الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 20:01

سياسة اهمال الشباب قنابل موقوتة قابلة للانفجار /بقلم:د.صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 09/07/14 10:59,  حُتلن: 11:50

 د.صالح نجيدات في مقاله:

هذه الطاقة الصماء الكامنة في الشباب كان يمكن اطلاقها باتجاهات إيجابية لو أن القائمين على مؤسسات الشباب الرسمية وغير الرسمية قد استبقوا هذا العنف

العنف الشبابي الذي اجتاح القرى والمدن العربية خلال الأيام القليلة الماضية وغمر الشوارع والأحياء والمؤسسات فحطّم وأحرق وشاغب كان احتجاجا على الاوضاع 

علينا أن نعترف بأننا رأينا وقتا طويلا الجانب الناعم من هذه الطاقة ولم يكلف المسئولون أنفسهم عناء التساؤل عن احتمالات انفجار الجانب السلبي وكيفيات معالجة هذا الانفجار اذا ما تم حصوله

نسبة عالية من مجتمعنا العربي في البلاد هم في سن الشباب وهذا يحتم ويلقي على عاتق وأكتاف المسئولين في السلطات المحليه العربية وعلى الحكومة وبالذات وزارة الرفاه الاجتماعية الاهتمام بهم ومضاعفة الجهود لإيجاد العمل وإطارات التعليم والنوادي وأماكن اللهو للشباب ، لأن هذه الطاقة الهائلة عند الشباب إذا لم تنظم وتضع في الاطر الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية المناسبة فسوف تنقلب إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة ولدى أي احتكاك.
وعلينا أن نعترف بأننا رأينا وقتا طويلا الجانب الناعم من هذه الطاقة ولم يكلف المسئولون أنفسهم عناء التساؤل عن احتمالات انفجار الجانب السلبي وكيفيات معالجة هذا الانفجار اذا ما تم حصوله، ولهذا فإنهم مع كل شرارة تنطلق من هذه الطاقة المتأججة يتصرفون بارتباك واستهجان ، كما لو أنهم يواجهون هذه الشرارة للمرة الأولى ، فيطرحون التساؤلات ذاتها ويسوقون حلولهم التقليدية ذاتها ، ولا يترددون في التصفيق لأنفسهم بأنهم نجحوا في اطفاء دابر هذه الشرارة ، مع أنهم في قراره أنفسهم يدركون أن هناك العديد من الشرار ما زال يضرم ومشتعل تحت الرماد.

العنف الشبابي الذي اجتاح القرى والمدن العربية خلال الأيام القليلة الماضية وغمر الشوارع والأحياء والمؤسسات ، فحطّم وأحرق وشاغب ، كان احتجاجا على الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأوضاع الامنية التي سادت البلاد نتيجة تصرفات العصابات اليهودية المتطرفة " تدفيع الثمن " والتنكيل والاعتداء على الشباب العرب في شوارع المدن اليهودية دون اتخاذ الحكومة والشرطة الاجراءات اللازمة لحمايتهم والقبض على هؤلاء المتطرفون ومحاكمتهم , وزاد الطين بله قتل الفتى محمد ابو خضير رحمه الله عليه، بطريقة ابشع ما يكون على ايدي يهود متطرفين، وهذا القتل كان بمثابة الشراره التي اشعلت هذه المظاهرات في كثير من قرانا ومدننا العربية، ولعبت شبكات التواصل الاجتماعي وتكنولوجيات الاتصال ، دورا في تنظيم وخروج الشباب الى الشوارع احتجاجا على اهمالهم وما يجري من حولهم من اعتداء ضد أبناء شعبهم .
يخطئ من يظن أن هذا العنف الشبابي الذي اجتاح قرانا ومدننا ، لا يمثل في جزء منه أيضاً مظهراً من مظاهر تداعيات " الربيع العربي " الذي عصف ولا يزال يعصف بالمجتمعات العربية.
العنف الشبابي هو احتجاجا على الاوضاع المزرية التي يعيشونها ، ضائقه الارض والمسكن وقلة فرص العمل وانسداد الافق وانحسار الامل امامهم نتيجة سياسة الاهمال والتهميش والبطالة والفراغ القاتل، وهذه الطاقة الصماء الكامنة في الشباب كان يمكن اطلاقها باتجاهات إيجابية لو أن القائمين على مؤسسات الشباب الرسمية وغير الرسمية قد استبقوا هذا العنف وعملوا على استخراجه وتفريغه عبر حزمة من الأنشطة والمبادرات المليئة بالمضامين الخلاقة وليس عبر الركون إلى الأنشطة التقليدية المكررة التي أملّت القائمين عليها ، فكيف بالمستهدفين بها. فالعنف مهما كان زمانه ومكانه سببه احتجاج على الاوضاع ألاقتصاديه والاجتماعية الصعبة والكبت السياسي والظلم والتعسف والخوف والقلق والشعور الحاد بالفراغ وانعدام الامن والامان ، وحتى نعالجه ونمنع حدوثه مستقبلا فعلى الحكومة تحسين الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والقضاء على البطالة والتفرقة والعنصرية وأن تشيع حالة من الحراك الإيجابي المخطط أو المؤسس جيداً بمضمون حقيقي من شأنه تعظيم تقدير الذات للشباب وإعطائهم الامل واحترام كيانهم .

ما العمل وما المطلوب الآن ؟ دون لف أو دوران فإن على الحكومة تخصيص ميزانيات هائلة للوسط العربي وزيادة القوى العامله في مكاتب الخدمات الاجتماعية لكي تعالج مشاكل الشباب وهي كثيرة جدا وعليها الاهتمام بهم وإعطائهم الشعور بالأمل بأن لهم مستقبل ينتظرهم وكذلك عليها تحسين اوضاع المدارس ومنع تسرب الطلاب من مقاعد الدراسة لان نسبه من هؤلاء عند وصولهم لمرحلة الشباب لا يجيدون فرص العمل فيشكلون عبئا على المجتمع .
علينا أخيراً أن نمتلك الجرأة الكافية لمناقشة وإعادة النظر في شكل ومضمون مشاكل الشباب ، على المستوى الرسمي وغير الرسمي لكي نحل مشاكلهم ونؤمن لهم المستقبل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة