الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 06:02

فضاء اليرموك يدوّي/ بقلم: فيصل طه

كل العرب
نُشر: 16/01/14 18:38,  حُتلن: 07:53

فيصل طه في مقاله:

شعب أدماه اللجوء ولجوء اللجوء أعياه الانتظار أرهقته الأحلام تآكله الحنين قضاه الجوع جفّه العطش وهو الأقرب إلى ضفاف اليرموك

فاجعة القتل ذبحا وجوعا تداهم أجساد مَن تبقى لاجئا ناطرا آملا بالعودة إلى وطنه فلسطين، حالما بغد يستبق موته جوعا على أديم خيمته، إلى غيمة ظمأى لتمطره قطرات معتقة حنينا وذكرى على أديم مسقط رأسه الأول، مستقرا في ثناياه، منسابا إلى مياه المرتوى الأول قسطل صفورية. شعب أدماه اللجوء ولجوء اللجوء، أعياه الانتظار، أرهقته الأحلام، تآكله الحنين، قضاه الجوع، جفّه العطش وهو الأقرب إلى ضفاف اليرموك.  شقّيَ الثاني يمتص دموعه الجّافة علّها تمدّه قطيرات رطبة، ونبضة حياة تسعفه اللحاق وأمثاله للامساك بأنامل النسائم العائدة جنوبا إلى المهاد، إلى فلسطين.

جبروت الفلسطيني اللاجئ 
صمت يدوّي أنينا صاخبا، خارقا صداه فضاء اليرموك، إلى آفاق الكون، مناديا ضمير الإنسانية، مستغيثا ملهوفا إلى كسرة خبز جافة عالقة خلف الحصار، لترتسم مشهدا مأساويا فريدا استعصى مثيله في التراجيديات الإنسانية جمعاء، وفي كل الأزمان، إذ تبدت فلسطينية المأساة بتفردها بعجز الزمان عن حدّ زمنها، وبعجز المكان عن حدّ مكانها، إنها واقع نازف مطوّل، موسّع يدنو نحو انجلاء الغبن والقيد وحتما إلى الحرية والسلام.
تتزاحم أيدي الظلام ظلما وهتكا على جبروت الفلسطيني اللاجئ عنوة في كل "ديار العرب أوطاني"، ينقضّ الجاهل، بل الكافر بالأديان السماوية السمحة، والفاقد للإنسانية الرحبة على ما تبقى من رقعة حياة للأهل النازفين في خِيَم اللجوء، ممزقا أواصرها، مانعا عن أفواه "زغب الحواصل " حيث" لا ماء ولا شجر"، قوت البهائم، ومضغ أوراق الشجر التي جفّها الحقد الدفين لجفاة القلوب، للائكي الأكباد، قاطعي الرؤوس واكلي لحوم البشر.
جحافل القتلة، كالجراد أفواجا، أفواجا، تجتاح الأخضر واليابس وتُعيث خرابا عابثة بالموت والحياة، تنجذب بغرائزها الشهوانية البهيمية إلى حسان الحواري الموهومة جهادا بالنكاح، عابدة للدينار وفتات المال.
جحافل الدمار تندفع مدفوعة الأجر مسلوبة العقل طيّعة لأمراء القتل والذبح، لتجار الدين وبيع الأوطان، لمشايخ العرب وأساطين الغرب.
قتلة، كفرة يستنجدون طغاة نجد والحجاز فكرا وهابيا ويقرضون الدعاوى من القطري "الداعية الأول" ويعتزمون إدامة الهلاك بهدى "الفكر النيّر" و"القومجي العلماني" من القطري "المفكّر العربي الأول"، وبهذا يُجند مدّعي الدين والدنيا من قواعدهم القاعدة في جوف الدبابة الأمريكية لتأدية المهمة بإتقان عداءً للشعوب التي تُمهل ولا تهمل، التي لا تنسى ولا تغفر.
حتمية الحياة والحرية آتية.. غدا آتية، وملاجئ اللجوء زائلة، وعودة الأوطان لأهلها آتية، واليرموك يبقى بمياهه جاريا، فاصلا بين الحق والباطل، بين انتصار وانتصار.. بين مآسي اليوم لأهازيج الغد.. للفرح القادم.. للفرح.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة