الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 17:02

الأكاديميون العرب يشاركون بمؤتمر بيت بيرل تحت عنوان مجتمع يبحث عن بوصلة

منى عرموش -
نُشر: 21/05/14 17:13,  حُتلن: 22:19

علي وتد رئيس المعهد الأكاديمي:

الكليّة تضم طلاباً ومحاضرين وعمال من كلا الوسطين العربي واليهودي وهذا يعتبر نادراً في المشهد الإسرائيلي كما أنّ المؤتمر يجمع ما بين الأكاديميّين ورجال السياسية والإقتصاد في محاولة لتعزيز التكاتف بين أطياف المجتمع للمساهمة في تطوره وتقدّمه

عزيز حيدر المحاضر والباحث في معهد فان-لير:

المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل مرّ بمراحل من التغيير والتحوّل بدايةً بمرحلة البقاء التي استمرّت لغاية العام 67 ثم انتقل إلى مرحلة التكيّف للوضع الجديد كمواطنين داخل إسرائيل في أوائل السبعينات

رأس المال المؤسّساتي أيضاً عاجز فالسلطات المحليّة ليس بإمكانها القيادة نحو البوصلة والأحزاب السياسيّة أثبتت أنّها لا تتعامل مع الوضع كما يجب فضلاً عن إشكاليّة غياب مؤسّسات المجتمع المدني فهنالك مؤسّسات غير حكوميّة مدعومة من قبل حكومات وهي لا تموّل من قبل المجتمع

عقد مؤخراً المعهد الأكاديمي العربي للتربية في كليّة بيت بيرل ومركز الينبوع لأبحاث اللغة، الثقافة والمجتمع العربي التابع للمعهد، مؤتمر المجتمع العربي الثاني تحت عنوان "مجتمع يبحث عن بوصلة"، والذي تطرق للعديد من القضايا السياسيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة التي تخص المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل. وفي تلخيصه للمؤتمر ذكر د.غانم يعقوبي، مدير مركز الينبوع قائلا: "أنّ أهم التوصيات التي نتجت عن المؤتمر والتي سيتم متابعتها من قبل مركز الينبوع والمعهد الأكاديمي في بيت بيرل، إقامة معهد أبحاث قومي عربي بحيث يقوم بالتحليل العميق للقضايا المركزيّة المتعلقة بتطوّر المجتمع العربي داخل إسرائيل ويشكّل أيضاً قاعدة للتخطيط الإستراتيجي، بالإضافة إلى إقامة منتدى شامل يضم الأكاديميّين العرب ورجال الأعمال والسياسيّين والشخصيّات العامّة، وأيضاً إقامة رابطة للنساء المحاميّات بهدف معالجة مختلف شؤون النساء في المجتمع العربي".

وقد إفتتحت تمار أريئاب، رئيسة الكليّة الأكاديميّة بيت بيرل، المؤتمر مؤكّدة على أنّ" الكليّة تعتبر نموذجاً مميزاً وإستثنائيّاً للحياة المشتركة بين العرب واليهود في السّياق الأكاديمي، وأنّ الكليّة تضع نصب عينيها تعزيز قيم التسامح والعيش المشترك". وقال د.علي وتد، رئيس المعهد الأكاديمي: "الكليّة تضم طلاباً ومحاضرين وعمال من الوسطين العربي واليهودي، وهذا يعتبر نادراً في المشهد الإسرائيلي. كما أنّ المؤتمر يجمع ما بين الأكاديميّين ورجال السياسية والإقتصاد في محاولة لتعزيز التكاتف بين أطياف المجتمع للمساهمة في تطوره وتقدّمه". كما وشدّد على أهميّة طرح كافة القضايا بطريقة نقديّة تحفّز وتهز العقول الباحثة والمفكرة لتحمل المسؤولية والمضي قدماً متخطين كافة العقبات. ومن جهته أكّد د. يعقوبي على أنّ المجتمع لن ينهض طالما ليست هنالك مساواة بين الرجل والمرأة، وطالما أنّ المرأة لا تأخذ دور القيادة بكافة المجالات. وأشار إلى أنّ هنالك حاجة كبيرة لأخذ مسؤوليّة قياديّة وتغيير الواقع بعيداً عن التباكي.

المقوّمات التعليميّة والإقتصاديّة
من جانبه قدّم بروفسور عزيز حيدر، المحاضر والباحث في معهد فان-لير، المحاضرة المركزيّة في المؤتمر موضحاً أنّه في سبيل البحث عن بوصلة يجب "أن نخرج من الصندوق، نعرف من نحن، ما قدراتنا وما هي العراقيل أمامنا لتحويلها لدوافع للتطور على المستويين الفردي والجماعي. وأن المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل مرّ بمراحل من التغيير والتحوّل، بدايةً بمرحلة البقاء التي استمرّت لغاية العام 67، ثم انتقل إلى مرحلة التكيّف للوضع الجديد كمواطنين داخل إسرائيل في أوائل السبعينات، وكان من المفروض الإنتقال إلى مرحلة جديدة وهي المبادرة الذاتيّة، لكن المجتمع توقّف عند هذه المرحلة، بل يرجع أحياناً إلى الخلف، متأثّراً بالمستجدّات على الساحة الإسرائيليّة والفسطينيّة والعربيّة عامةً". وفي تحليله للمعطيات، أوضح بروفسور حيدر أنّه من "حيث رأس المال الإجتماعي فإنّ المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل هو مجتمع ضعيف جداً بسبب الإنتماءات العائليّة والحمائليّة والطائفيّة، وبسبب إنتشار العنف والفقر وغيرها من الآفات الإجتماعيّة، كما أنّ رأس المال الإجتماعي يشهد تراجعاً أمام انهيار السلطات المحليّة العربيّة، وأنّ رأس المال المؤسّساتي أيضاً عاجز، فالسلطات المحليّة ليس بإمكانها القيادة نحو البوصلة، والأحزاب السياسيّة أثبتت أنّها لا تتعامل مع الوضع كما يجب، فضلاً عن إشكاليّة غياب مؤسّسات المجتمع المدني، فهنالك مؤسّسات غير حكوميّة مدعومة من قبل حكومات وهي لا تموّل من قبل المجتمع. وأنّ رأس المال الثقافي أيضاً غير متوفّر، فمعظم المؤسّسات الثقافيّة هي حزبيّة وسياسيّة وغير مستقلّة، كما أنّ مستوى الإستهلاك الثقافي ما زال ضئيلاً، رغم أنّ هنالك طبقة وسطى واسعة على مستوى التعليم الأكاديمي والتي تصل إلى نسبة 25% من مجمل السكان العرب، إلا أنّها لا تستهلك الثقافة ولا تتميّز بالمدنيّة القادرة على إحداث التغيير المنشود كما هو الحال في أوروبا، أمّا رأس المال البشري فقد شهد، قفزات وهو يشهد اليوم ثورة صامتة من حيث الإنجازات الفرديّة، ففي العقد الأخير قفز عدد الألقاب الجامعيّة ب 90%، وقفز عدد طلاب اللقب الثاني خلال نفس العقد ب 85%، وعدد طلاب الدكتوراة ب 71%، كما أنّ عدد الطلاب في الكليّات قفز ب 170%، إلا أنّ هذه الثورة تحدث على المستوى الفردي وليس الجماعي. وهنالك أيضاً قفزة في المجال الإقتصادي، فعدد المصالح التجاريّة بلغ 35000، وهنالك 10000 عائلة عربيّة تعتبر غنيّة. لكن هذه المقوّمات التعليميّة والثقافيّة والإقتصاديّة على المستوى الفردي لا تنعكس على المستوى الجماعي ولا في نوعيّة وجودة الحياة في القرى والمدن العربية، نظراً لحالة الإستنزاف والتشرذم الدائمة التي يعيشها المجتمع، فهو يستنزف نفسه وهو أيضاً مستنزف من قبل الدولة".


وفي جلسة "نضال المرأة العربيّة نحو القيادة الجماهيريّة"، لفتت د.سهاد ناشف-ظاهر، المحاضرة في كليّة أورانيم، إلى أنّ "هنالك قوى إجتماعيّة وسياسيّة تحاول إقصاء المرأة عن المواقع القياديّة وحتى تغييبها عن العمل الجماهيري والسّياسيّ، والأخطر من هذا حين تحمل شريحة واسعة من النساء الفكر الذكوري والأبوي إلى درجة تأييد قتل النساء في ظروف معيّنة. وذكرت د. ناشف أنّ واقع النساء في سنوات السبعينات كان أكثر إشراقاً، بينما اليوم التحدّيات أمام المرأة ومحاولات إقصاءها وتهميش دورها هي أوسع وأخطر". في حين تحدّثت ميسم جلجولي، مديرة مشروع القيادة السياسيّة في مبادرات صندوق إبراهيم، عن إحباط محاولات إندماج النساء في العمل السياسي في السلطات المحليّة العربيّة، وذكرت أنّه "من بين مئات النساء اللواتي ترشحن كعضوات، تم انتخاب فقط بضع نساء". وشدّدت جلجولي على "أنّ المرأة القياديّة بشكل عام تتّسم بقدرات نوعيّة أكثر، نظراً لأنّها وخلافاً للرجل تواجه وتتغلب على العديد من التحدّيات في طريقها للوصول إلى مركز قيادي، ويظهر ذلك جليّاً في عمل النساء اللواتي يشغلن منصب رئاسة لجان العمال والموظّفين في السلطات المحليّة، إذ قمن بإحداث تغيير نوعيّ ومميّز في عمل هذه اللجان، ونجحن في مواجهة وتحدّي السلطة المركزيّة على الأخص فيما يتعلق بقضيّة فصل العمال ضمن خطط الإشفاء، متطرقة إلى تجربتها الشخصيّة كرئيسة لجنة عمال والإنجازات التي حققتها، في حين أنّ الرجال لم يجرؤوا على فعل ذلك". وفي جلسة "المجتمع العربي بين الوحدة ومحاولات التفكيك"، ذكر بروفسور محمد أمارة، المحاضر في المعهد الأكاديمي العربي في بيت بيرل، أنّه "تمّ سابقاً الحفاظ على الوحدة من خلال المنظومة الحمائليّة والتي دعمت أفرادها ماديّاً واجتماعيّاً وساهمت في حل الخلافات، إلا أنّ هذه الحمائليّة لم تكن بغيظة كما هي اليوم. وحتى أنّ الأديان كانت تهدف إلى التسامح والتآخي، لكن اليوم ما نشهده هو تعصّب ديني فحسب". ومن جانبه تحدّث د.جوني منصور، المحاضر في المعهد الأكاديمي العربي في كليّة بيت بيرل، حول محاولات تجنيد المسيحيّين مؤكداً أنّ "للمسيحيّين الفلسطينيّين كانت مشاركات في النضالات السياسيّة على مختلف الفترات وهم يعتزّون بهويّتهم العربيّة والفلسطينيّة، عدا عن أنّ اسرائيل تعاملت معهم رسميّاً كعرب، ولكن إعتبرتهم طوائف، وأظهرت إعلاميًا اهتمامها بهم بهذه الصفة لتكسب شرعيّة لنظامها الديمقراطي ومظهره العالمي. وقال أيضاً أنّ التعامل وفقاً لمعيار التوزيع الطائفي هو ما ميّز المشروع الصهيوني ويميز المؤسسة في اسرائيل، حيث أنّ المحاولات الحاليّة للفصل ما بين المسيحيّين والمسلمين من خلال تجنيدهم ضمن إطار قانون لتكوين هويّة جديدة أو قوميّة جديدة لدى المسيحيّين، هو نسخ للموديل الذي تعاملت وفقه الدولة مع الدروز في الخمسينات، والذي لم يمنع الحكومة والوزارات المختلفة من إنتهاك حقوق الدروز ومصادرة أراضيهم". وحذّر د. منصور من إستغلال المؤسّسة الحاكمة للظّروف الصعبة التي يمر بها المسيحيون في العالم العربي وتنامي قوّة الحركة الإسلاميّة في الداخل والخارج والتي تستثنيهم من نشاطها، في سبيل تحقيق مخطّطها. وخلص إلى أنّه "يجب عدم ترك العرب المسيحيين يواجهون هذا الامتحان لوحدهم، بل طرحه على طاولة النقاش كحالة وطنية طارئة، يجب التصدي له. وهذا ما يجري فعلاً على أرض الواقع".

دور الحلقات الإقتصاديّة والتربويّة
أمّا د.قصي حاج يحيى، المحاضر في المعهد الأكاديمي العربي في كليّة بيت بيرل، فشدّد على "أنّ الوحدة المرجوّة هي وحدة تكامليّة وليست إندماجيّة أو إنصهاريّة". وأشار "إلى غياب التخطيط المستقبلي، الذي يعود إلى أنّ الطبقة الوسطى مشلولة وغير مبدعة، كما أنّ لجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة في البلاد لا تقوم بهذا الدور، وتعجّب من تسمية اللجنة، متسائلاً "متابعة ماذا"، واقترح تغيير التسمية والنهج لتتحول إلى لجنة التخطيط المستقبلي". واستهلّ أيمن سيف، مدير عام سلطة التطوير الإقتصادي للوسط العربي، الدرزي والشركسي، القسم الأوّل من الجلسة الثالثة تحت عنوان "دور الحلقات الإقتصاديّة والتربويّة في تطوير المجتمع العربي" والتي أدارها هشام جبران، المحاضر في المعهد الأكاديمي العربي في بيت بيرل، بعرضه لأهم المعطيات المتعلّقة بالمجتمع العربي والتي تبرز الفجوة بين الوسطين العربي واليهودي في كافة المجالات، ثم استعرض المشاريع الحكوميّة لسد الفجوات الإجتماعية والإقتصادية بين المجتمعين والتي تشمل مشاريع قوميّة كالبرامج الحكوميّة في مجالات التربية والتعليم والرفاه الإجتماعي والبنية التحتية ومن بينها، برنامج عوز لتموراه وأوفك حداش، إضافةً إلى توصيات لجنة طراخطنبيرغ والتي تقضي بوجوب الاستثمار في مجال التشغيل (730 م.ش)، وحل أزمة السكن من خلال تخصيص 250 م.ش لهذه الغاية، فضلاً عن الخطة الخماسية لمجلس التعليم العالي ولجنة الميزانيات لتسهيل التعليم الأكاديمي للعرب، وأيضاً مشروع التمثيل الملائم للمجتمع العربي في سلك خدمات الدولة. فيما تحدث جعفر فرح، مدير عام جمعيّة مساواة، حول تحديات إخراج 51% من المجتمع العربي من دائرة الفقر والتي تتطلب إستثمار في التعليم وملائمة القوى البشرية العربية لسوق العمل المتغير في البلاد الى جانب مخصصات الضمان الإجتماعي ومشاريع التدخل الإقتصاديّة في البلدات الأكثر فقراً. أمّا القسم الثاني من الجلسة والذي أدارته د. صفيّة حسونة عرفات، المحاضرة في المعهد الأكاديمي العربي في كليّة بيت بيرل،فقد تطرّق إلى التربية والتعليم في المجتمع العربي في إسرائيل ما بين المسؤوليّة الحكوميّة ومسؤوليّة السلطات المحليّة العربيّة. ومن جهته أشار د.رمزي حلبي، المحاضر والباحث الإقتصادي، إلى أنّ ما "يميّز الإقتصاد وسوق العمل في المجتمع العربي داخل إسرائيل التغييرات الثقافيّة وأزمة القيم التي يشهدها المجتمع، والتحول إلى التمدن وتهميش إطار الحمولة، في ظل وجود 52.3% من العائلات العربية تحت خط الفقر وازدياد البطالة وعدم الإندماج في الإقتصاد الذي يعتمد على التكنولوجيا، والعمل بالأساس كأجيرين، فضلاً عن الأزمة الماليّة التي تعاني منها السلطات المحليّة العربية". امّا الجلسة الرابعة فقد كان من المفروض أن تتناول الفجوة بين الإحتياجات الحقيقيّة للمجتمع العربي وممارسات القيادة السياسيّة والحزبيّة على صعيد الكنيست وعلى الصعيد المحلي، بيد أنّ عضو الكنيست الشيخ إبراهيم صرصور شدّد على سياسات التمييز المجحفة بحق المواطنين العرب من قبل الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة، مؤكداً "أنّ 80% من صورة الوضع القاتمة التي يعيشها المجتمع العربي تعود إلى السياسات الحكوميّة التي تتعمّد إقصاء العرب وعدم توفير الفرص لهم، علماً أنّه في حال تمّ توفير نفس الفرص التي توفّر للمجتمع اليهودي لكان المجتمع العربي قد سبق المجتمع اليهودي بدرجات على اعتبار أنّه مجتمع "طائر".

مقالات متعلقة