الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 05:02

ليدي- د.رياض محاميد: السكري آخذ بالازدياد ويحمل تحديات صحية

خاص بمجلة ليدي
نُشر: 19/03/14 17:51,  حُتلن: 07:38

الدكتور رياض محاميد :

سبب ظهور مرض السكري من النمط الأول، او بالأحرى، سبب ضمور خلايا "بيتا" ليس معروفًا

من المعلوم أن جسم الانسان المصاب بالسكري النمط الأول، ينتج مضادات تتعرف على خلايا بيتا في البنكرياس على أنها خلايا غريبة، فتهاجمها وتؤدي الى ضمورها

عند نقص الانسولين يتوقف ادخال السكر، مصدر الطاقة، الى خلايا الجسم، ويبقى في الدم ويرتفع مستواه. يلاحظ ارتفاع تركيز السكر في الدم في البول ويؤدي نقصان السكر في الخلايا لتفكيك الدهنيات والبروتينات، كبديل لمصدر الطاقة

عند الحديث عن مرض السكري يتبادر الى الأذهان الشخص الكبير في السن مع الوزن الزائد، والذي يتناول الحلويات ويشرب العصائر المحلاة، مما أدى الى اصابته بهذا المرض، ونصحه الأطباء على الغالب باتباع حمية غذائية وتناول الحبوب المخفضة لمستوى السكر في الدم. إزاء ذلك فإن مختلف الابحاث تشير الى ان 10% من مرضى السكري يعانون من السكري من النمط الأول، أو ما تعارف عليه الناس سابقًا بسكري الشباب، وتعارف عليه أهل الطب بالسكري المتعلق بالانسولين، وقد جاء الاسم الأول (سكري الشباب) من كون المرض يصيب جيل المراهقة بشكل خاص، وان كان يصيب أيضًا الأطفال الصغار ممن لا تتجاوز أعمارهم السنتين، كما ويصيب في بعض الأحيان كبار السن. وقد جاء الاسم الثاني "السكري المتعلق بالإنسولين" من كون المصاب به يحتاج الى العلاج بالانسولين متعدد الحقنات يوميًّا من اللحظة الأولى لاكتشافه، وقد تم استبدال هذا الاسم، لأن مرض السكري النمط الثاني قد يكون متعلقًا بالانسولين بعد سنين طويلة من المرض، ولذا فالاسم المتعارف عليه اليوم عند أهل الطب هو السكري النمط الأول.


الدكتور رياض محاميد

ليدي: مصطلح او كلمة الانسولين كثيرًا ما نسمعها، حدثنا عن هذا الامر؟
د. رياض:
ان الانسولين هو هورمون، تفرزه خلايا "بيتا" في البنكرياس. يشترك الانسولين بعمليات تبادل المواد للسكريات والدهنيات في كافة الانسجة، لكن وظيفته الحاسمة هي بالمساعدة في ادخال السكر، الذي يشكل مصدرًا للطاقة، الى الخلايا؛ عندما تضمر خلايا "بيتا"، يتوقف انتاج الانسولين وتختل آلية ضبط مستوى السكر في الدم.
بنقصان الانسولين يتوقف ادخال السكر، مصدر الطاقة، الى خلايا الجسم، ويبقى في الدم ويرتفع مستواه. يلاحظ ارتفاع تركيز السكر في الدم في البول. ويؤدي نقصان السكر في الخلايا لتفكيك الدهنيات والبروتينات، كبديل لمصدر الطاقة.

ليدي: ما هي أعراض السكري من النمط الأول؟
د. رياض:
تشمل اعراض السكري من النمط الأول عطشًا، فقدان الوزن، كثرة التبول، كثرة الاكل، الضعف والوهن، تشويش في الرؤية، حكة بالمهبل لدى النساء. تنشأ هذه الظواهر بسبب فرط سكر الدم (ارتفاع حاد في مستوى السكر في الدم). توجد علامة اخرى وهي ظهور اسيتون في البول. يرتفع مستوى الاسيتون في الحالات الصعبة، ومن شأن ذلك ان يسبب حماض كيوني (ketoacidosis) والذي يمكنه، دون علاج السكري الملائم، ان يسبب الجفاف، وفي حالات قصوى أن يهدد حياة المريض بالخطر. لذا يرقد المصابون بهذه الحالات في قسم العلاج المكثف للسيطرة على الحماض الكيتوني.

ليدي: أسباب وعوامل خطر السكري من النمط الأول ما هي؟
د. رياض:
ان سبب ظهور مرض السكري من النمط الأول، او بالأحرى، سبب ضمور خلايا "بيتا" ليس معروفًا. من المعلوم أن جسم الانسان المصاب بالسكري النمط الأول، ينتج مضادات تتعرف على خلايا بيتا في البنكرياس على أنها خلايا غريبة، فتهاجمها وتؤدي الى ضمورها. ليس معروفًا سبب ذلك لكن يعتقد وجود عدة عوامل لحدوثها:
- وراثة: فمن الملاحظ أن الأخ التوأم لمريض السكري له حظوظ عالية بالاصابة بالمرض. ولكن، مقارنة مع السكري النمط الثاني، فان العامل الوراثي في السكري النمط الأول أضعف بكثير.
- امراض فيروسية: هناك فيروسات محدثة للسكري التي يمكنها ان تصيب البنكرياس وتسبب ضمورًا لخلايا بيتا فيه.
- عوامل بيئية: يعتقد وجود عوامل غذائية مختلفة، وربما حالات كرب (اجهاد - stress) قد تساهم في تطور هذا المرض.

ليدي: ما هي مضاعفات السكري من النمط الأول؟
د. رياض:
تقسم مضاعفات مرض السكري من النمط الأول الى قسمين، حسب موعد حدوثها، نسبة لحدوث المرض:
مضاعفات فورية:
• نقص سكر الدم (hypoglycemia): هبوط حاد في مستوى السكر بالدم، والذي يتمثل بظواهر مثل: ضعف، دوخة، جوع، نبض سريع، تعرق، رجفة، بلبلة، وفي حالات قصوى فقدان الوعي.

مضاعفات متاخرة:
• اصابة الاوعية الدموية الصغيرة والتي تسبب ضررًا للاعصاب، في الكثير من المواضع، خاصة الرجلين (اعتلال عصبي) وضررا للرؤية، وذلك عن طريق الاصابة بالشبكية (اعتلال الشبكية) وضررًا للكليتين (اعتلال الكلية).
• اصابة الاوعية الدموية الكبيرة، مما يؤدي الى خطر كبير للاصابة بامراض القلب مثل نوبات قلبية، اصابة المخ، ولمضاعفات في الرجلين والتي يمكن ان تنتهي بقطع الاطراف.

ليدي: كيف يتم تشخيص السكري من النمط الأول؟
د. رياض:
ان تشخيصًا مبكرًا وتشديدًا على تلقي علاج السكري الملائم للوقاية من مضاعفات ممكنة، يشكل شرطًا ضروريًّا لجودة حياة، قريبة من تلك التي يعيشها الشخص المعافى.
يتم تشخيص مرض السكري من النمط الأول عن طريق فحص مستوى السكر في الدم خلال الصيام، وبعد تحميل السكر أو من خلال فحص الهيموجلوبين A1C. يكون مستوى السكر السليم خلال الصيام دون 100 ملغم/ديسي لتر. وبعد ساعتين من التحميل يصل الى 140 ملغم/ديسي لتر. أما لدى مريض السكري فيكون مستوى السكر في الدم خلال الصيام أعلى من 125 ملغم/ديسي لتر وبعد ساعتين من التحميل أعلى من 200 ملغم/ديسي لتر، أما الهيموجلوبين A1C فيكون أعلى من 6.5%

ليدي: كيف يتم علاج السكري من النمط الأول؟
د. رياض:
يتم علاج السكري من النمط الأول عن طريق تزويد انسولين خارجي للجسم، عن طريق الحقن. لا يساعد علاج السكري بالشفاء من مرض السكري، الا انه يمنع تقدمه. علاج السكري مركب من عدة اجراءات في المدى القصير والطويل.
اجراءات يومية:
1. المحافظة على وزن ملائم للجسم وعلى تغذية سليمة، خاصة فيما يتعلق بمستوى السكريات في كل وجبة.
2. فحص ذاتي لمستوى السكر، عدة مرات في اليوم، عن طريق جهاز القياس (الجلوكومتر).
3. نشاط بدني يومي.
4. حقن انسولين عن طريق اقلام حقن او بمساعدة مضخة انسولين، عدة مرات في اليوم.
5. مراعاة التغيرات الحادة التي قد تطرأ وتؤثر على مستوى السكر في الدم، عقب حالات خاصة، مثل ظهور مرض عشوائي اخر، سفر لدولة اخرى.

ليدي: كيف لك ان تقدم توجيهات حول المراقبة لدى مريض السكري؟
د. رياض:
هنالك الكثير من الامور الواجبة والتي يجب المراقبة لها لدى مريض السكري، وهي:
1. المتابعة الثابتة لدى طاقم طبي يشمل طبيبًا مختصًّا في السكري، ممرضة سكري، مختصًّا غذائيًّا، مختصًّا للارجل وعاملة اجتماعية. يتم في اطار المتابعة فحص مناطق الحقن، مستوى السكر في الدم مقارنة بجرعات الانسولين طوال الفترة، وزن الجسم، تطورات جسمانية وعلامات لمضاعفات طويلة المدى للمرض.
2. فحص هميوغلوبين A1C لتحديد متوسط مستوى السكر في الدم طوال فترة ثلاثة اشهر.
3. فحص ميكروالبومين (بيلة البومينية) (Microalbumin) في البول.
4. فحص للرجلين.
5. متابعة لدى اطباء مختصين، مثل طبيب عيون، اسنان، اوعية دموية، قلب.. لتشخيص مبكر لمضاعفات ممكنة.
من المهم التأكيد أن مرضى السكري الذين يشددون على نمط حياة ملائم، يحافظون على مستويات سليمة للسكر، ويخضعون للمتابعة المنظمة، يمكنهم ان ينعموا بحياة طويلة بدون مضاعفات، مثل طول وجودة حياة الشخص المعافى.
ليدي: هل هنالك تحديات اجتماعية التي يواجهها مريض السكري؟
د. رياض: لا يخفى على أحد الحزن والقلق الشديدان اللذان يساوران مريض السكري وأسرته، لدى اكتشاف حالة السكري النمط الأول، ومما يثير الغيظ بروز ذلك بشكل ملحوظ عند إصابة الفتيات بهذا المرض، فتجد الفتاة وأسرتها يشعرون كأن العار قد لحقهم وعليهم أن يخفوا هذه الحالة عن الناس، لئلا يظن أحد أن الفتاة قد أصابتها عاهة فادحة!
لقد واجهت حالات شتى من السكري النمط الأول التي تعبر فيها المصابات بهذا المرض عن الحزن الشديد الذي أصابهن، ليس بسبب ماهية المرض فحسب، بل بسبب الأبواب التي يوصدها المجتمع في وجوههن لدى اصابتهن بهذه الحالة، وبشكل خاص فيما يتعلق بإمكانية تكوين الاسرة التي تطمح اليها كل فتاة.
ومن هنا، أناشد كل فرد فينا، أن نرتقي في مفاهيمنا وفي تعاملنا مع أصحاب هذه الحالات، وندرك أن المصابين بهذا المرض قادرون على الاستمرار بالحياة دون الإصابة بمكروه، وبمقدورهم المضي قدمًا والنجاح في كافة ميادين الحياة، وبالتالي لا بد من احتضان المصابين بهذه المرض وفتح الفرص أمامهم للتقدم والنجاح.

مقالات متعلقة