الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 20:02

الانتخابات المحلية وتأسيس مجالس تربوية محلية/ بقلم: د.يوسف جبارين ود.رائد زيدان

كل العرب
نُشر: 29/09/13 20:03,  حُتلن: 12:25

د. يوسف جبارين ود.رائد زيدان في مقالهما:

لقد بادر مؤخرا مركز دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات الى العمل على تطوير هذه الفكرة في بلدات عينية ويسعدنا التجاوب المهني الحماسي الذي نلمسه في هذه البلدات

نقترح أن تبادر السلطات المحلية العربية المنتخبة في باكورة مشاريعها الى العمل على تأسيس مجالس تربوية محلية عبارة عن منتدى للقيادة التربوية المحلية في البلد تهدف الى ترشيد وتطوير أداء جهاز التربية والتعليم في البلد

الهدف هو أن نطرح بديلا قيميًّا ومعرفيا لخطاب المؤسسة بشكل يتناسب مع تطلعات مجتمعنا وهويته وثقافته وذلك من خلال تنمية القيادات التربوية وتطوير مشاريع تربوية بديلة

من الأهمية بمكان بلورة مشاريع لإقامة أطر مهنية مستدامة تعتمد على كوادر مهنية تربوية تعمل على ترشيد السياسات التربوية وعلى بلورة بدائل للسياسات الرسمية وما تتضمنه من مضامين معيقة للتعليم وتتناقض مع هوية الفلسطيني وتاريخه وثقافته ولغته

نقترح أن يشمل المجلس في تركيبته رئيس السلطة المحلية ونوابه مدير قسم التربية والتعليم وموظفين اخرين حسب الحاجة ممثلي لجان أولياء الأمور أكاديميين وباحثين مدراء المدارس مفتشين ومرشدين ممثلي المجتمع الأهلي ومستشارين مهنيين وطلاب

يتمحور الخطاب الحاضر بشأن التعليم العربي في اسرائيل بالتركيز على المعطيات والتقارير والاحصائيات. بالمقابل، يتبلور بين ظهراني المجتمع العربي الفلسطيني في اسرائيل خطاب نقدي في محوره التأكيد على ضرورة ان يعيد المجتمع الفلسطيني امتلاك المشروع التربوي والخروج من موقع الضحوية إلى موقع المبادرة وأخذ المسؤولية. في وجه الخطاب الرسمي القائم على التبعية والتجزئة وطمس الهوية الجمعية، وفي وجه ممارسات منهجية من الإهمال والاستهتار اتجاه خصوصية الطلاب الفلسطينيين، يطرح الخطاب النقدي تمردا ديمقراطيا على آليات الهيمنة والوصاية على التعليم العربي وذالك عبر التأكيد على حيوية تطوير مبادرات ذاتية وجماهيرية ضمن المجتمع الفلسطيني حول قضايا التربية والتعليم والثقافة، ومن خلال إعادة ترتيب العلاقات ما بين المهنيين والأكاديميين والسياسسيين والحقل. 

وعلى وجه التحديد، يؤكد الخطاب النقدي على الحاجة إلى خلق مبادرات عينية ومستدامة في مجال التعليم بإمكانها إحداث فارق نوعي في الحقل وبإمكانها وضع مؤسسات الدولة، من ناحية، والسلطات المحلية العربية، من ناحية ثانية، ومؤسسات المجتمع المدني، من ناحية ثالثة، أمام تحديات عملية وأخلاقية. يسعى هذا الخطاب النقدي المبادر الى نقل قضايا التعليم العربي من مسألة معطيات وقضية معرفية إلى برامج ومشاريع عمل وبدائل تواجه المؤسسة وتربكها لا سيما بفضل اعتماد المنهج العلمي والدراسات المعمقة، بحيث تتحرر تدخلاتنا من ثقافة الضحية أو حساب الكميات والمعطيات إلى طرح بدائل تطبيقية تستند إلى النظرية العلمية والمنهجية.

بديل قيمي معرفي
من الأهمية بمكان، اذا، بلورة مشاريع لإقامة أطر مهنية مستدامة، تعتمد على كوادر مهنية تربوية تعمل على ترشيد السياسات التربوية وعلى بلورة بدائل للسياسات الرسمية وما تتضمنه من مضامين معيقة للتعليم وتتناقض مع هوية الفلسطيني وتاريخه وثقافته ولغته. الهدف هو أن نطرح بديلا قيميًّا ومعرفيا لخطاب المؤسسة بشكل يتناسب مع تطلعات مجتمعنا وهويته وثقافته، وذلك من خلال تنمية القيادات التربوية وتطوير مشاريع تربوية بديلة، تشمل برامج مهنية للمربين ومديري المدارس، برامج لمديري أقسام التربية والتعليم في السلطات المحلية وغيرها، بالإضافة الى تقديم مراجعات نقدية للتجارب التربوية المعمول بها والمساهمة بالتخطيط لتجارب واعدة جديدة.
ونشير هنا الى المبادرة الأخيرة لإقامة المجلس التربوي العربي، المنبثق عن لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، وهو عبارة عن منتدى قطري للتربية والتعليم، ليكون في فكرته المنشودة مرجعية تمثيلية ومهنية لتزويد المجتمع الفلسطيني بما يحتاجه من نظرة وتوجه عربيين فلسطينيين للتعليم وأهدافه. ولا شك أن فكرة المجلس يجب أن تكون خطوة تمهيدية لتطوير مشاريع ومناهج تربوية تتلاءم مع التعليم العربي ولتحديد طابعه في الأهداف والمعارف البديلة. أما على المستوى المحلي في كل بلدة وبلدة، فالهدف يجب أن يتمحور حول صياغة مشروع تربوي وثقافي لترشيد وتمكين وتدعيم العملية التربوية المحلية في كل بلد، ومن أجل مناهضة التمييز والإقصاء والفقر والعنف والطائفية والفئوية. مشروع شمولي يصوغ الصورة المنشودة للأجيال القادمة، قادة المستقبل، ويحدد الآليات اللازمة لتحقيقها.
تعبر مثل هذه المبادرات المنشودة عن حالة عينية من النهوض الفكري والتنظيمي، وذلك على غرار الدور الذي تلعبه المبادرات الأهلية المحلية لدى أقليات كثيرة في العالم في نضالها من أجل الخروج من خانة الإقصاء والتمييز والضحوية.

