الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 03:02

المسيحيون والربيع العربي/ بقلم: منال شلبي

كل العرب
نُشر: 28/09/13 08:54,  حُتلن: 12:35

لمقال جواد بولس إضغط هنا

منال شلبي في مقالها:

اي نزوح للمسيحيين من هذه البلاد وتحديداً مسيحيي الـ48 هو برأيي ناتج عن عدم شعور بالانتماء لهذا المكان او عدم ثقة في هويتهم قائم لديهم ليس الاّ

اذا كان هنالك خطر فعلي على المسيحيين في البلاد كيف يساهم انتخاب رئيس بلدية مسيحي في الناصرة في الحفاظ على مكانة المسيحيين ويتسبب في عدم نزوحهم؟!

بين التحوّط من العنصرية المحتملة وبين الكتابة التي للوهلة الاولى ترمز الى تأجيج الطائفية او التشريع لتأييد تفكير طائفي هناك فجوة كبيرة وللأسف يا جواد وقعت في هذا المطب

تتمحور المخاوف بالمد الاسلامي وسيطرة الاسلاميين الاصوليين على زمام الامور والغاء مكان ووجود المسيحيين وبالتالي التسبب في هجرة ونزوح الكثير منهم وتناقص اعدادهم في البلاد

عزيزي جواد ان هذه التوترات التي نجمت عن هذه الاحداث هي موجودة بالفعل ولا يُخفى عليك وعلى احد بانها نتاج لمشروع مُغذّى من قبل السلطة الاسرائيلية التي تتلذذ بسياسة فرق تسد

استوقفتني مقالة الزميل الكاتب والمحامي جواد بولس " الناصرة اخت لبيت لحم" وكيف لا! والكاتب يطرح تساؤلات ومخاوف عديدة ترتبط بمكانة ووجود المسيحيين في البلاد خاصة وفي فلسطين عامة، ويؤول الكاتب الى نتيجة، مفادها بأن: "على قادة الجماهير العربية في اسرائيل التنسيق ووضع مشروع وطني مشترك مبتدؤة دراسة مقترح يقتضي بحفظ منصب رئيس بلدية الناصرة لمسيحي او مسيحية من ابنائها".

الوطنية
من لا يعرف الكاتب عن كثب ولا يعرف مسيرته الوطنية الطويلة، لقال بأن هذه المقالة هي مقالة طائفية بامتياز تحاول التأثير على مجريات الامور في الناصرة بشكل طائفي وتأتي لتجيب على مصالح فئة معيّنة متسلّقة تركب موجة الطائفية لتحقق اهدافها السياسية، وانا اذ لا اشّكك اطلاقاً بحسن نوايا الكاتب الوطنية، بودّي اولاً ان اعتبر هذه المقالة غير موفقة في احسن الحالات ورديئة في اسوأها، وثانياً بودي التطرق الى بعض النقاط التي ترتبط بالمسألة الطائفية لدى فلسطينيي الـ48.

علاقات القوى القائمة بين المسلمين والمسيحيين
يدور ربما، في الفترة الاخيرة، نقاش داخلي صوته خافت، لا يُسمع كثيرا، لدى بعض اوساط المثقفين والمفكرين، حول علاقات القوى القائمة بين المسلمين والمسيحيين في البلاد وحول ارتفاع شأن وازدياد قوة الاصولية الاسلامية وبروز المسألة الطائفية، حيث تتمحور المخاوف بالمد الاسلامي وسيطرة الاسلاميين الاصوليين على زمام الامور والغاء مكان ووجود المسيحيين وبالتالي التسبب في هجرة ونزوح الكثير منهم وتناقص اعدادهم في البلاد. ما ارمي اليه تحديداً هي تلك المخاوف التي تساور الكثيرين في اعقاب العديد من الاحداث التي مرّت علينا في العقد والنصف الاخيرين على سبيل المثال لا للحصر: المشاكل الطائفية التي جرت في طرعان مروراً بشهاب الدين وانتهاءً بأحداث المغار الاليمة في اوائل العام 2005.

مشروع السلطة الاسرائيلية
عزيزي جواد ان هذه التوترات التي نجمت عن هذه الاحداث هي موجودة بالفعل ولا يُخفى عليك وعلى احد بانها نتاج لمشروع مُغذّى من قبل السلطة الاسرائيلية التي تتلذذ بسياسة فرق تسد، لكن بين التحوّط من العنصرية المحتملة وبين الكتابة التي، للوهلة الاولى، ترمز الى تأجيج الطائفية او التشريع لتأييد تفكير طائفي، هناك فجوة كبيرة، وللأسف، يا جواد، وقعت في هذا المطب، والواقع ان هذا الطرح يعكس ازمة لدى البعض وحيرتها ومخاوفها اكثر مما تعبرّ عن واقع ومخاطر قائمة بالفعل، فاذا نظرنا الى مكانة المسيحيين الفلسطينيين ابتداءً من عصبة التحرر الوطني وقيادة الحزب الشيوعي في الاربعينيات من القرن الماضي نجد بانهم كانوا ولا يزالون يتمتعون بمكانة اجتماعية مرموقة ويحظون بالاحترام ويتبوؤون مناصب مركزية في جميع مناحي الحياة وعلى جميع المستويات الاقتصادية والسياسية.

حرية المعتقدات
والقصد هنا ان المسيحيين مجموعة لها احترامها وتملك الحقوق وحرية المعتقدات وحرية المشاركة التامة في الحياة وليس هناك انتهاك لأي حقوق اساسية أياً كانت، لذلك اي نزوح للمسيحيين من هذه البلاد وتحديداً مسيحيي الـ48 هو برأيي ناتج عن عدم شعور بالانتماء لهذا المكان او عدم ثقة في هويتهم قائم لديهم ليس الاّ (علماً اننا لا نشهد في الفترة الاخيرة نزوحا كبيرا للمسيحيين من البلاد)، فعلى اية اسس تبني ادعاءاتك وعلى اية حاجة يُجيب هذا المطلب؟ واذا كان هنالك خطر فعلي على المسيحيين في البلاد كيف يساهم انتخاب رئيس بلدية مسيحي في الناصرة في الحفاظ على مكانة المسيحيين ويتسبب في عدم نزوحهم؟! وكيف من الممكن من رجل تقدمي ومتنوّر ان يطالب بانتخاب رئيس بلدية على اساس دينه وطائفته؟! ونحن الذين نطالب بتنصيب اصحاب الكفاءات والمهارات والمؤهلات ليخدموا بلدهم وشعبهم على اكمل وجه مع ضمان تمثيل لجميع المجموعات دون فارق لون دين او طائفة!!

خطر نشوء نظام اسلامي
ان خطر نشوء نظام اسلامي اصولي قائم بالفعل اليوم لكن ليس لان في ذلك اي حتمية سياسية، وانما بسبب تقصير القوى الديمقراطية وانعدام ثقتها بنفسها وعدم سعيها الى ان تطرح نفسها كبديل! فاذا تكاتفت القوى الديمقراطية العلمانية بما تشمله من افراد وهيئات ومنظمات تستطيع عندها مواجهة خصومها والتغلّب على الخطاب التقسيمي ألطائفي وبالتالي التغّلب على شعور الاقلية المسيحية بعدم الثقة بالنفس وفقدان الهوية. ان محاولات الاغلبية تكون عادة بفرض حضورها وثقافتها وهيمنتها ليس فقط على المسيحيين انما على كل مجموعة تعارضها فكرياً وعقائدياً ليصبح بهذا المسلم العلماني والمسيحي والدرزي العلماني في ذات المكانة.

العائلية والطائفية
لكن المهم ليس هؤلاء، ولا يحتاج العمل على فرض الديمقراطية العلمانية الى "انزلاق" البعض من افراد النخب الاجتماعية والثقافية الى هذا الخطاب ولا الى زرع مخاوف مبالغ بها ليكونوا بذلك يعملون بمبدأ "داوني بالتي كانت هي الداء"، يكفي التزام هذه النخب الوطنية والثقافية التي انفصلت عن عصبتيها العائلية والطائفية منذ زمن بعيد (وانا متأكدة انك واحد منهم) وفي التحول الى افراد احرار يوجه سلوكهم مبدأ فكري وقيم انسانية لا الانتماء لمجموعة او الولاء لزعامة دينية معينّة حتى يشق هذا الفكر طريقه ويعمل على احلال التغيير المجتمعي المنشود لنصنع بذلك التغيير السياسي.

اسئلة فلسفية تتعدى الناصرة
عزيزي جواد، لا اعلم عن اي اسئلة حاولت الاجابة واية قضايا حاولت الاثارة من خلال مقالتك هذه، لكن مما لا شك فيه مقالتك تشكّل محفزاً لنقاش معمّق تُطرح من خلاله اسئلة فلسفية تتعدى الناصرة وبلديتها وتتعدى كونها اسئلة تبسيطية حول الديناميكية القائمة بين المسلمين والمسيحيين في البلاد خاصة وفي الشرق عامة وحول دور المسلمين والمسيحين ومساهمتهم في حركات التحرر الوطني والقومي.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة