الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 17:02

مراجعة نقديــة/ بقلم: ب. فاروق مواسي

كل العرب
نُشر: 10/05/14 07:56,  حُتلن: 08:10


في المؤتمر الذي شاركت فيه في عمان حول الأدب الفلسطيني خلال ستين عامًا (وقد تناولت فيه الشعر في الجليل والمثلث)، تحدث الصديق د. عمر عتيق عن النقد الفلسطيني خلال ستين عامًا، وتوقف على جزئية لم يسبقه فيها أحد، وهي دراسة الردود الفلسطينية (لدى عرب 48) على نقاد وباحثين إسرائيليين عالجوا مواضيع عربية وإسلامية، وقد سمى الدكتور عتيق ذلك (نقد المقاومة). غير أن لي تحفظات من استخدام هذا المصطلح والمبالغات فيه، ولكني أقترح أن يسميه (النقد المواجه) وإذا كان النقاش حامي الوطيس فلنسمه (المجابه).
الصديق د. عمر عتيق ذكرني في جملة الباحثين الذين كتبوا في هذا المجال، وأشار إلى مقالتي في الرد على ب. عامي إليعاد.

إلى المهتمين أضع المقالة أدناه، وأصنّفها شخصيًا ضمن النقد المواجه:

قدسية مدينة القدس في أدب الانتفاضة

نشر الدكتور عامي إليعاد ضمن كتاب "العرب في القدس بين أواخر الفترة العثمانية ومنذ بدء التسعينيات" دراسته بعنوان قدسية المدينة: القدس في أدب الانتفاضة حاول فيها المؤلف أن يصور صورة القدس من خلال فترة الانتفاضة، كما انعكست في الأدب العربي عامة والفلسطيني خاصة.
ففي الفصل الأول يستخلص الباحث من خلال النصوص المختلفة أن هناك إحساسًا عارمًا يصب في ثلاثة اتجاهات: صدمة، كبرياء، وخجل. فالصدمة بسبب وضع الفلسطينيين القاسي الذي أدى إلى تمرد شعبي ضد إسرائيل، والكبرياء لأنّ أطفالا ونساء ورجالا يشاركون في معركة الحجارة ضد العدو، وخجل بسبب قصور الموقف العربي، موقف العرب القاعدين بلا حول ولا طول، ولا يقدمون شيئا للفلسطينيين، وإنما يطلقون الشعارات والأقوال الجوفاء.
وقد جاءت مجموعة أبجدية الحجارة (نيقوسيا 1988)، انعكاسا لهذه الصدمة التي أشرنا إليها.
وتحت عنوان: الدلالة الدينية السياسية للقدس يستذكر المؤلف فضائل القدس- وهو لون معروف في البحوث التاريخية، حيث ينبهنا الباحث إلى أن الرموز الدينية المسيحية وردت كذلك في اشعار الشعراء المسلمين وحتى العلمانيين منهم (مع تحفظه من إطلاق هذا التعبير على المسلمين غير المتدينين).
ثم ينتقل الكاتب إلى موضوع المجابهة الدينية بين الإسلام وبين اليهودية ويقف عند قصائد للإسلام وللقدس وهي مجموعة كتبها سعد دعيبس، ويتوصل من خلال هذه المجموعة وسواها إلى أنّ حدة الكتابة والموقف المتطرف نلحظهما من خلال النماذج العربية، وأنّ النماذج الفلسطينية بالذات هي الأكثر اعتدالا.
وتحت موضوع: أسطورة القدس التاريخية يستقرىء الباحث الأسماء التي استخدمها الأدباء في كتاباتهم، ويبرز عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وسواهما، ولكن حظ صلاح الدين الأيوبي كان الأوفر في هذا السياق، نظرا لرؤية الكثير من المسلمين وجه الشبه بين الظرفين- ظرف الاحتلال الصليبي وظرف الاحتلال الاسرائيلي.
ثم يتطرق إلى موضوع القدس رمزًا للعشيقة، ويستشهد بأبيات للشاعر ماجد أبو غوش الذي يخاطب القدس:
حبيبتي
مخبأ أحلامي الصغيرة
أمضي الليالي تحت شباكك
وكم عاشق ينتظر الفرَج
على بابك
هل تدخلين أحدًا غيري إلى
محرابك
وفي الإجمال يذكر الباحث شيئًا هامًا جديرًا بنا أن نتوقف عنده: إنه لا يرى غضاضة في تشبيه الصليبيين بالإسرائيليين، ذلك لأن صلاح الدين الأيوبي عقد معاهدة مع ألد أعدائه، لذا فإن ثمة أملا في المستقبل يمكن فيه التوفيق والمصالحة بين الدول العربية وإسرائيل.
بعد هذا الاستعراض نبدأ بذكر الإيجاب في هذه الدراسة الجادة، فدقة الاستشهاد ومتابعة الموضوع من مصادر متباينة يدلان على أننا بحاجة إلى تقدير هؤلاء الباحثين الذين يحللون الأمور ويركبونها بجد ومسؤولية.
أما المآخذ التي لا بد من الإشارة إليها فمنها ما هو شكلي ومنها ما هو جوهري.
فمن الجوهري في تقديري أنّ المؤلف يكتب جملا غير علمية بدون أدنى ضرورة، نحو "وعندما يئس محمد صلى الله عليه وسلم من أن يقنع اليهود في أن يؤيدوه غير وجهة الصلاة أو قبلتها"- (ص153).
وكان بإمكان الباحث أن يكون حذرا في تقريره، كأن يحيل الى مرجع معين يرى أنه استوفى الموضوع بحثا، فقد خفي عليه أنه يناقش مسائل دينية محضة.
واقرأ معي كيف يرى الباحث أن الإسراء والمعراج عبارة عن أسطورة اتخذت فيما بعد حدثًا تاريخيًا، ونقاشي مع الباحث أولا ما هي ضرورة ذكر جمل مستفزة أو غير مستفزة على أي صعيد.
الإسراء والمعراج موضوع / موضوعان العلاقة الأولى فيها مرتبطة بالإيمان أو عدمه. ونحن هنا في غنى عن الخوض في ذلك ما دمنا نعترف أن الإسراء موضوع مركزي على الصعيد السياسي، حتى لمن لا يؤمن به على الصعيد الديني.
أما الإجمال ففي تصوري يجب أن يقوم استنادًا على ما قيل وذكر آنفًا، لكن الباحث توصل إلى استنتاجات أخرى هي بحاجة إلى تمحيص دقيق، نحو: إن أدباء الضفة والقطاع هم أكثر الفلسطينيين كتابة عن القدس. وكانت هناك كتابات كثيرة وتناولت موضوع القدس قبل الانتفاضة. وبالطبع فإنني أتحفظ من هذين الاستنتاجين، كما أتحفظ مما بدأ به المؤلف دراسته في الحديث عن فترات الصعود والهبوط والمد والجزر في الكتابة الحادة أو كتابة الانتفاضة، فأنا لا أظن أن أدب الانتفاضة خمد في فترة دون أخرى - باستثناء هذه الفترة الأخيرة التي لعبت الظروف السياسية دورا نشيطا فيها.
وبالطبع فإن كلامي هذا رهين أيضًا ببحث يجب أن يُستوفى.
أما المسائل الشكلية فمن أهمها: إشارة المؤلف إلى كتابات نبيل عودة في الكرمل (ص152).
ولم أعثر للكاتب المذكور على أي نص في هذه الجملة.
ولا أدري لماذا يقبل الباحث غياب الحرف العربي في القصيدة العربية فيكتبها بحرف عبري، وبهذا السياق لماذا يكتب إليعاد (موناصره) برسم الحروف العبرية بهذا الشكل المقابل للعربية؟ (ص154).
أما كلمة (محرابك) التي وردت في الشعر أعلاه فقد رأى الباحث أن ّ لها علاقة دينية (ص160)، وفي رأيي أن (المحراب) هي كلمة دينية حقًا، لكنها نقلت إلى جو آخر هو معنى الحضن أو اللجوء، ووصولا إلى العبادة من غير التزام حقيقي بالدلالة السابقة الأصلية.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة