الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 03:02

ليس دفاعاً عنهم: الرجال يعانون أيضاً من العنف داخل الاسرة /بقلم:رنين خالد عدوي

كل العرب
نُشر: 30/12/13 13:51,  حُتلن: 15:51

رنين خالد عدوي في مقالها:

الرجل العامل يعاني مثل غيره من القهر الطبقي ومن القهر القومي، ويعاني من عادات ومفاهيم كثيرة يؤمن بها المجتمع

ألا توجد من النساء من يشعرن انهن أفضل وبمستوى أعلى من الزوج؟ والدوافع كثيرة فقد تكون الحسب والنسب وقد تكون الجمال وقد تكون المستوى العلمي أو المنصب

ألا توجد نساء يصرخن في وجه رجالهن؟ أليس هذا عنف كلامي كالذي يمارسه الرجل ضد المرأة؟ في مرحلة صادقة كان الاعتقاد والصف لهذا النوع من النساء أن الواحدة منهن "امرأة رجالية"

اعتقد انه على المرأة أن تتحرر في ذاتها أولاً وهي قادرة على ذلك دون أن تمس بالرجل ودون أن تمارس أي نوع من العنف ضده وإذا لم تؤمن المرأة أن الرجل هو ضحية مثلها، فلن تتحرر بشكل حقيقي وستكون حريتها وهمية وقابلة لتدمير الآخر

قد يبدو العنوان مفاجئاً للقارئ، خاصة وأنه تم التطرق إليه من قبل امرأة. فقد تَخِمَ مجتمعنا من الحديث عن العنف ضد المرأة، فهذا موجود وبأشكالٍ عديدة، مع أنه يجوز ومن المعقول التحفظ على بعض حالات الاستغلال السيئ من قبل بعض النساء للقانون، ومن جهة اخرى يجوز التحفظ أيضاً على غض الطرف عن العنف ضد المرأة، من قبل المجتمع وحتى الشرطة والمحاكم في بعض الأحيان، وبطبيعة الحال لا يمكن تجاهل العنف بحق المرأة فهو موجود ومرفوض مهما كانت أسبابه.
لقد تم استيراد قانون العنف ضد المرأة قبل سنوات عديدة من منظومة القوانين والدساتير الاكثر رقيًّا في اوروبا، من الدول الاسكندنافية بشكل خاص، حيث تنص الدساتير هناك على ضمان كرامة الإنسان وحقة في العيش الكريم وأكثر من ذلك. لا ننكر حضارتنا العربية الإسلامية، ولا نستطيع أن ننكر من جهة أخرى ظروفنا الاجتماعية الاقتصادية الصعبة، في الجانب الحضاري تم تشويه الكثير من المسلمات، خصوصاً في فترة الحكم العثماني الذي استمر لأكثر من أربعة قرون، لكن السؤال هو: هل الرجل العربي يملك الحماية من كل أنواع العنف ضده؟

القهر الطبقي والقومي
الجواب: لا، فالرجل العامل يعاني مثل غيره من القهر الطبقي ومن القهر القومي، ويعاني من عادات ومفاهيم كثيرة يؤمن بها المجتمع. ومن المعروف أنه في مثل هذه المجتمعات -وحسب علم الاجتماع – فإن العادات المتوارثة تصبح حتى أقوى من الدين. لكن كل هذا لا يكفي لمحاولة الفهم الذاتي في العنف ضد الرجال، إذا اعتبرنا ان العادات والوضع الاجتماعي الاقتصادي هو العامل الموضوعي. واقصد بالعامل الذاتي هو كيفية فهم المرأة لحقوقها ومساواتها، وكيفية فهمها للقوانين الرسمية وللعادات، ونوعية تصرفاتها، والى أي مدى تحاول استغلال القانون حتى الرمق الأخير.
وسأكون هنا حسنة النية تجاه المرأة بأنها - ما عدا حالات نادرة – لا تملك النوايا السيئة سلفاً ضد الرجل. وسأتحدث عن المرأة العادية التي تريد أن تعيش حياة عادية كريمة، مع زوجها أو أبيها أو أخيها أو صديقها. وللأسف الشديد فإن المشكلة تكمن هنا، ولنأخذ أمثلة عادية بسيطة نعيشها يوميًّا ونسمع عنها ولا نعترف بها واليكم بعض الأمثلة:
ألا توجد نساء يصرخن في وجه رجالهن؟ أليس هذا عنف كلامي كالذي يمارسه الرجل ضد المرأة؟ في مرحلة صادقة كان الاعتقاد والصف لهذا النوع من النساء أن الواحدة منهن "امرأة رجالية". كان الزوج وما زال في مثل هذه الحالات -وهي موجودة اليوم – يشعر بالدونية حتى بين الرجال.

مفاهيم اجتماعية خاطئة
ألا توجد من النساء من يشعرن انهن أفضل وبمستوى أعلى من الزوج؟ والدوافع كثيرة فقد تكون الحسب والنسب وقد تكون الجمال، وقد تكون المستوى العلمي أو المنصب. وفي مثل هذه الحالة بدل أن تراجع المرأة نفسها وتحاسبها فإنها تضرب كرامة الرجل، حتى ولو بحسن نية وتشعره بالدونية.
ألا توجد من النساء، ونتيجة مفاهيم اجتماعية خاطئة، من تطلبن من أزواجهن، فوق قدراتهم المالية، مثل فخامة البيت، نوعية السيارة، نوعية الأثاث، ونوعية الملابس، وغيرها الكثير في مثل هذه الحالة إذا امتنع الرجل عن تلبية هذه الرغبات، ستحدث مشاكل بين الزوجين لا تحمد عقباها نتيجة هذه الضغوطات.
ألا توجد من النساء من تعتقد، وحسب مفاهيم سطحية أن الحرية هي كائن حي، يمكن التعامل معه كيفما نريد ومتى نريد؟ الحرية وإن كانت كائناً حيًّا فهي تعيش أيضاً في بيئة يقررها الناس والمجتمع. فالحرية لا تخلق الناس ولكن الناس هم الذين يخلقون الحرية.
ألا نلاحظ جميعاً نحن النساء، وكذلك الرجال الهجمة العالمية من الدول الرأسمالية الغنية، على المجتمعات الفقيرة وتدعي التأييد لحقوق المرأة ومناصرتها، وبالتالي فهي كذبة كبيرة بعيدة عن النوايا الحسنة، فهذه الدولة التي تمول آلاف الجمعيات المطالبة بحقوق المرأة في المجتمعات الفقيرة والمضطهدة، هي نفسها التي تدعم أنظمة القمع ضد المرأة، مثل أنظمة الخليج التي تمنع وتحرم المرأة حتى من قيادة السيارة، دون أن تحرم كل أنواع زواج المتعة مثلاً..
إن الرجل لن يعيش وحده، فهو جزء من هذه الطبيعة والمرأة جزء منها، ولكنه من الطبيعي أن تكون العلاقات بين الرجل والمرأة هي القمة، لأن هذا سر الحياة وسر البقاء وديمومة الكون.
كل الأسباب لا تبرر العنف من أي طرف ولا بأي شكل، فهي مسألة وعي وثقافة وحضارة، وهذا مسار طويل وطريق شائك، يبدو أننا سندفع ثمناً كبيراً كي نتجاوزه.

على المرأة أن تتحرر
الكارثة المأساوية أن الدول التي تريد تحرير المرأة، تمول مثلاً جمعيات نسائية في دول من العالم الثالث بمئات ملايين الدولارات، لكنها تبخل بأكياس الطحين للأطفال، الذين يموتون جوعاً وتبخل بالدواء المتطور والتوعية لمنع مرض الايدز. ولكنها تزوده بالانترنت والسلاح.
اعتقد انه على المرأة أن تتحرر، في ذاتها أولاً وهي قادرة على ذلك دون أن تمس بالرجل، ودون أن تمارس أي نوع من العنف ضده، وإذا لم تؤمن المرأة أن الرجل هو ضحية مثلها، فلن تتحرر بشكل حقيقي، وستكون حريتها وهمية وقابلة لتدمير الآخر.
وبرأيي على المرأة العربية الفلسطينية في الداخل، أن تعي كل ما يدور حولها، في الشارع والقرية والدولة والمنطقة والعالم. إذا استطاعت المرأة العربية أن تهضم كل ذلك، فستكون عنواناً للرجل بدلاً أن تكون عبئاً عليه، وعلينا أن نفهم جميعاً، أن القوانين مهما كانت صادقة فهي جافة، وعليها أن تفهم أيضاً أننا كأقلية قومية في هذه البلاد، فإن العنف داخل الأسرة هو أحد الاختراقات لمجتمعنا ولتفكيكه من الداخل، إن مطالبتنا نحن النساء بالمساواة، يجب ألاّ تكون عبر هدم كل شيء، ولكن من خلال معركة مع الرجل. لا يوجد تعميم، لأن في التعميم ظلم. ولكن على من تريد من النساء خير هذه الأسرة وهذا المجتمع، ألا تلتفت إلى كل ما هو جديد ويأتي من مكان بعيد. من واقعنا وإمكانياتنا فقط نستطيع تحقيق أحلامنا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة