الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 22:01

نحو آلية نضالية جدية /بقلم:توفيق نجّار

كل العرب
نُشر: 14/07/14 07:47,  حُتلن: 08:40

توفيق نجّار في مقاله:

أية رسالة يوجهها المحامون العرب للأمم المتحدة يرافقها اضراب كانت ستفيد أكثر بكثير من ان ينادي أحد الشباب في المظاهرة يا حيفا شدي الحيل

أخيرًا لا بدّ من الانحناء احتراما لشعبنا الصامد في الضفة والقطاع ولصبايانا وشبابنا الذين يحتجون هنا، فهبَّتهم هذه دليل على أن شعبنا في الداخل لا زال حيًّا تعيش فيه قضية

 أليس إعلان الإضراب من قبل الأطباء العرب، مثلا، كان سيشكل عبئا يضغط بشكل مباشر على الدولة ويخاطب المجتمع الدولي باحترام ويساعد على تجنيد شركاء منه ومن اليهود الديمقراطيين؟

عذرًا لأني أكتب خلال أيام صعبة تنزف فيها جراح أهلنا في غزة ويشيّعون بين غارة وغارة شهداء أبطالا. لكن القدر يفرض علينا التوقف عند هذه اللحظة السياسية بالذات لنستخلص العبر ونسعى الى تطوير آلية نضالية جامعة وجديّة.
ما أحوجنا في هذه الفترة بأن نوصل رسالة واضحة تظهر حجمنا الفعلي وتهيب اليمين، فتخاطب المجتمع الدولي بجدية كما تخاطب أيضا المجتمع الاسرائيلي. لكننا لا نملك آلية نضالية حقيقية تجمع قوى عربية وديمقراطية ذات وزن كمّي ونوعي. أليس إعلان الإضراب من قبل الأطباء العرب، مثلا، كان سيشكل عبئا يضغط بشكل مباشر على الدولة ويخاطب المجتمع الدولي باحترام ويساعد على تجنيد شركاء منه ومن اليهود الديمقراطيين كَون قضيتنا في جوهرها انسانية عادلة ومطالبنا تحت مظلة القرارات الدولية؟ أو بيان باسم المحامين العرب؟ أو محاضري الجامعات الفلسطينيين في البلاد والعالم؟ أو النساء العاملات؟ أو عمّال المصانع العرب؟
ألم تعتمد الحركة الصهيونية بجانب اعتمادها على الذراع العسكري المجرم على ذراع آخر ممثل بشخصيات اعتبارية ورجال اعمال وضغط اقتصادي على المجتمع الدولي عموما وعلى امريكا خصوصا؟

أية رسالة يوجهها المحامون العرب للأمم المتحدة يرافقها اضراب كانت ستفيد أكثر بكثير من ان ينادي أحد الشباب في المظاهرة يا حيفا شدي الحيل، ولا اقلل هنا من اهمية المظاهرات، ولكنني أرفض الشعارات التي تخاطب مشاعر البعض دون أُفق ورصيد حقيقي. والمظاهرات عمومًا لن تفيد بالعمق الذي نبتغيه دون ان تترافق مع نضال جدّي آخر يوصل صوتنا على اننا جزء حي من هذه البلاد الى العالم، ايضا عندها سيفكر الأمن الف مرة قبل أن يفرق مظاهرة ويدفعها الى الاصطدام معه، سيفكر الف مرة قبل أن يعتقل لأنه سيهاب من صوتنا المسموع في العالم ومن علاقتنا مع الاعلام والممثلين في الهيئات العالمية ومن ضغطنا الاقتصادي.
لا أرانا مُنتصرين في المعركة الإعلامية أمام العالم حتى ولو قتلوا من شبابنا واعتقلوا وعذبّوا منّا لأننا ضعفاء اقتصاديا ولا نعطي للعالم بقدر ما تعطيه له الحركة الصهيونية ودولتها، ولأننا لا نملك آليّة مبرمجة تستطيع أن تقف عند السالب وتتقدم نحو الموجب من المتغيرات السياسية. نحتاج لآلية تجعل الخُطى المدروسة لا المبادرات الفردية والاحتجاج العشوائي هي المتحكّمة في نبض الشارع، فلا نقع في فخ أن نجابه العنصرية بالعنصرية هذا الفخ الذي سيؤذي صورتنا كمطالبين بحقوق عادلة أمام المجتمع الدولي.

ناهيك عن أن هذا الاحتجاج العشوائي (ولا اقول النضال لأنه غير منهجي وغير مدروس) ممكن أن ينتهي الى حسم السلاح اذا ما احتدم اكثر، وعندها سنكون إمّا معتقلين أو شهداء وامّا نازحين خصوصا وأن (سعر الدم صار رخيصا في شرق الحروب هذه).
ولذات السبب المركزي (افتقادنا لآلية نضالية جديّة ومشروع مدروس)، يصعب علينا التحشيد لمظاهرات كبيرة ذات وزن كمي.. لذات السبب يظهر أن قسما صغيرا فقط من شعبنا مستعد أن يشارك في هذه المظاهرات، لأنه لم تؤمَّن له الظروف الكافية ليثق بنفسه ويشعر أن هناك قيادة حكيمة تحميه ومشروعا حقيقيا يلوح يُستحَقُّ أن يُناضَل من أجله، لكن للأسف يظهر أن الجزء الأكبر يخاف أن يُضرب سوق البلد أو أن تتأزّم العلاقة مع الموظِّف (الخواجا).. علينا أن نعيد الثقة لشعبنا.

أعرف أن هذا الوقت ليس للتحسر على ما لم نفعل وواجبنا أن نعمل بالإمكانيات المتاحة أمامنا. وتحقيق هذا المشروع يتطلب عملا على صعيد الوعي الشعبي والمؤسساتي وتنجيع العمل الجماعي الفلسطيني بدون الانحصار في خانات عنصرية ضيقة وشعاراتية رومانسية، بل يجب الانفتاح نحو مخاطبة العقلاء من اليهود ومؤيدي السلام في البلاد والخارج، مشروع كهذا بحاجة لدراسة وتأسيس وحوار بين الحركات والاحزاب حتّى نتمكن بالمستقبل من أن نستثمر الهبّات الشعبية ونسيّر الامور لخدمة المشترك الأهم.

أما الآن، فتواجدنا الميداني أساسي في هذه المرحلة، حتى لو كان فيه الكثير من المظاهر السلبية مثل الانجرار نحو الاصطدام وتخريب الممتلكات العامة، وعلى الاحزاب والحركات ان تحتضن هذا الاحتجاج وتسير به الى محل مفيد يمنع من عشوائيته بأن تصل الى مكان لا رجعة منه. كما لا بد أيضا من وقفة تأمل في المظاهرات المشتركة في حيفا وتل ابيب واستخلاص العبر منها وتشجيع تجنيد يهود عاقلين لصالح العدل، لأن صدى مثل هذه المظاهرات يتعدى مخاطبة شعبنا بلغة قضيته القومية فيخاطب العالم بلغة اممية وانسانية تمثّل قضية شعبنا العربي الفلسطيني.

أخيرًا لا بدّ من الانحناء احتراما لشعبنا الصامد في الضفة والقطاع ولصبايانا وشبابنا الذين يحتجون هنا، فهبَّتهم هذه دليل على أن شعبنا في الداخل لا زال حيًّا تعيش فيه قضية.

(الكاتب طالب أكاديمي في معهد الهندسة التطبيقية – التخنيون)

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة