الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 07:01

قصـتـي القـصيرة الأولـــى/ بقلم: ب. فاروق مواسي

كل العرب
نُشر: 27/03/14 09:11,  حُتلن: 08:38

في الستينيات أجرت إذاعة لندن بالعربية مسابقة في القصة القصيرة.
تقدمت إليها بهذه القصة، وقد فازت بالجائزة الثالثة.
نشرت القصة أولاً في مجلة "هذا العالم" التي كانت تصدر في يافا.
وأعدت نشرها في مجموعتي القصصية "أمام المرآة". القدس: منشورات البيادر- 1985، ص 42.
وها أضعها أمامكم بتصرف قليل، وذلك لكثرة الحديث هذه الأيام عن مشكلات السكن، وعن زيادة نسبة الفقر في بلادنا، وكذلك لمن يدرس بدايات أدبنا المحلي، فلعله يجد فيها ما يعنيه.
........................................................

فقر للبيع

الدنيا ليل. وأنا أسير على مهل، في رأسي دوامة أفكار وكثير من الفقر.
بدأت أعد هذه الفوانيس المعلقة على الأعمدة الكهربائية حتى أتناسى ما يشغل بالي، أو لكي أتخيل كل عمود دينارًا. ولكن عبثًا.
دخلت غرفتي بحذر كي لا تستيقظ زوجتي المتذمرة.
رأيت قطتي جالسة على سريري، وهي تموء. تحييني تحية المساء، قرأت التوسل والأمل في صوتها. كانت القطة تعزي نفسها، وهي تلعق شعرها الأسود بلسانها.
ابني يبكي ألمًا ... أمه ترضعه بعد بكاء متواصل، تتأفف وترفع صوتها لأنني لا أكلف نفسي القيام بأمره. أسائل نفسي:
"أليس هذا فِـلْـذة كبدي وقُـرّة عيني؟ فما بالي أنتظر ولا أنقله إلى العيادة؟"
- ما باليد حية!
نظرت عبر النافذة، تتجول عيناي بالحارة الضيقة، أستعرض مشكلات من أعرف.
-هذا بَنَى ولم يتم.
-هذا تزوج وغارق في الديون.
-هذا ابنته مشلولة.
-وهذا زوجته تلعب، وهو في غفلة من أمره...

جلست على السرير أتصفح المجلات، حتى يغمض جفني، وبعدها أحلم...
لا بد من حلم جميل.
استراح ابني من معاناته. ونمنا قليلاً قبل أن أشرع في الحلم.
عاد البكاء شديدًا، الألم ممضًا.
لابد من الطبيب.
انتبهت صباحًا على ضربات متلاحقة على الباب. صوت صاحب الدار، غاضب ويهمهم، لأن الأجرة تأخرت، والأثاث مهدد بإلقائه في العراء.
- خذ كل ما معي .................
عادت إلى ذهني أقوال والدي "الموظف يمكن أن يبني عائلة، تزوج وأكمل دينك يا ولدي"!
صحوت على بكاء الطفل ... والأم ... والقطة.
اختلطت الأصوات، وكنت أصغي لها، وأنا أعد الزجاجات الفارغة على الرف،
وكنت أحلم:
كل زجاجة مملوءة بالعلاج،
امرأتي مبتسمة،
الطفل يلعب،
وصاحب الدار يشرب قهوتي وهو مسرور.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة