الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 22:02

مشاهد لا تُنسى من زيارة قداسة البابا فرنسيس/ بقلم: عفيف شليوط

كل العرب
نُشر: 30/05/14 13:50,  حُتلن: 10:01

عفيف شليوط في مقاله:

قال للعالم دون أن يتكلّم تعالوا نبني جسوراً لا جدراناً 

نحن نعلم أن زيارة قداسة البابا فرنسيس للأراضي المقدسة هي زيارة روحية ورعوية بالأساس لكننا لا نستطيع أن ننكر بأن تداعياتها سياسية ونتائجها سياسية

البابا أذهل الناس بتواضعه فرفض اعتماد الوسائل الفخمة ولجأ الى البساطة بحث عن الفقراء والمعوزي فاستحق اللقب الذي أطلقه عليه ملك الأردن عبدالله الثاني بأنه ضمير العالم

رغم أن المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين وصلت الى طريق مسدود إلا أن قداسة البابا لم يستسلم للأمر الواقع وأراد أن يساهم بدفع مسيرة السلام إلى الأمام فدعا الرئيسين الفلسطيني والاسرائيلي الى الفاتيكان 

في خطوة غير مسبوقة، دعا قداسة البابا فرنسيس في أثناء زيارته الأراضي المقدسة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس الى الفاتيكان للصلاة سوية من أجل السلام. وقبل أن يغادر قداسته البلاد، تم الإعلان رسميّاً في وسائل الاعلام أن الرئيسان الاسرائيلي والفلسطيني سيلتقيان بالفعل يوم الجمعة المقبل في الفاتيكان بحضور قداسته. فكانت هذه رسالة واضحة من قبل قداسة البابا في أثناء زيارته، رسالة من أجل إحلال السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، والتي رافقتها رسائل عديدة ومفاجئة، والتي كانت عبارة عن مواقف صامتة عبّرت أكثر من مئات الكلمات، مثل وقوف قداسته بحزن وصمت الى جانب جدار الفصل بين الفلسطينيين والاسرائيليين، تناوله وجبة العشاء مع عائلات فقيرة، لقائه ببطريرك القسطنطينية الارثوذكسي برتلماوس الأول في كنيسة القيامة في مدينة القدس.

صور انطبعت في أذهاننا ، وستبقى تعشش في ذاكرتنا حتى بعد انتهاء زيارة قداسته لنا وعودته للفاتيكان ، لأن هذه اللحظات تاريخية ومؤثرة وصادقة ، لحظات استطاع خلالها قداسة البابا أن يحتلّ قلوب الناس ويحظى بتقديرهم له. إنه أذهل الناس بتواضعه، فرفض اعتماد الوسائل الفخمة ولجأ الى البساطة ، بحث عن الفقراء والمعوزين ، فاستحق اللقب الذي أطلقه عليه ملك الأردن عبدالله الثاني بأنه ضمير العالم.

من هنا يبدو لنا بوضوح أن زيارة قداسة البابا فرنسيس تحمل رسالة سلام ومحبة ووفاء وتعاون بين الديانات السماوية الثلاث :الإسلامية والمسيحية واليهودية. وكم نحن بحاجة في هذه المنطقة بالذات إلى السلام ، الى التسامح والمحبّة وتقبّل الآخر ، لا إلغاء الآخر والاعتداء عليه لأنه يختلف عني.

رغم أن المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين وصلت الى طريق مسدود ، إلا أن قداسة البابا لم يستسلم للأمر الواقع وأراد أن يساهم بدفع مسيرة السلام إلى الأمام ، فدعا الرئيسين الفلسطيني والاسرائيلي الى الفاتيكان للصلاة معاً من أجل السلام ، قام بهذه الخطوة من منطلق ايماني، ومن منطلق الايمان برسالته على الأرض.
خرج قداسة البابا عن جدول برنامج زيارته لفلسطين حين توقف عند جدار الفصل للصلاة من أجل العدالة والسلام. هذا المشهد ترك أثراً بالغاً لدى كل من شاهد قداسته يقف بصمت متكئاً على الجدار يصلي ، ليقل للعالم بأسره ، بصمت ، بهدوء ، أنه غير راض عن جدار الفصل العنصري هذا . قال للعالم دون أن يتكلّم ، تعالوا نبني جسوراً لا جدراناً . ان الشعب الفلسطيني يدرك جيّداً مدى تعاطف قداسة البابا مع آلامهم ومعاناتهم. لهذا جاء استقبال الفلسطينيين لقداسته دافئاً ، فاستقبل بحفاوة بالغة، فالفلسطينيون كانوا بحاجة ماسة لزيارة قداسته ، كما المسيحيون في الشرق ، الذين يتعرضون للاضطهاد والمطاردة ، فجاءت هذه الزيارة لتعزّز إيمانهم وبقائهم في بلادهم.

نحن نعلم أن زيارة قداسة البابا فرنسيس للأراضي المقدسة هي زيارة روحية ورعوية بالأساس . لكننا لا نستطيع أن ننكر بأن تداعياتها سياسية ، ونتائجها سياسية ، لهذا اعتبرت هذه الزيارة وبحق زيارة تاريخية.
أفضت تلك الزيارة بالاضافة الى كل ما ذكرت ، إلى تحقيق التقارب المسيحي وذلك عبر اللقاء التاريخي بين قطبي الكنيسة الكاثوليكية قداسة البابا فرنسيس والارثوذكسية بطريرك القسطنطينية الارثوذكسي برتلماوس .
لم يكن اجتماعه مع العائلات الفقيرة وليد صدفة ، إنما نتيجة حتمية لكونه نشأ في أسرة فقيرة حيث كان والده عاملا في السكك الحديدية ، فشعر بآلام الفقراء وأصبح نصيراً لهم . كما حرص قداسة البابا فرنسيس على مقابلة أطفال من المخيمات في الأردن وبيت لحم والتقى بذوي الحاجات الخاصة.
رد قداسة البابا على ما يرتكبه المتشددون والمتطرفون من جرائم بشعة تجاه الكنائس والمسيحيين ، الحوار المسيحي الاسلامي والتأكيد على روابط المحبة والاخاء . وبدون أدنى شك أن الأخوة الإسلامية المسيحية تتجلى في أروع صورها في المجتمع الفلسطيني بالذات، فهو مجتمع متحاب متآخ يرفض التعصب المذهبي أو الديني.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة