الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 07:01

زيارة الى اهلنا في النقب/ بقلم: عوض حمود

كل العرب
نُشر: 07/03/14 20:32,  حُتلن: 09:26

عوض حمود في مقاله:

سياسة المصادرات ونهب الاراضي لا ترحم حتى هؤلاء الذين يخدمون في صفوف الجيش الاسرائيلي ويُقتلون على حدودها دفاعا عنها

عندما يأتي دور مصادرة اراضي القرى الدرزية يعاملون معاملة العرب معاملة كاملة ويعاملون بنفس الطرق والاساليب العنصرية التي يتعاملون بها مع اهل النقب اصحاب الاراضي الاصلين

بالواقع انه بحافز من التضامن المحبة والغيرة على اهلنا في النقب قررت القيام بزيارة لاحدى القرى السبعوية التي اصبح صيطها فاقع كالنار على العلم وكانت هذه الزيارة بشكل عفوي ودون اي تنسيق مسبق مع احد، لكي لا تأخذ هذه الزيارة اي معنى من معاني الزيارات المتبعة في وسطنا العربي كزيارات المصالح والارتباطات، ولكي تبقى هذه الزيارة في شكلها وطابعها الانساني العفوي التضامني المجرد من أي هدف، وفقط للتضامن والاطمئنان على هؤلاء الاخوة المظلومين وقد كان ذلك في نهاية شهر ديسمبر 2013.

فعندما وصلت الى احدى اطراف قرية العراقيب التي سمعنا عنها الكثير توقفت الى جانب بعض الشباب المتواجد في ذلك المكان ليدلنا على مدخل قرية العراقيب التي شاعت اخبارها بكل الوسائل الاعلامية العربية وما لحق بها من ظلم او مظالم على ايدي اصحاب (الديمقراطية) المزعومة، وبعد الوصول الى هناك التقيت لتوي ببعض الشباب الطيبين المتحمسين بالمعنوية العالية ومسلحين بالارادة وقوة التصميم على البقاء على ارضهم وفي ارضهم وفي بيوتهم رغم قوة وبطش الظالمين.

هؤلاء اصحاب (الديمقراطية) المميزة الطامعون في ارض هؤلاء الناس العزل وممتلكاتهم. لقد قال لي من التقيتهم وبحماس منقطع النظير من الشباب واهل قرية العراقيب: نحن هنا وسنبقى هنا هذه هي ارض الاباء والاجداد ونحن مستعدون لكافة اشكال التحدي والصمود والاستعداد للدفاع والاستماتة عن ارضنا وبلدنا بكل ما بنا من قوة وسنبذل الغالي والنفيس في ما هو اغلى عندنا وهو مسقط الرأس ، لقد تابع هؤلاء الشباب الذين التقيتهم سرد معانات ومظالم اهل القرية على ايدي هؤلاء اصحاب القبعات ممن يدعون الحفاظ على امن المواطن وحقه. فمن جانبي كنت ارى على وجوه هؤلاء الاخوة من الشباب سمات المرارة والتحدي والغضب في آن واحد على هذه السياسه العنصرية الموجهة ضدهم.

لقد هدمت القرية حتى الآن اكثر من ستين مره وتم اعادة بنائها من جديد بقوة التصميم والارادة على البقاء في بلدهم وعلى ارضهم رغم كل الصعاب والمحن التي يتعرضون لها. وانه لامر يثير الاعجاب والتقدير في داخل النفوس ان هؤلاء الاخوة الشباب كيفما صرحوا لي سيبقون سائرين على هذه الخطى رغم كل المخاطر التي يتعرضون اليها ليلا ونهارا من قبل المؤسسات الرسمية في دولة تتدعى لنفسها واحة الديمقراطية ؟؟!!

ان دفاع هؤلاء الاخوة عن بلدهم وارضهم وشرفهم ليس صدفه ولا مزاجيّة، بل هم قائمون على هذه الارض قبل قيام الدولة كما اكد لي العديد من ابناء القرية وعلى ان ملكيتهم لهذه الارض قبل قيام الدولة. انهم يعتبرون ان هذه القرية هي مسقط رأسهم جميعا والتي قضى عليها وفيها الاباء والاجداد وما قبل من سبقونا من الاجيال السابقة والشباب من الجيل الحالي الذي ترعرعوا وعاشوا وانغمس عرقهم ودمهم في هذه الارض وهم رافعون راية الدفاع عن حقهم في البقاء والعيش الكريم أسوة كبقية بني البشر على وجهه هذه البسيطة ، وانني على معرفة تامة وكما قال لي البعض ان قسما من السكان لم يترك القرية وقسما اخر منهم يعيش بين اضرحة الموتى متمسكين بارضهم رغم كل الظروف المأساوية التي اجبروا عليها.

ان هؤلاء الاخوة مظلومون، وفي الحقيقه لم يساورني ولو للحظة واحدة ادنى شك او استغراب لما يمكن ان يرتكبه او يفعله هؤلاء استنادا الى تاريخهم او سجلهم الواسع الذي نعرفه جيدا بهضم حقوق الانسان وتاريخهم الحافل بمصادرة الاراضي العربية بشكل عام منذ قيام الدولة وحتى الآن. وان هذه المصادرات لا تستثني حتى الاراضي التابعة للقرى الدرزيه الجليلية من بيت جن حرفيش وكفر سميع وغيرها العديد من القرى العربية الدرزية التي صودرت اراضيها بالاضافه ايضا الى قرى جبل الكرمل التي لم تنجو من غول المصادرات (رغم حلف الدم المزعوم) ، وان كمية الاراضي التي صودرت من القرى العربيه الدرزيه كمية هائلة لا تقل عن الكميات الكبيرة التي تحاول الحكومة مصادرتها من اصحابها من اهلنا بالنقب، ومن يريد التوضح من هذه الكميات من الاراضي المصادرة من القرى العربيه الدرزيه عليه مراجعة الكتاب الاسود ليوم الارض التي اصدرته لجنة الدفاع عن الاراضي ما بعد احداث يوم الارض الاول في الثلاثين من اذار عام 1976.

ان سياسة المصادرات ونهب الاراضي لا ترحم حتى هؤلاء الذين يخدمون في صفوف الجيش الاسرائيلي ويُقتلون على حدودها دفاعا عنها ، فعندما يات دور مصادرة اراضي القرى الدرزية يعاملون معاملة العرب معاملة كاملة ويعاملون بنفس الطرق والاساليب العنصرية التي يتعاملون بها مع اهل النقب اصحاب الاراضي الاصلين! وهنا لا بد من طرح سؤال بديهي اين هو حلف الدم الذي يتشدقون به ليلا ونهارا يا ترى؟. اليس هذا جزءا من الضحك على الذقون والاستهتار بعقول الناس وكذبة ما بعدها كذبة على ابناء الطائفة الدرزية!؟ وللأسف ان هناك من يسوّق ويروج لهذه الكذبة من قبل اصحاب النفوس الضعيفة الهابطة والمنتفعين من نفس المحيط ونفس الطائفة.وهنا يظهر للعيان ان الحكومات الاسرائلية المتعاقبة خطان متناقضان اتجاه الطائفه الدرزية:

الاول عندما تريد الحكومة الاقدام على مصادرة اراضيهم تنظر اليهم وتعاملهم معاملة العرب الأقحاح وينطبق عليهم ما ينطبق على كل العرب في هذه الدولة من سياسات المصادرة والتمييز العنصري الى اخر مواويل سياستها المتبعة منذ اقامة الدولة وحتى الآن.
هذا اولاً واما الوجه الاخر لهذه السياسة ، عندما يتم الانتهاء من مصادرة ارضيهم ولو بشكل آني اوتوماتيكيا تتغير النظرة اليهم وتتبدل اللهجة من قبل القييمين على السياسات الأسرائيلية (باتجاه ايجابي) وذلك مؤقتاً لبينما يتم امتصاص موجة الغضب من قبل الاهالي وتبدأ لغة المجاملات. على سبيل المثال: "ان الدروز اخوة لنا وهم حلفاء الدم والمصير وان البعض منهم شارك بإقامة الدولة" وكل هذه الكلمات من اجل ترطيب الاجواء لدى الطائفة الدرزية. بمعنى آخر هواستخفاف بالعقول وتملق .

ومثل هكذا تراهات واكاذيب يطلقونها قادة هذه الدولة وهي معروفة مسبقاً لدى ابناء الطائفة الدرزيه بأنها خاوية المضمون اصلاً وقد يعتبرها البعض بأنها مقيتة ومسيئة لكرامتهم ولم ينظر اليها نظرة الاحترام . ان نهج سياسة المصادرة المتبعه في هذه الدولة لا يفرق ما بين اراضي بيت جن والبقيعة وكسرى وغيرها من اراضي القرى الدرزية وما بين اراضي القرى البدوية في النقب وبالمجمل هي اراضي عربية. وما المظاهرات التي جرت مؤخرا ضد مخطط برافر( وان برافر لن يمر) لدليل القاطع على تمسكهم بأرضهم وملكيتهم لها وكما قال المثل "لا تذهب دينة ووراها مطالب".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة