الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 11:02

من وحي رحلتي إلى بلوفديف في بلغاريا/ بقلم: ب. فاروق مواسي

كل العرب
نُشر: 07/08/14 09:43,  حُتلن: 08:10

1- ظاهرة تتكرر: حاكم جلاد وشعب عليه أن ينقاد

في بلغاريا في مدينة بلوفديف استوقفني تمثال عرفت أنه لساشوس لادورا، الشاعر الشعبي البلغاري والناقد اللاذع للنظام الشيوع، تضايق النظام في الستينيات من القرن الماضي من ملاحظاته الساخرة، ومن معاني أغنياته فهدده، وأغراه لكي يسكت، لكنه ظل على موقفه صلبًا، حتى جاء يوم فإذا بالرجل المحبوب يختفي عن الأنظار، ولا تقع عين له على أثر، في حديقة المدينة أقاموا له تمثالاً يمثل كل الذين اضطهدوا في العهد البائد.



ولماذا نذهب بعيدًا، فأنا كنت من متابعي الكاتب العراقي المميز عزيز السيد جاسم الذي اختفت أخباره في أوائل التسعينيات، حيث لم تنفع توسطات بعض الأدباء العراقيين والعرب من أجل إطلاق سراحه، ولم يعثر عليه أو على جثمانه حتى اليوم، وفي لقاءاتي مع أدباء عرب في لندن وفي باريس عرفت أن هناك العشرات من أصحاب الفكر هاجروا من العراق وسورية والمغرب العربي، ولعل أبرزهم الكاتب المبدع زكريا تامر.

سألت أحدهم: لماذا لا تعود إلى موطنك؟..

أجابني: هل تريد أن أحتجب عن الأنظار؟
صحيح أنني أصل إلى المطار، وبعدها من جرجرة إلى جرجرة، ومن دائرة إلى دائرة ومن ظلام إلى ظلام، وأهلي المساكين ينتظرون، ويسألون عني، ولا يجيبهم أحد أين أنا، ترى، هل سيقام تمثال في مدينة عربية تذكارًا لأصحاب الضمير الحي، والكلمة الجريئة، والوطنية الصادقة؟


2- من الأدب العالمــي:

في بلوفديف في بلغاريا وفي أحضان الطبيعة الأخاذة عاش الشاعر الفرنسي لامرتين (Alphonse de LamartiN - 1790 - 1869)وهو كاتب وشاعر وسياسي لامع، في سنة 1833 سكن الشاعر في المنزل الذي صورته أدناه، وقد أصبح متحفًا يضم بعض تراثه، وكان الشاعر أقام فيه وهو في طريقه للشرق، وظل فيه فترة طويلة بسبب مرضه، اشتهر الشاعر بقصيدته المميزة (البحيرة)، وقد تسنى لي أن أتتبع ترجمتها عن طريق الإنجليزية والعبرية، وبعد الاطلاع على ترجمات عربية لكل من أحمد حسن الزيات، محمد مندور.، إبراهيم ناجي، علي محمود طه ، إيليا حاوي ، وقد لاحظت أخطاء في الطباعة لدى هذا المترجم أو ذاك، أو في فهم اللفظة الفرنسية كما ترد في المعجم، ثم قمت بتحليل القصيدة، ونشرت الترجمة والتحليل في كتاب "المرشد في تدريس الأدب العالمي". القدس: وزارة المعارف والثقافة والرياضة- 1996، ص 191- 204، أما عن قصيدة البحيرة فقد كتبها بعد أن كانت حبيبته جوليا في النزع الأخير، كان الشاعر إذن وحيدًا، في مكان لقائهما المفضّل، وكان مشهد "بحيرة البورجيه" يبعث في نفسه شعورا بالحنين، وكذلك صورا من ذكريات سعادته المهدّدة، وهي تبدأ بالمقطعين التاليين:

هكذا، يُلقى بنا دوما نحو سواحل جديدة، وفي الليل الأزليّ نُؤخذ بدون رجعة، فهل بمقدورنا يوما، على سطح محيط الدهور إلقاء المرساة ولو ليوم؟

ألا يا بحيرة.. ها هو الحول قد دار.. وعند الأمواج الحبيبة التيّ كانت من جديد ستراها .. انظري.. ها أنا اليوم جئتُ وحيداً، لأجلس على تلك الصّخرة الّتي طالما رأيتِها جالسة عليها

مقالات متعلقة