تأسيس مجالس تربوية محلية
وتماشيا مع هذا الطرح، نقترح أن تبادر السلطات المحلية العربية المنتخبة في باكورة مشاريعها الى العمل على تأسيس مجالس تربوية محلية عبارة عن منتدى للقيادة التربوية المحلية في البلد تهدف الى ترشيد وتطوير أداء جهاز التربية والتعليم في البلد، وخلق شراكة فعالة بين المواطن والسلطة المحلية في العملية التعليمية والتربوية والثقافية. يعتبر هذا المجلس إطارا داعما ومخططا ودارسا ومشاركا في تنفيذ عمليات تغيير جوهرية واستراتيجية بشأن المسيرة التربوية التعليمية المحلية، هدفها العام والشامل هو رفع انجازاته العلمية، القيمية، التربوية، والثقافية. وللحقيقة، فقد بادر مؤخرا مركز دراسات، المركز العربي للحقوق والسياسات، الى العمل على تطوير هذه الفكرة في بلدات عينية، ويسعدنا التجاوب المهني الحماسي الذي نلمسه في هذه البلدات.

رؤية تربوية تعليمية شمولية
يهدف المجلس المقترح الى بناء رؤية تربوية تعليمية شمولية، الى خلق تعاون وتنسيق وتشبيك بين الهيئات التربوية المختلفة، والى بناء وتخطيط برنامج استراتيجي يلائم الرؤية التربوية، ويوفر حلولا لقضايا تعليمية تربوية تنظيمية، والى مرافقة تنفيذ برامج ومشاريع بمشاركة هيئات وجهات داخلية محلية وقطرية. كما ويقوم المجلس بمناقشة وإيجاد حلول لقضايا تربوية وتعليمية بمستوى الجهاز بكامله والبلد ككل. ويمكن للمجلس اقامة لجان فرعية للعناية بكل محور مقترح، كما ويمكنه اشراك خبراء واخصائيين لتقديم الاستشارة والتوجيهات والارشادات اللازمة لتحقيق اهداف المجلس قريبة وبعيدة الامد. في هذا السياق، يجب التنبه إلى خصوصية التربية اللامنهجية ودور مؤسسات العمل الأهلي والأحزاب السياسية والمراكز الجماهيرية ولجان أولياء الأمور في مشروع نهضوي كهذا. كما ومن الأهمية بمكان الإشارة في هذا السياق إلى التعددية الثقافية والحزبية والدينية بين أظهر المجتمع الفلسطيني وضرورة أن يعكس المشروع هذه التعددية.

جسم ترشيدي
هذا المجلس لا يشكل بديلا عن أجهزة ومؤسسات تعليمية تربوية قائمة وفاعلة، بل يعتبر جسما ترشيديا جامعا يقدم التوصيات والخطط والدراسات للفعاليات والمؤسسات التربوية، كما ويتميز المجلس بصلاحيات عملية يتم التوافق عليها بين رئيس وأعضاء السطة المحلية المنتخبين وبين الاعضاء والهيئات المشاركة. يلتئم المجلس ويتداول القضايا أعلاه بشكل دوري ومنتظم وثابت، بالاضافة لجلسات واجتماعات طارئة لبحث قضايا ملحة وحارقة. وعلى المستوى التنظيمي، فنقترح أن يشمل المجلس في تركيبته رئيس السلطة المحلية ونوابه، مدير قسم التربية والتعليم، وموظفين اخرين حسب الحاجة، ممثلي لجان أولياء الأمور، أكاديميين وباحثين، مدراء المدارس، مفتشين ومرشدين، ممثلي المجتمع الأهلي، مستشارين مهنيين وطلاب.

نقاط أساسية
ومن النقاط الاساسية التي يمكن أن تشكل محاور العمل في المجلس التربوي المحلي المقترح: تطوير وتأسيس وتعميق التربية للقيم على اختلافها وتنوعها (مثل الانتماء الوطني والعطاء والتسامح وتقبل الآخر) سبل تحسين ورفع التحصيل التعليمي في البلد على اختلاف المراحل التعليمية بما في ذالك رفع مستوى التعليم العالي، تطوير العلاقة مع لجان أولياء أمور الطلاب والعمل على زيادة وتقوية مشاركتهم بالعمل التعليمي والتربوي على السواء، تعزيز مكانة المعلم في البلد، تقديم الدعم والرعاية لطلاب المعاهد العليا، وإجراء تغييرات بنيوية تنظيمية على جهاز التربية والتعليم في البلد، دراسة ومعالجة قضايا هامة عامة مثل التسرب، والعنف، وتقبل الاخر، وغيرها. يقين أن الانتخابات المحلية القريبة قد تكون فرصة لطرح هذا المشروع على أجندة المرشحين، ثم التحشيد الجماهيري له ما بعد الانتخابات.

*د. يوسف جبارين - محاضر جامعي ومدير عام مركز دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات

*د. رائد زيدان - محاضر جامعي وباحث في مركز دراسات

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة