الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 15:02

الفقر بين القدر والكسل والتبذير/ بقلم: قيصر إغبارية

كل العرب
نُشر: 16/01/14 18:42,  حُتلن: 07:30

قيصر إغبارية في مقاله:

تُعدّ ظاهرة الفقر من أبرز المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تنتشر في المجتمعات البشرية بصفة عامة والعربية بصفة خاصة لما عليها من آفات اجتماعية كالمرض والجهل

تشكل مكافحة الفقر في العالم العربي ومحاولات إيجاد سبل لمواجهته والتقليل من حدته من أهم التحديات الأساسية التي تواجه الحكومات لرفع المستوى الأدنى لهذه الطبقات وكذا الوقوف على مواطن الضعف والنهوض بها إلى الرقي 

ليست هناك ظاهرة متعددة الأسباب ومتنوعة الآثار كما هي ظاهرة الفقر، فقد خاض فيها كثير من المحللين والمفكرين والاقتصاديين، يبينون أسبابها، ويرصدون نتائجها، ويلتمسون الحلول لها. وتُعدّ ظاهرة الفقر من أبرز المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تنتشر في المجتمعات البشرية بصفة عامة والعربية بصفة خاصة، لما عليها من آفات اجتماعية كالمرض والجهل... والتي تؤثر سلبا على الواقع المعاش للأفراد من جهة وعلى تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى. وتشكل مكافحة الفقر في العالم العربي ومحاولات إيجاد سبل لمواجهته والتقليل من حدته من أهم التحديات الأساسية التي تواجه الحكومات لرفع المستوى الأدنى لهذه الطبقات، وكذا الوقوف على مواطن الضعف والنهوض بها إلى الرقي ومستوى معيشي ملائم إلى حد الكفاية في ظل النظام الذي يهدف إلى تحقيقه.

التمييز والعنصرية
ولا شك أن مجتمعنا الفلسطيني في الداخل يعيش خصوصيات معينة، كأقلية يُمارس ضدها كل أشكال التمييز والعنصرية، حيث نرى البون الشاسع والفرق الواسع بين المجتمع العربي في الداخل، وبين المجتمع اليهودي، من حيث الأوضاع الاقتصادية، ونسبة البطالة، ومستوى التعليم، وغير ذلك، وهذا كله نابع من عدة أسباب، منها داخلية وفينا نحن، فنحن مجتمع لكي ينهض لا بد وأن يمتلك الوعي والفكر، وأن يسعى للنهوض بقواه الذاتية وقدراته الداخلية دون أن ينتظر من غيره العون والمدد. وكذلك هناك أسباب خارجة عن إرادتنا كسياسات التمييز والعنصرية على كل المستويات، التي تمارسها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ضدنا كأقلية، والتي ينبغي أن لا نستسلم لهذه السياسات، إنما تستلزم منا أن نضاعف الجهود، ونحث السير لننهض ونتقدم رغم كل المعوقات والمثبطات.

كيف نعالج مشكلة الفقر؟
الموقف من الفقر، وكيف نتلمس الحلول له يكون بحسب نوع الفقر الذي قد يصيب صاحبه، فإن كان فقره بسبب ظروف خارجة عن إرادته، فبذل كل ما في وسعه من أجل تحصيل الغنى والتحرر من ربقة الفقر، فموقفنا من هذا النوع هو بأن الفقير قد بذل كل ما بوسعه، وأن عليه أن يستمر في جده ونشاطه، وأن يعمل ليخرج من هذه الحالة، لا أن يظل مكتوف الأيدي، لا يحرك ساكنا.. فهذا هو فقر قدر.


وقد ينشأ الفقر عن كسل وتقاعس عند الإنسان، بحيث أنه لا يريد أن يعمل، ولا يتخذ الأسباب الممكنة ليعمل ويغتني ويخرج من دائرة الفقر، إذ هو أدمن على المعونات التي تأتيه من هنا وهناك واقتنع بالدون، ولم يجد ويجتهد في العمل، فهذا فقر يزري بصاحبه، ويجعل من حوله يتخذ منه موقفا غير محمود، لأنه عطل طاقة بالإمكان استخدامها في أن ينهض بنفسه وينهض بمجتمعه، من أن يتخذ أن يشق لنفسه مجالا يجد فيه ذاته، ويحقق كيانه ويلبي تطلعاته.. فهذا هو فقر الكسل.

وهناك نوع من الفقر، ربما يكون أضر وأسوأ عقبى من سابقه، وهو فقر ليس ناتجا عن قلة الدخل، ولا عن الكسل، إنما عن التبذير والإسراف، وعدم الوعي بطريقة التصرف بالأموال على الوجه الصحيح، فيحصّل صاحب الأسرة على دخل جيد، أو قد يكون عنده أكثر من دخل، ولكنه يعاني من سوء إدارة للأموال، ويبذر ويسرف أمواله فيما لا فائدة منه ولا طائل تحته، فيؤدي به ذلك لأن يكون فقيرا على الرغم من ارتفاع الدخل الذي يتحصل عليه، فقد تكون عائلة، عندها دخل متواضع، ولكن بحسن تدبيرها، وروعة إدارتها تعيش في رغد معيشي وبحبوحة مالية، وفي المقابل قد نرى عائلة صاحبة دخل مرتفع، وقد يكون فيها أكثر من معيل، ولكنها تفتقر إلى حسن الإدارة والتنظيم في المصروفات، فتعاني من عجز مزمن في الميزانية، وتتراكم عليها الديون لتهدد الأسرة والمجتمع برمته، وليكون فريسة لمؤسسات لا ترحم.

العلاج بحسب الأسباب
فإذن نخلص من هذا التقسيم لأنواع الفقر بأن نعرف كيف نتعامل مع الفقر، وكيف نسعى للتخلص منه، وذلك بأن نشخص الداء، ونعرف أسباب المرض، وبعدها بالإمكان أن نصف الدواء، ففي مجتمعنا –بلا ريب- نجد الفقر بأنواعه الثلاث، ولا يصلح بأن ننظر إلى حالة الفقر في المجتمع بأنها نوع واحد، ونريد أن نصف له علاجا واحدا، أو حزمة من العلاجات التي قد تصلح لنوع واحد دون الأنواع الأخرى، فمن كان فقره ناتجا عن كسل، فالعلاج لذلك بأن نحثه على العمل، ونعينه عليه، ونهيئ له الظروف ليعمل ويخرج هو بنفسه من الفقر، ومن كان فقره ناتجا عن سوء التدبير ويعاني من التبذير فعلاجه بأن يخطط ويرشد من استهلاكه، ويدير ميزانيته المالية بكفاءة ونجاعة.

أما من كان فقره فقر قدر، فهذا لا بد وأن يرضى بذلك أولا فلا يسخط ولا يتذمر، وأن نسعى لنهيئ الأسباب ليعمل هذا الشخص ويجد، وأن يعينه الآخرون، وأن نكون في جو ومجتمع متكافل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة