الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 10:02

تجنيد المسيحيين..سياسة افلاس /بقلم:حسين الديك

كل العرب
نُشر: 09/02/14 09:51,  حُتلن: 13:25

حسين الديك في مقاله:

هذه الخطوة التي اقدمت عليها الحكومة الاسرائيلية لفرض الخدمة العسكرية على المسيحيين هي خطوة المفلس الذي لا يجد شيئا يقوم به

إن المسيحيين في المشرق العربي وعلى مر التاريخ كانوا يتصدرون دائما في المقدمة في الدفاع عن هذه البلاد وعن هويتها وثقافتها وحريتها وكرامتها

هذا النموذج القديم الجديد الذي تسخدمه الحكومات الاسرائيلية في تقسيم المجتمع العربي ومحاولة زرع بذور الفرقة والشقاق بداخله من خلال فرض الخدمة العسكرية على المسيحيين فانها تهدف الى اضعاف المجتمع العربي وتشتيت كلمته

إن الخطاب الاستعماري الكولنيالي الذي امتد لقرون طويلة كان موحدا في الاهداف ومختلفا في الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق الاهداف الاستعمارية ، وقد استخدم الاستعمار ادوات كثيرة في المشرق العربي في تحقيق اهدافه والتي اتخذت مسلسلا من المراحل كل مرحلة وفق ما ينسابها حسب الظروف المحيطة والبيئة المناسبة له، فاستخدم القبلية والعائلية والاقليمية والعرقية واللغوية والطائفية وقد نجح في ذلك في مكان ما و فشل في مكان اخر واعاد الكرة في دولة ما، واستمر هذا المسلسل الكولنيالي في فرض السيطرة بالقوىة على مقدارت الشعوب وثرواتها ونمط حياتها وتوجيه تفكيرها، وما نراه اليوم في توجه الحكومة الاسرائيلية الى فرض الخدمة العسكرية على الفلسطينين المسيحيين هو حلقة جديدية من مسلسل فرض الهيمنة وفرض التشتت والتشرذم داخل المجتمع لتسهل السيطرة عليه واخضاعه.

المسيحيون ومواقف بطولية
إن المسيحيين في المشرق العربي وعلى مر التاريخ كانوا يتصدرون دائما في المقدمة في الدفاع عن هذه البلاد وعن هويتها وثقافتها وحريتها وكرامتها ، ولن استرسل في الدخول الى اعماق التاريخ والحديث عن دور المسيحيين في فلسطين والمشرق العربي وعن مواقفهم البطولية التاريخية ، ولكنني سوف اعرج على بعض المواقف في التاريخ الحديث فقط للتذكير ، ومن هنا فان التذكير ينفع البعض منا ، وقد ينفع الاخرين ان ارادوا ، فلقد كان اوائل من طالبوا بالاصلاح في ظل الامبرطورية الاقطاعية المتخلفة ( الدولة العثمانية) هم من المسيحيين العرب ، وكان من اوائل من نادوا بالثورة والحرية والتخلص من الظلم والاستبداد العثماني هم المسيحيون العرب ، وكان اول من نادى بالوحدة العربية والقومية العربية هم المسيحيون العرب من امثال قسطنطين زريق وميشيل عفلق والحكيم جورج حبش ، وكان اول من حمل شعلة النضال والكفاح في فلسطين في عصبة التحرر الوطني ابان الاحتلال الانجليزي هم المسيحيون الفلسطينيون ، وكان في مقدمة من ناضل ضد الظلم والتمييز العنصري ضد الفلسطينين من قبل الحكومات الاسرائيلية هم المسيحيون الفلسطينيون ، وكان من اوائل من حمل راية الكفاح والنضال وحافظ على الهوية والثقافة العربية الفلسطينية في الارض المحتلة عام 1948م هم المسيحيون الفلسطينيون من امثال مؤرخ القضية الفلسطينية اميل توما وتوفيق زياد واميل حبيبي وكل الاحرار من المناضلين الذين تمسكوا بارضهم وعروبتهم وثقافتهم وحافظوا عليها بل كانوا شوكة في حلق الاحتلال طيلة سنوات النضال والكفاح.

تقسيم المجتمع العربي 
ان هذا النموذج القديم الجديد الذي تسخدمه الحكومات الاسرائيلية في تقسيم المجتمع العربي ومحاولة زرع بذور الفرقة والشقاق بداخله من خلال فرض الخدمة العسكرية على المسيحيين ، فانها تهدف الى اضعاف المجتمع العربي وتشتيت كلمته وتقسيمه من الداخل ، لانه اثبت عبر السنوات السابقة انه قوة لايستهان بها على الحلبة السياسية والتنظيمية والتحركات الشعبية في مواجهة كافة مخططات الضم والتهويد والاقصاء والمصادرة، وقد كانت التحركات الاخيرة ضد مخطط برافر خير شاهد على قوة الشارع العربي و الجماهير العربية في الارض المحتلة عام 1948م وتماسكها وتضامنها ووقوفها صفا واحدا في مواجهة مخططات الحكومة الاسرائيلية المتطرفة.

فهذه الخطوة التي اقدمت عليها الحكومة الاسرائيلية لفرض الخدمة العسكرية على المسيحيين هي خطوة المفلس الذي لا يجد شيئا يقوم به ، فيتخذ خطوات بدون دراسة او تخطيط لعل احدها يلبي بعض ما يريد ، واذا لم يحقق شيئا فلن يخسر شيىء لانه في الواقع مفلسا ولا يوجد لديه ما يخسره ، فلقد اخطات الحكومة الاسرائيلية في هذه الخطوة ، والتاريخ يبرهن للجميع ان اي مخطط جديد عليه ان يستهدف الحلقة الاضعف في اي مجتمع ، ولكن استهداف المسيحيين بهذا المخطط يتناقض مع قوانين الطبيعية وحركة التاريخ ، فالمسيحيين يشكلون مخزون وطني قومي عروبي يصعب اختراقه من اي جهة كانت ، وخطوة الحكومة الاسرائلية هذه كالذي يضع رأسه في الرمل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة