الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 04:02

هل كيري رجل ضعيف؟ /بقلم:د.هاني العقاد

كل العرب
نُشر: 06/04/14 12:05,  حُتلن: 07:59

د.هاني العقاد في مقاله: 

جاء كيري بسقف زمني للمفاوضات دون أن يمهد الطريق لها ودون أن يضمن عناصر نجاحها وإستمرارها ودون أن يحدد قضايا الصراع الرئيسية ولا جدولها الزمني ودون أن يحدد محددات الطموح الإسرائيلي

باتت عملية السلام بالشرق الأوسط كلها مهددة بالانهيار بسبب سياسة أمريكا العرجاء لأنها فتحت الطريق لإسرائيل لتتمادى في تطرفها وعنصريتها والتزمت الصمت أمام كل ممارساتها العنصرية

هناك ثمة حدود لقبول الانحياز الأمريكي لإسرائيل وثمة حدود لبقاء الفلسطينيين في خندق الانتظار لتقبل إسرائيل بحل الصراع على أساس الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وتقبل بالشرائع الدولية وثمة حدود لبقاء الفلسطينيين بعيدا عن النضال الدبلوماسي والمقاومة الشعبية

كيري وزير الخارجية الأمريكي الذي أوكل له البيت الأبيض ملف علمية السلام بالشرق الأوسط وإطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين يعتبر الوزير رقم 68 الذي يتولى وزارة الخارجية الأمريكية بعد خليفته هيلاري كلينتون من خلال ترشيح مجلس الشيوخ الأمريكي له في يناير 2013، وقد بدأ مساعيه لإطلاق المفاوضات بين الطرفين بعد توقفها فترة طويلة لأكثر من ثلاث سنوات بعد تسلمه مهامه الجديدة كوزير للخارجية الأمريكية وبالتالي رسم سياسة أمريكا الخارجية ودورها في الملفات الساخنة بالعالم وكان أولها ملف الصراع في منطقة الشرق الأوسط، نجح كيري قبل ثماني شهور تقريبا في إقناع أطراف النزاع بالعودة للمفاوضات بعد أن أغري الفلسطينيين بموافقة إسرائيلية وتعهد أمريكي بإطلاق الإسرائيلية 104 أسير فلسطيني من اسرى ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو والذين يفترض أنهم أحرارا منذ أوسلو 1994، لكن لأنها إسرائيل دولة العنصرية وإنتهاك كل الحقوق الآدمية ودولة نقض المعاهدات فأنها أبقت هؤلاء الأسرى في سجونها حتى العام 2014 .

قضية الحوار 
جاء كيري بسقف زمني للمفاوضات دون أن يمهد الطريق لها ودون أن يضمن عناصر نجاحها وإستمرارها ودون أن يحدد قضايا الصراع الرئيسية ولا جدولها الزمني ودون أن يحدد محددات الطموح الإسرائيلي واستخدم أسلوب تنسيق المواقف وتقريب وجهات النظر دون تدخل إيجابي بل انه في بعض الأحيان كان يفاوض الفلسطينيين ويتحدث عن الرؤى الإسرائيلية وأحيانا يترك الوفدين الفلسطينيين والإسرائيلي يلتقوا على طاولة المفاوضات دون ورقة تفاوض تدرج فيها قضية الحوار ودون أن يراعي دفع عجلة التفاوض لتتخطي مرحلة بناء الثقة ودون دفع هذه العملية للأمام حتى أيقن الفلسطينيين أن إسرائيل تتلكأ في تفاوضها بما يوحي أنها غير جادة للوصول إلى حل نهائي للسلام، وأدرك الفلسطينيين أن كيري رجل ضعيف غير قادر على قول كلمة الحق أمام الطرف المتعدي والمغتصب للأرض، والخطأ الأكبر لكيري انه ترك إسرائيل تمارس كل موبقات الاحتلال دون أن يقول لهم توقفوا وترك إسرائيل تفاوض لتبقى في دائرة التفاوض فقط، فكانت إسرائيل تقتل وتهدم البيوت وتستوطن الأرض وتقصف بالطائرات ما تستهويه صواريخها وتعتقل وتحاصر المدن وتنشر مئات الحواجز على بوابات المدن بالضفة الغربية، وتترك مستوطنيها يعتدوا على الفلسطينيين بالسلاح ويقطعوا ويقتلعوا أشجارهم ويخربوا مزروعاتهم، وتحاصر غزة وتحولها لسجن كبير وتقنع العالم انه أصبح أرضا محررة.

مرجعيات دولية 
لا يعقل أن يأتي لرجل للمنطقة حوالي 40 زيارة ويقضي عشرات الساعات بالتنقل بين تل أبيب ورام الله وعمان والرياض وحتى القاهرة التي تبدو اقل العواصم استقبالا لكيري، واعتقد انه قضي وقتا في المنطقة أكثر من قضاء وقته في وزارته أو حتى بيته وهذا إن دل على شيء فانه يدا على إحدى الشيئين أما أن الرجل يعمل وإسرائيل تفشل كل ما يريد الوصول إليه وأصبح غير قادر على الضغط على إسرائيل وهذا ضعف في الموقف الأمريكي برمته تجاه الصراع وبالتالي فشلت أمريكا في رعاية المفاوضات والتدخل الايجابي والعادل الذي يجبر إسرائيل على التماشي مع متطلبات الحل النهائي حسب الشرائع والقرارات الدولية بما يضمن العيش الآمن والمستقر لشعوب المنطقة أو أن الرجل يعمل على دحرجة الطرفين لحل أمريكي يفرض على الطاولة ينقذ الموقف التفاوضي وينفذ بالقوة وهذا مستبعد إلى الآن، خاصة أن الدلائل تشير إلى أن أمريكا فشلت أو في طريقها للفشل التام في رعاية عملية السلام لوحدها لفقدانها قوة الضغط على إسرائيل وعدم اعتماد مرجعيات دولية ومرجعيات وضعها العالم للحل الصراع وأرادت أن تجعل من نفسها المرجعية الوحيدة لهذه العملية وبالتالي فشلت في إجبار إسرائيل على العدول عن كافة مخططاتها التي ترمي إلى إفشال جهود أمريكا في صياغة وثيقة إطار سلمي تستند إلى هذه المرجعيات الدولية ومعاهدة السلام العربي.

تطرف وعنصرية 
لقد باتت عملية السلام بالشرق الأوسط كلها مهددة بالانهيار بسبب سياسة أمريكا العرجاء لأنها فتحت الطريق لإسرائيل لتتمادى في تطرفها وعنصريتها والتزمت الصمت أمام كل ممارساتها العنصرية ولم تشرك أحدا من المحاور الدولية والمركزية معها في رعاية المفاوضات وجاءت في النهاية لتبرر فشل إدارة اوباما بالقول على لسان كيري "أن ثمة حدود لما تستطيع أمريكا فعله لتقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين " ونحن نقول أن هناك ثمة حدود لقبول الانحياز الأمريكي لإسرائيل وثمة حدود لبقاء الفلسطينيين في خندق الانتظار لتقبل إسرائيل بحل الصراع على أساس الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وتقبل بالشرائع الدولية، وثمة حدود لبقاء الفلسطينيين بعيدا عن النضال الدبلوماسي والمقاومة الشعبية، وتبقى في النهاية تصريحات كيري حول عدم قدرته لجعل الحصان يشرب الماء دليل على ضعف هذا الرجل وضعف إدارة اوباما بالمجمل .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة