتيت للمفتت في وطننا العربي هو في صالح اسرائيل فهي مصيبة عظمى أو مشارة فعلية في المشروع ! واظن ان هذا النهج يشكل سببا رئيسيا في هزيمتنا كأمة امام اسرائيل وامريكا ومعسكرهما . هذا الوضع السائد في الهزائم وضعت له حدا المقاومة اللبنانية ( حزب الله ) عام 2006 ليمتد الى المقاومة الغزية الموحد ة بعد ذلك وحتى الحرب التي لم تنته بعد .

وتعريجا على العراق فان الوضع المعقد المتشابه ، مخلوط الاوراق ايضا ، فقد حددنا فيه نفس بوصلة الموقف في مقال سابق ،بغض النظر عن الجهات المتضررة او غير الموافقة ، وقلنا ان ما يجري في العراق هو تنفيذ لمشروع اميريكي لتقسيم العراق الى ثلاث دول : شيعية ، سنية وكردية . وجميع الاطراف هي صناعة امريكية ( مالكي ، داعش ، كرد ) وان القصف الامريكي الناعم الموجه في هذه الايام " ضد داعش " ، انما يتم في تخوم حدود " الدول الثلاث " التي تريدها امريكا .
هنا لا بد من التأكيد بان بين معسكر المقاومة الايراني سوري وحزب الله تجري احيانا مفاوضات مع امريكا برعاية دولية او ثنائية بقيادة ايران ، هي بين معسكرين خصمين ، تتبوأ فيها امريكا دور كلب الحراسة لمصالح الامبريالية وفي مقدمتها اسرائيل ، تحديدا بما يتعلق بالسلاح النووي الايراني او حول دور ايران وحلفها التي تعتبره امريكا محور الشر وتسعى لضربه وتفتيته بدءا بسوريا وحزب الله والمقاومة في غزة . لقد عاقبت امريكا رجلها في العراق مؤخرا وادخلت له داعش لتستكمل مشروعها بعد ان نأى المالكي الامريكي بالعراق من التدخل في الشأن السوري ، ربما لانه شيعي او لأنه كما يدعي يريد تثبيت سلطته بالعراق على حساب الصراعات الاقليمية . استخدم البعض موقف المالكي هذا ليمعن في خلط الاوراق وليعتبر ان " الثورة " بالعراق تتمثل بداعش التي تتوعدها امريكا بالضرب الذي اتضح انه لتسوية حدود التقسيم بين داعش والاكراد والشيعة وليس لانهاء داعش ، الامر الذي يربك ايران ايضا ويمنعها حتى الآن من التدخل " شيعيا" في العراق . او ربما بموافقتها الصامتة لتقسيم العراق طائفيا كما يحلل بعض المتأمركين ! الاشهر القادمة ستكشف صحة هذا الموقف من عدمه . واؤكد ان سقوط العراق او حتى استقرار دولة داعش فيها يشكل خطرا على سوريا ولبنان والاردن وفلسطين . واقول فلسطين لأن داعش اصدرت فتوى بعدم محاربة "بني اسرائيل" لأن هذا غير مذكور بالقرآن الكريم وتسعى لضرب محور ايران سوريا - حزب الله الذي شكره القيادي محمود الزهار ، المقرب من الجناح العسكري في حماس ، لدعمهم حماس وكل فصائل المقاومة في غزة بالسلاح وتوفير عوامل الصمود لهم في الحرب الأخيرة وسابقاتها .
اذن تنقية الحب من الزوان في مثل هذه التعقيدات من العلاقات الاقليمية عملية صعبة ومعقدة من جهة ، وعملية الخلط المتعمد للاوراق عملية اسهل بكثير . من اجل عدم الوقوع بالخطأ الجسيم يجب تحديد فلسطين وتحريرها بوصلة اساسية تتلوها المقاومة الفلسطينية المسلحة ومعسكر اسنادهما الا وهو معسكر المقاومة المذكور اعلاه الذي تناصبه امريكا العداء بغض النظر عن الفوارق الآيديولوجية . لقد ثبت هنا ان الناتج السياسي عن أي آيديولوجيا هو تحديد ما اذا كنت مع المقاومة للصهيونية وامريكا في فلسطين والمنطقة ام انت في موقع الوسط والتواسط بينها وبين اسرائيل وامريكا ومعسكرهما ام انت مع هذا المعسكر بشكل او بآخر رغم التباينات الشكلية وغير المبدئية التي يعلو ضجيجها ويحاول ضبابها حجب الرؤيا والتستر على التآمر مع هذا المعسكر .

في جميع الحالات ستنقشع الغيوم وستسقط سياسة خلط الاوراق وستسقط الاقنعة ايضا ، ولن يسمح الشعب او مقاومته الابية بتمرير الاتفاقات السيئة التي لا تخدم شعبنا الفلسطيني ولنا في المقاومة التي سطرت اسمى آيات البطولة ان تحمي التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا والا تفرط بدماء شهداء غزة وشعبنا كله التي سالت على مذبح الحرية . آمل الا يخيب ظننا ورهاننا على الصادقين .
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة