الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 04:02

واقع التوجيه الدراسي والمهني وآثاره الاقتصادية/ د. سامي ميعاري

كل العرب
نُشر: 09/10/13 18:38,  حُتلن: 09:52

د. سامي ميعا ري :

التحاق الطلاب العرب بمؤسسات التعليم العالي ما زال غير مستند لأي تخطيط مسبق وإنما يأتي لتحقيق طموح ورغبة شخصية بصرف النظر عن معرفة الوظيفة التي سيعمل بها

انتقال الطلاب من مجتمع قروي تقليدي إلى مجتمع مدني يضع الطالب أمام تحديات مختلفة لها أبعاد على المستوى النفسي عليه لأنه يعتمد في الأغلب في نمط حياته على نظام المجموعة ( العائلة)

الواقع الذي يواجه الطالب العربي أثناء التحاقه بالجامعات مركب بعوامل نفسية تؤثر عليه في الاندماج بالحياة الأكاديمية والتعامل معها بشكل ناجح، فوضع الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية مشابه لوضع أي مجموعة سكانية تصطدم بحضارة أخرى

انخراط الطلاب في المعاهد العليا وفقا لتوجيه سليم يعد أحد عوامل تقليص وإلغاء الفجوات داخل الوسط العربي حيث تشير معطيات دائرة الإحصاء المركزية إلى أن معدلات البطالة في صفوف الخريجين في ازدياد ومرد هذه البطالة عند الخريجين يعود لعدة عوامل

لقد طرأ تغيير كمي في عدد الطلاب العرب الملتحقين بالجامعات والكليات في مختلف المواضيع، ورغم هذا التغيير إلا أنه ما زالت نسبة تمثيل الطلاب العرب في المعاهد العليا في إسرائيل منخفضة، في الوقت الذي تصل فيه نسبة العرب في الداخل إلى 22% من مجمل سكان البلاد فإن نسبة الطلاب العرب تقتصر على 10% من مجمل عدد طلبة الجامعات و%6 من مجمل طلاب الكليات و%18 من مجمل الطلاب في كليات تأهيل المعلمين، ومع هذا التزايد في أعداد الملتحقين بالجامعات إلا أن معدلات استيعاب الخريجين العرب في القطاعات الصناعية المختلفة كان وما زال متدنيا، وهذا يعود جزئياً لعملية التوجيه الدراسي والمهني عند الطلاب العرب التي من المفترض أن تتم على مرحلتين:


المرحلة الأُولى: مرحلة التوجيه في إختيار موضوع الدراسة في المعاهد العليا، ويجب أن تتم في فترة الثانوية من خلال ورشات عمل وإرشاد للطلبة حول المهن والتخصصات الموجودة في سوق العمل، وإرشادهم نحو المهن التي يفتقد إليها سوق العمل، مع عدم إغفال رغبة الطالب بموضوع الدراسة وأثرها على نجاحه. للأسف الشديد فإن التحاق الطلاب العرب بمؤسسات التعليم العالي ما زال غير مستند لأي تخطيط مسبق، وإنما يأتي لتحقيق طموح ورغبة شخصية بصرف النظر عن معرفة الوظيفة التي سيعمل بها.

المرحلة الثانية: التوجيه الدراسي أثناء الدراسة الأكاديمية: حيث إن الواقع الذي يواجه الطالب العربي أثناء التحاقه بالجامعات مركب بعوامل نفسية تؤثر عليه في الاندماج بالحياة الأكاديمية والتعامل معها بشكل ناجح، فوضع الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية والأجنبية مشابه لوضع أي مجموعة سكانية تصطدم بحضارة أخرى، فانتقال الطلاب من مجتمع قروي تقليدي إلى مجتمع مدني يضع الطالب أمام تحديات مختلفة لها أبعاد على المستوى النفسي عليه، لأنه يعتمد في الأغلب في نمط حياته على نظام المجموعة ( العائلة).
أضف إلى ذلك بعدا آخر هو أن الطالب العربي يدرس في جامعات ليست العربية فيها اللغة الأم ويلزم خلال الدراسة بتعلم لغة أخرى، ما يضاعف جهوده لتحقيق هدفه. فضلا ًعن أن طريقة التدريس في الجامعات تختلف كليا عن تلك التي درس فيها في المدارس، فالتدريس في الجامعات يعتمد في الأغلب على أسلوب البحث والنقد، بينما تتكئ طرق التدريس في المدارس على التلقين والتحفيظ، ووفقاً لهذه الحقائق فإن واقع التوجيه الدراسي في المرحلتين غير كاف، ويجب توفير مرافقة أكاديمية للطالب خلال المرحلتين من أجل اختيار سليم وحياة أكاديمية ناجحة. وللأسف لا توجد مؤسسات عربية تهتم بهذا الشأن لذا نرى واقع اختيار المهن ومواضيع الدراسة لم تتغير خلال عشرات السنوات.

كيف يمكن إيجاد توجيه دراسي ومهني يساعد على دراسة تخصصات ومجالات تلبي احتياجات سوق العمل؟
يجب الاعتماد على الإرشاد المهني المختص والتخطيط الاستراتيجي لكي نساعد الطلاب في دراسة تخصصات ومجالات تلائم احتياجات سوق العمل، وهذا يأتي من خلال استخدام طرق وأساليب علمية كما يلي:
1- توفير المعلومات الكافية للطالب العربي حول الوظائف الشاغرة التي تعاني من نقص في الموارد البشرية المؤهلة، وهذا يأتي من خلال التنبؤ بالطلب من خلال الاستعانة بالقطاعات الصناعية المختلفة حول الاحتياجات المستقبلية من حيث التخصصات ومضمونها.
2- توجيه الطالب بأن يعتمد أثناء التحاقه بالدراسة على حساب الدخل الذي سوف يحصل عليه بعد التخرج، والأخذ بالحسبان التكلفة الناتجة عن عملية الدراسة على مدار أربع سنوات لكي يحصل عند التخرج على وظيفة تحقق عائدا مقبولا بحجم الاستثمار الذي وجهه نحو تمويل موضوع دراسته الجامعية لتحقيق جدوى اقتصادية لمشروع الدراسة.
3- التوجيه الدراسي يجب أن يكون مضمونه تخفيض أعداد الطلبة الملتحقين بتخصصات لا حاجة للمجتمع بها، من خلال عرض نسبة البطالة في مجال التخصصات المختلفة وعرض نتائج الإحصاءات حول فترة انتظار الخريج للحصول على وظيفة من تاريخ تخرجه.
4- عقد لقاءات إرشادية مع طلاب المدارس في المرحلة الثانوية، وإطلاعهم على متغيرات السوق.
واقع سوق العمل من حيث التخصصات والمجالات التي يفتقد إليها
سوق العمل آخذ بالتغير في جميع الأوقات فهنالك مهن وتخصصات كانت في الماضي مطلوبة واليوم أصبحت غير مطلوبة، والعكس صحيح ومن أصعب القرارات هو التخطيط للمستقبل واختيار تخصص يكون على الأغلب ناتجا عن عدم قراءة سوق العمل بشكل صحيح.
وفقا لتغيرات السوق الإسرائيلية فإن المواضيع التكنولوجية في السنوات المقبلة (وهذا ينطبق على مهندسي البرامج والأنظمة الالكترونية) سوف يزداد طلبه، وكذلك مجالات الإنترنت وأنظمة المعلومات وكذلك مجال هام هو مجال البنوك والاستثمار والاستشارات الاقتصادية.
ولمزيد من التوضيح عن أهمية التفكير السليم في اختيار المجال، فإن ازدياد متوسط الأعمار وارتفاع مستوى المعيشة يعني أن يكون هنالك ازدياد مرافق في عدد الوظائف في مجال الصحة مثل الطب والتمريض ولكن هذا الازدياد يجب أن يكون مراقباً. لأن عدد الطلاب العرب في هذا المجال خاصة الذين يدرسون في الخارج يفوق المتوقع والمطلوب.
الآثار الاقتصادية المترتبة على عدم وجود توجيه مهني ودراسي يتناسب مع احتياجات سوق العمل؟
التوجيه الدراسي واختيار المهن وفقا لمتطلبات واحتياجات السوق أحد المواضيع الهامة للتنمية الاقتصادية، حيث تؤدي هذه العملية إلى إختيار التخصصات وفقاً للاستفادة النسبية. أضف إلى ذلك فإن إنخراط الطلاب في المعاهد العليا وفقا لتوجيه سليم يعد أحد عوامل تقليص وإلغاء الفجوات داخل الوسط العربي، حيث تشير معطيات دائرة الإحصاء المركزية إلى أن معدلات البطالة في صفوف الخريجين في إزدياد ومرد هذه البطالة عند الخريجين يعود لعدة عوامل:

عوامل البطالة                  
1 – التمييز ضد العرب داخل الدولة حيث يتم إقصاء الخريجين العرب من العمل في مؤسسات القطاعين: العام والخاص.
2- استهداف المؤسسة الإسرائيلية اعاقه التنمية في الوسط العربي مما أفقد السوق المحلية في الوسط العربي القدرة الذاتية على إيجاد فرص عمل جديدة للخريجين.
3- عدم ملاءمة مهارات وقدرات الخريجين مع احتياجات سوق العمل، حيث أن اختيار الطالب للتخصص لا يعتمد على أي تخطيط مسبق وإنما يأتي نتيجة لرغبة شخصية بصرف النظر عن المعرفة بنوع الوظيفة التي يمكن أن يشغلها بعد الدراسة، وهذا ناتج عن عدم وجود توجيه دراسي مهني في المدراس العربية فيعتمد الطالب العربي في تحديد هذه الخطوة على الدخل الشهري المتوقع الحصول عليه عند دخول السوق ولا يأخذ بالحسبان أنه من المتوقع أن يتغير معدل دخل هذه المهنة بتغير الزمان والمكان وفقا لعوامل العرض والطلب، وهذا ما حدث لمهنة المحاماة في الوسط العربي ومتوقعة لمهنة الطب.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة