الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 14:02

علي سلام تحوّل من رجل الناس لِرجل لناس وناس/ بقلم: توفيق نجار

كل العرب
نُشر: 27/02/14 11:49,  حُتلن: 12:43

توفيق نجار في مقاله:

ظهر رامز وعلي بصورتهما الطبيعية أمام الناس لمدة ثلاثة اشهر الأمر الذي كشفهما بصورة جلية

الشعبية ليست جسماً صلباً كما أن الجو العام ليس كتلة صمّاء بل هما متغيران يتأثران ويتفاعلان مع الممارسات والتصريحات والمواقف السياسية

الدور الذي صوّر فيه سلام بالسابق إختلف اليوم كلياً لقد تحوّل من (رجل الناس) لِ (رجل لناس وناس) رغم محاولاته المتكررة بأن يظهر كانسان مؤمن أو كرجل الشعب

تحوّل علي خلال الأشهر الأخيرة من الرجل الشعبي أو البريء الذي يطل على الناصرة بخطاب بسيط إلى رجلٍ من حوله رجال أعمال ينتظرون غيث المناقصات أو أفرادٌ ينتظرون تعييناً ووظيفة

أحب من حينٍ لآخر أن أعيش أحياء الناصرة القديمة والحديثة (الشرقية والعين وبير الأمير والصفافرة والورود..)، تجوّلت في الأشهر الأخيرة في شوارعها الدافئة وتبادلت الأحاديث مع ناسها الطيّبين قبل ان اكتب لكم.

في الناصرة.. قبل أن يصدر قرار المحكمة العليا بشأن قضية الانتخابات كان السؤال: "من الرئيس؟" [سؤالٌ عابرٌ] لأن جواب السؤال المعقد والذي لا فصل قاطع فيه معروف لكل أهل الناصرة الذين باتوا خبراء في القضية، لكن خارج الناصرة في أي بلدة كانت تقودني إليها المصادفات أو دواعي العمل، فإن مثل هذا السؤال كان يشكّل علّي عبئا لأن الإجابة عليه ضرورية ودقيقة. أمّا بعد القرار الذي لم يكن متوقعاً قبل شهر فقط من اليوم والذي شكّل سابقة قانونية فظّة بالمفاهيم القانونية لولا التدخل السياسي للحكومة، عبر مستشارها ووزير داخليتها، - فقد صارت إجاباتي تتفاعل مع التطورات الميدانية والقانوينة، لكنّ هناك شيئا ضل ثابتاً طوال الفترة وهو وصفي لمواقف وبيانات الجبهة وتصريحات رامز جرايسي التي وضعت نصب اعينها الحفاظ على النسيج الاجتماعي والروح الديمقراطية للبلد، مقابل لهجة الهجوم والاستعلاء وعدم القبول بقرار الناخب التي استعملت من قبل علي سلّام وقائمة ناصرتي على رؤوس الأشهاد وامام وسائل الإعلام.

الأفضل للناصرة
هذا المقطع الثابت (في "جوابي") هو المعطى الذي سيقرأه الناخب الآن قبل أن يعطي اجابة للسؤال الفصل: من أفضل للناصرة علي أم رامز؟ بكلمات أخرى ظهر رامز وعلي بصورتهما الطبيعية أمام الناس لمدة ثلاثة اشهر، الأمر الذي كشفهما بصورة جلية. وبهذا لم يعد قرار الناخب اختيارا يعتمد على معطيات من الدعاية الانتخابية بل قرارٌ يعتمد على واقع تابعه. كل هذه الامور تعزف على رتمٍ يلائم حقيقة أن الشعبية ليست جسماً صلباً كما أن الجو العام ليس كتلة صمّاء بل هما متغيران يتأثران ويتفاعلان مع الممارسات والتصريحات والمواقف السياسية. فكيف بالحري اذا كانت فترة المدّ الجزر هي ثلاثة أشهر كاملة مليئة بالأحداث. كما ان موضة (نريد تغيير) إن لم تذهب ابدا، انتقلت الى مرحلة التعاطف مع احد الطرفيْن بناءً على اعتبار سياسي او مصلحي.

صورة علي سلّام زعيم قائمة ناصرتي وإن اختلف اللون الذي كانت تُرى به بين عيْن وعيْن فقد أعجبت أو في أسوأ الحالات لم تزعج 43٪ من المصوّتين، لكنها على كلٍ كانت صورة ثابتة كصورة إعلان إنتخابي ولم تكن متحركة بفعل مواقف وتصرفات وممارسات. تحوّل علي خلال الأشهر الأخيرة من الرجل الشعبي أو البريء الذي يطل على الناصرة بخطاب بسيط، تحوّل إلى رجلٍ من حوله رجال أعمال ينتظرون غيث المناقصات أو أفرادٌ ينتظرون تعييناً ووظيفة ناهيك عن تصرفاته التي لا تتماشى مع عادات مجتمعنا الطيبة فيقول مرة "أنا الرئيس لو الفرق ١٠٠٠ صوت" ومرة أخرى يقول "اللي بِحبِّش النسوان طخّوه" ثم يصفع إبنته أمام الكاميرا! لكل هذا فإن الدور الذي صوّر فيه بالسابق إختلف اليوم كلياً، لقد تحوّل من (رجل الناس) لِ (رجل لناس وناس). رغم محاولاته المتكررة بأن يظهر كانسان مؤمن أو كرجل الشعب، فأنا لا أظن أن هناك إعلاماً يقوى على مواجهة الواقع الذي تابعه الناس. أمّا رامز جرايسي فلم يتراجع تقييم الشعب له، لأنه ظهر بذات الروح التي كان يظهر بها طيلة ٢٠ عاماً، (مسؤول صادق نشيط وإبن الناصرة الذي يريد أن يصون البلد) فيخاطب الجميع من باب المسؤولية إتجاه الناصرة وأهلها ومستقبلها، واضعاً مبادئه الديمقراطية في المقدّمة.. ومن حوله كتلة شبابية في البلدية تشارك في اتخاذ القرار.

الفرق بين علي ورامز
هذا هو الفرق بين علي ورامز على مستوى التصرفات اتجاه البلد وعلى مستوى اتخاذ القرار السياسي. أمّا على المستوى الإداري فرأيت أن المؤيد والمعارض والسائح والزائر والغريب يشهدون لرامز بحسن الإدارة وبأهمية المشاريع التي قام بها في الناصرة، وهناك إجماع بين مؤيدي ناصرتي والجبهة بأن رامز أفضل مهنيًا وإداريًا.

الناخب النصراوي
كل هذه المعلومات تضع ضمير الناخب النصراوي أمام مجموعة من الأسئلة التي ستؤدي أن يجيب على السؤال الأخير (علي أم رامز؟). كما وُضعت أطر سياسية مختلفة أمام هذه الأسئلة.. فأجاب أبناء البلد أن الأفضل وطنيا واجتماعيا هو رامز. وقد جاء في بيانهم: "لنا نقدُنا على الجبهة كإطار سياسي ولنا ما نختلف عليه معها وكذا الكثير ما نتفق، لكن تبقى بوصلتنا وطنية صرفة بعيداً عن أي مآرب أو مكاسب فئوية أو شخصية ذاتية"، وأجاب التجمّع/الأهلية أنهم يدعمون علي. لكن بعد أن دُعم من قبل قيادتهم، ثار نقاش حاد بين أعضائه ومؤيّديه انتهى عند ما يقارب النصف الإعلان عن عدم الالتزام بهذا الدعم الذي لا يمثلهم ولا يجيب على تطلعاتهم (كما صرّحوا في صفحاتهم عبر الفيسبوك)، كما أن النكت الأكثر رواجاً في الشارع اليوم "حنين مع علي لانّو نسوي" "التجمع دعم علي جقارة بِجابسو وندّاف"!!..الخ فالقضية ليست جمع وطرح. وهناك سؤال حاسم:

علي أم رامز؟
هنا بين طيب النسيم المحمل برونق الجليل وبين روح المدينة التي تنبض بقلبين قلب يعزف لحن التاريخ العريق وقلب يدق على ايقاع الحداثة توجد مدينة هي الناصرة التي تستحق الأفضل. هي وحدها ستجيب على الاسئلة معتمدة على المعلومات التي استقبلتها خلال ثلاثة أشهر..
من سيمثّل الناصرة أفضل في لجنة الرؤساء وأمام الوزارات وفي المتابعة؟
من يتخذ قراره مستشيراً هيئة ديمقراطية؟ ومن يصدر قراره من مكاتب المتمولين/المستثمرين بمستقبل البلد؟ من أغلق المحلّات ووتّر البلد؟ من صان البلد؟ ومع من ستكون الناصرة بخير؟
مع رامز (ابن البلد) أم مع علي الذي يقول (أنا أبو البلد).

* الكاتب هو اكاديمي في المعهد التطبيقي- التخنيون في حيفا

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة