الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 04:02

دفع الثمن عاقبته باهظة يا حكومة إسرائيل/الشيخ محمد محاميد

كل العرب
نُشر: 09/05/14 18:41,  حُتلن: 22:42

الشيخ محمد محاميد في مقاله:

هذه الجرائم كلها تهز الاستقرار العام وتؤثر بالرأي العام وتهدد ما يُسمى بالتعايش المشترك 

الحديث يدور عن خلية ارهابية منظمة تعمل وفق برنامج محدد ولها أجندة أكبر من تخريب مسجد أو مقبرة

تقاعس أجهزة الأمن الإسرائيلية عن ردعها والتصدي لها يضعها كذلك في دائرة الاتهام والتورط في هذه العمليات

الاعتداءات الأخيرة بصفد ويوكنعام وعكا وعكبرة وابو غوش وغيرها تؤكد انزلاق عقيدة التخريب العنصري من عصابات منظمة إلى ظاهرة شعبية غير منظمة

أعتقد أن ظاهرة "دفع الثمن" التي تنفذها مجموعات تخريبية يهودية ارهابية أكبر من أن تكون محصورة في إطار عصابات إجرامية منظمة تعيش في مغتصبة "يتسهار" أو غيرها من مغتصبات أراضي الضفة الغربية المُحتلة بعد نكسة شعبنا الفلسطيني عام 1967م. المتعقب لهذه الجرائم منذ بدايتها يجدها منظمة وذات طابع وبصمة مشتركة، حيث أن القاسم المشترك بينها هو الاعتداءات المباشرة على الأماكن المقدسة من مساجد ومقابر وكنائس في حالات كثيرة أخرى.

كانت انطلاقة هذه العمليات التخريبية باستهداف مساجد نائية بالقرى الصغيرة في الضفة الغربية كمسجد علي بن أبي طالب في قرية دير استيا، ومسجد حسن خضر الكبير في بلدة ياسوف، وكذلك مسجد علي بن ابي طالب في بلدة برقين، وغيرها من مساجد الضفة الغربية التي استهدفها خفافيش الليل، ثم اتسعت رقعة مسرح هذه العمليات الارهابية لتصل إلى مدينة القدس وضواحيها باستهداف المساجد المهجورة تارة والكنائس تارة أخرى، بالإضافة للجريمة الكبرى بحق المسجد الأقصى المبارك التي تُنفذها الحكومة الإسرائيلية وخلال هذه المرحلة كان الطابع المشترك بين هذه الاعتداءات هو احراق المكان المُستهدف حتى وصلت هذه العصابات إلى مسجد النور في طوبا الزنغرية داخل الخط الأخضر، حيث شهدت هذه القرية الصغيرة في منطقة الجليل مواجهات عنيفة مع الشرطة الإسرائيلية عقب مظاهرة للتنديد بهذا الاعتداء الجبان، لتدخل بعد ذلك مرحلة جديدة من العمل الارهابي لعصابات "دفع الثمن" حيث باتت مقابر ومساجد الداخل الفلسطيني على رأس سلم أولوياتها، للذكر وليس الحصر، كمقبرة الكزخانة في يافا ومقبرة القسام في بلدة الشيخ قضاء حيفا ومسجد الهدى في مدينة باقة الغربية ومسجد أبو بكر الصديق في حي عراق الشباب في مدينة أم الفحم ومسجد الرحمة في قرية الفرديس، وانحصرت هذه الجرائم غالباً بتلويث جدران المقدسات بسموم كتاباتهم الخبيثة مثلهم وفي بعض العمليات احراق بوابات.

قراءة خارطة العمليات الارهابية التي نفذتها عصابات "دفع الثمن" وكيفية تنفيذها منذ ظهورها وحتى اللحظة الراهنة سيوصلنا إلى نتيجة واضحة كفلق الشمس في وضح النهار، بأن الحديث يدور عن خلية ارهابية منظمة تعمل وفق برنامج محدد ولها أجندة أكبر من تخريب مسجد أو مقبرة، هذه الأجندة بالطبع أكبر من أحلام مغتصب في "يتسهار"، إنما هي أجندة حكومية بأعلى المستويات لها ما بعدها من مؤامرات ومكائد خبيثة سأتطرق إلى أهمها لاحقا في سياق المقال، فهذه الجرائم كلها تهز الاستقرار العام وتؤثر بالرأي العام وتهدد ما يُسمى بالتعايش المشترك، وتقاعس أجهزة الأمن الإسرائيلية عن ردعها والتصدي لها يضعها كذلك في دائرة الاتهام والتورط في هذه العمليات وإن كان الأمر بشكل غير مباشر، ومما يؤكد طرحي هذا شهادة "كرمي غيلون" الذي شغل سابقاً منصب رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي المعرف باسم "الشاباك" حيث تطرق بحديثه خلال أحد المؤتمرات الإستارتيجية لظاهرة عمليات "دفع الثمن" وقال إن أجهزة الأمن الإسرائيلية لو ارادت وقفها لأوقفتها منذ زمن، وقال: "نحن لا نريد ولسنا لا نستطيع"!، وبالطبع تقاعس أجهزة الأمن الإسرائيلية عن تأدية واجاباتها الأساسية بحفظ الأمن العام للمواطنين مجتمعين لا يأتي من فراغ إنما من تعليمات واضحة على غض النظر عما يدور من جرائم بالساحات الخلفية للدولة بالوسط العربي داخل الخط الأخضر.

أرى أن هذه العصابات اليهودية الاجرامية تتحرك بتوجيه غير مباشر لوكلاء أحد أجهزة الأمن الإسرائيلية لتحقق بعض أهداف الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها تعويد المواطن الفلسطيني على رؤية الاعتداءات على المساجد والمقدسات حتى يصل الأمر إلى أن تكون هذه الجرائم جزء من روتين الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني وفي ظلال هذه الحرب الشرسة التي تستهد سلوكيات العقول تسعى المؤسسة الإسرائيلية لتنفيذ مكيدة كبرى بحق المسجد الأقصى المبارك عبر تمرير قانون التقسيم الزمني فيه على غرار الحرم الابراهيمي في مدينة الخليل، وهنا ستمتص إسرائيل غضب الشارع الفلسطيني عبر تنفيسها له قبل ذلك بهذا النوع من العمليات التخريبية، بالإضافة لمراقبة ردود الفعل على كل جريمة "دفع ثمن" لتقيّيم وتشخيص الحالة الآنية لمجتمعنا الفلسطيني وتوقع رده على أي حماقة كبرى تستهدف المسجد الأقصى المبارك مستغلة الظروف القاهرة بالدول العربية المحيطة وانغماسها بأزماتها الداخلية.

ولكن هذه الظاهرة التي بدأت بشكل منظم لعصابات ايدولوجية منظمة انتشرت لتصبح ظاهرة واسعة وثقافة عامة لشرائح لا يُستهان بنسبتها من المجتمع الإسرائيلي الذي تتفشى فيه العنصرية والعدائية تجاه كل ما ينطق بلغة الضاد من يوم لآخر، حيث أن الاعتداءات الأخيرة بصفد ويوكنعام وعكا وعكبرة وابو غوش وغيرها التي تم خلالها الاعتداء على الاملاك الخاصة من ثقب لإطارات السيارات وتهشيم نوافذ السيارات والمصالح الخاصة يؤكد انزلاق عقيدة التخريب العنصري من عصابات منظمة إلى ظاهرة شعبية غير منظمة، حيث إذا استمر الأمر على حاله دون اقتلاعه من جذوره ستغرق البلاد في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار نتيجة تبادل الاعتداءات فما من أحد يستطيع أن يضمن بأن الاعتداءات ستبقى في جانب دون الآخر وكلا الجانبان يعيشان الواحد بجوار الآخر وفي هذه الحالة سيكون دفع الثمن باهظ جداً يا حكومة إسرائيل، ولذلك نطالبكم بلجم هذه العصابات الارهابية واقتلاعها من جذورها حتى لا ينزلق الجميع بجحيم فوضى من الصعب على الجميع اخمادها.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة